باريس، واشنطن – رويترز، أ ف ب - بدأت وجهات النظر التي ظلت لفترة طويلة متباعدة، وأحياناً متعارضة داخل مجموعة العشرين، في شأن قواعد إصلاح حقيقي لآليات الضبط المالي، تتقارب تدريجاً قبيل انعقاد قمة المجموعة الخميس في بيتسبرغ.واحتدم الجدال مع إثارة مسألة المكافآت المالية إلى مسؤولي الشركات في بداية آب (أغسطس)، اثر تصريحات وضعت اللبنة الأولى في هذا الاتجاه مع انعقاد الاجتماع المالي لمجموعة الدول الصناعية والناشئة الكبرى العشرين، بمشاركة وزراء المال ورؤساء المصارف المركزية في لندن (5 أيلول/سبتمبر الجاري). وتم التوصل إلى توافق في شأن مسائل الدفع المؤجل (للمضاربين لحساب المصارف) مع قسم من المكافأة في شكل أسهم، وإمكان الاقتطاع من السنوات التالية في حال تحقيق نتائج سلبية (عقوبة) وإرساء نظام ردع على المستوى الوطني. ويؤكد المنحى إلى التوافق، مشروع مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي (المركزي الأميركي)، الذي أشارت إليه الجمعة الماضي صحيفة «وول ستريت جورنال»، وهو يتيح ل «المركزي» الأميركي أن يكون له رأي في سياسات الأجور لدى المصارف. ومع ذلك فان اتخاذ قرار واضح بالحد من المكافآت المصرفية ليس موضع إجماع. ويستدعي ذلك دعماً صريحاً وشفافاً من مجلس الاستقرار المالي الذي ينتظر أن يصدر توصياته النافذة في هذا الشأن حتى يجد مفهوم الحد من المكافآت وربطها بمستوى النتائج، مكانه في قمة العشرين، حتى من دون الخوض في تحديد سقف معين. وقال مصدر مقرب من المفاوضات «هناك فرص جيدة للتوصل إلى نتيجة وإحراز تقدم واضح. هناك نظام تنافس بين المصارف لا يتيح قيام ثقة في ما بينها لجهة عدم السعي إلى استمالة مضاربين في البورصة». وتحدث عن وجوب «أن يكون هناك مزيد من الوضوح والدقة واعتماد توجيهات لمساعدتها على عدم الإفراط في مكافأة هؤلاء». ويعتقد أستاذ المال في جامعة دارتموث الأميركية انانت سوندارام، انه يمكن التوصل إلى اتفاق، ويتساءل عن نتائجه الملموسة في الواقع. ويقول: «سيكون من الصعب جداً تطبيقه في بيئة انغلو- سكسونية». وذكر انه سبق القيام بإصلاحات في شأن المكافآت في تسعينات القرن الماضي في الولاياتالمتحدة، لكن «لا شيء حدث في المؤسسات». وعلاوة عن المكافآت، تتفق أوروبا والولاياتالمتحدة على توسيع النقاش حول مجمل آليات الضبط المالي. واعتبر الأستاذ في «سترن سكول اوف بيزنس» في جامعة نيويورك توماس فيليبون: «أن المكافآت تشكل أعراض المرض غير أنها ليست سببه». وقال مصدر قريب من المفاوضات، إن الموضوع المركزي سيكون الأصول الخاصة بالمصارف، وهو «يشغل كثيراً الأميركيين» الراغبين في زيادة التشدد في هذا الشأن. غير أن أوروبيين كثيرين يعارضون الأمر خشية تطبيق المعايير الجديدة في شكل غير متكافئ، يمنح أفضلية للأميركيين نظراً إلى تطبيقهم قواعد محاسبة أقل تشدداً. وقال فيليبون: «إذا شكل تطبيق القواعد تمييزاً ضد المؤسسات الأوروبية فلن يكون مقبولاً»، معتبراً أن من الضروري «إجبار المصارف على حيازة رأس مال أكبر». وإذا كان موضوع أرصدة المصارف لا يزال موضع جدال، فإن توافقاً برز في شأن مواضيع مهمة أخرى مثل ضرورة توفير نسبة من السيولة، وجمع أرصدة خلال فترات الوفرة من أجل التصدي، في شكل أفضل للأزمات ووضع مذكرة لمعرفة تعهدات مصرفٍ يعاني صعوبات. ويرى فيليبون أن الأهم، قضية الأصول الخاصة بالمصارف، لأنها تتيح معالجة أفضل للكثير من المشكلات، لا سيما من أجل الحفاظ على السيولة لدى المصارف وتقليص المكافآت تلقائياً من خلال خفض الربح جراء العمليات في السوق المالية. وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الأحد الماضي، انه سيحث زعماء العالم على إعادة رسم الاقتصاد العالمي، رداً على أعمق أزمة مالية شهدها العالم منذ عشرات السنين. وقال أوباما إن الاقتصاد الأميركي ينتعش حتى وإن كانت البطالة لا تزال مرتفعة، وحان الآن وقت إعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي بعد عقود من الاستهلاك الأميركي المفرط. وأضاف الرئيس الأميركي في مقابلة مع شبكة «سي أن أن» الإخبارية التلفزيونية: «لا يمكن أن نعود إلى عهد كان الصينيون أو الألمان أو دول أخرى يبيعون لنا فقط كل شيء ونحن نأخذ باقة من ديون بطاقات الائتمان أو قروض الأسهم الداخلية، لكننا لا نبيع أي شيء لهم». وتابع: «هذا جزء من سبب اجتماع مجموعة العشرين في بيتسبرغ وهو التأكد من وجود اقتصاد أكثر توازناً».