أثار الانفجار الذي وقع في قلب بيروت أمس واستهدف الوزير السابق محمد شطح مودياً بحياته، موجة استنكار لدى مختلف الأطراف السياسيين الذين أجمعوا على أنه عمل إرهابي يهدف إلى ضرب الاستقرار وإيقاع الفتنة بين اللبنانيين. وندد رئيس الجمهورية ميشال سليمان ب «الجريمة الإرهابية التي أودت بالشخصية الحوارية المعتدلة»، معتبراً أن «هذا العمل الجبان ومهما كانت الرسائل التي يحملها ويوجهها لن يزيد اللبنانيين إلا إصراراً على الحفاظ على بلدهم واحة سلام واستقرار وحوار في وجه الإرهابيين الذين لا يعرفون سوى القتل والتفجير والتخريب وسيلة لإثبات وجودهم». ودعا اللبنانيين، «قيادات ورأياً عاماً، إلى التضامن والتكاتف والمساعدة في تشكيل حكومة تتولى مسؤولياتها الوطنية في هذه المرحلة»، لافتاً إلى أن «استمرار الوضع على ما هو عليه يضع الجميع أمام مسؤولياتهم وأمام التاريخ الذي لا يرحم». وكان سليمان ألغى كل مواعيده وبقي على اتصال مع الوزراء المعنيين والمسؤولين العسكريين والأمنيين لمواكبة كل التفاصيل، والعمل من خلال المعطيات المتوافرة لمعرفة الفاعلين والمحرضين وسوقهم إلى العدالة. بري: لإيقاع الفتنة ورأى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن «جريمة الاغتيال تهدف إلى إبقاء لبنان في ساحة التوترات ومنع قيامة بلدنا، وهي حلقة في سلسلة لتحويل لبنان ساحة لتصفية الحسابات ومحاولة لإيقاع الفتنة بين طوائفه ومذاهبه». وحض الجميع «على اليقظة وزيادة عناصر الوحدة لحفظ لبنان بمواجهة الذين يستهدفونه». واتصل بكل من زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة معزياً. ميقاتي: استهدف لغة العقل وقطع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إجازته عائداً الى بيروت، بعد تلقيه نبأ الاغتيال. وقال: «ندين هذا الاغتيال الذي استهدف شخصية سياسية وأكاديمية معتدلة وراقية آمنت بالحوار ولغة العقل والمنطق وحق الاختلاف في الرأي. وندين كل أعمال العنف والقتل التي لا توصل إلا إلى المزيد من المآسي والخراب والإضرار بالوطن». وتشاور مع سليمان هاتفياً. وتلقى اتصالات من شخصيات عربية ودولية قدمت له تعازيها وعبرت عن تضامنها مع لبنان في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به. وأتصل بالحريري والسنيورة وعائلة شطح معزياً. ودان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام الجريمة، واصفاً إياها بأنها «عمل إرهابي يهدف إلى ضرب الاستقرار وإيقاع الفتنة بين اللبنانيين، ويستدعي منهم أقصى درجات الوحدة الوطنية».واعتبر في تصريح ان شطح «الأخ والصديق سقط شهيداً بيد الغدر التي امتدت إليه في قلب بيروت، في استعادة لمشهد الاغتيالات السياسية التي عانت منها البلاد في الأعوام الماضية. كان لبنانياً أصيلاً ذا فكر ثاقب وصاحب دور وطني وتوجه وسطي معتدل. كان مثالاً للشخصية الودودة المسالمة التي لم تقصر يوماً في مدّ اليد الى الآخر والتفاعل معه من أجل تحقيق المصلحة الوطنية». ورأى أن «اغتيال شطح والضحايا الأبرياء دليل على أن لبنان ما زال هدفاً للمؤامرة التي ترمي إلى ايقاع الفتنة بين أبنائه وهز أسس الاستقرار والأمان والوحدة الوطنية فيه». وشدد على وجوب «تفعيل المؤسسات السياسية الدستورية من خلال تشكيل حكومة المصلحة الوطنية التي تتصدى لحاجات البلاد بعيداً عن الصراع السياسي المستفحل، بما يسمح بعبور المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان والمنطقة». واتصل سلام بسليمان والحريري والسنيورة معزياً. وندد رئيس الحكومة السابق سليم الحص بالأعمال الإجرامية. وتمنى أن «يتوصل التحقيق إلى تحديد هوية الجناة كي يخضعوا إلى المحاسبة»، محذراً من «استغلال هذه الإعمال الإجرامية لإثارة الفتن والتحريض». جنبلاط: المواجهة بالهدوء واعتبر رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط الذي اتصل بالحريري معزياً، في تصريح أن «اغتيال شطح رسالة شديدة السلبية الى كل المعتدلين والعقلاء من المفترض أن تواجه بمزيد من الاعتدال والعقلانية». وقال: «ها هو الإرهاب يضرب مجدداً حاصداً هذه المرة شخصية مرموقة ورجلاً من رجالات الدولة الذي لطالما تميز باعتماده لغة الحوار والعقلانية والاعتدال مصراً على ضرورة استمرار التواصل بين اللبنانيين مهما تعمقت الخلافات في ما بينهم». وأضاف: «إن هذا المسلسل الإجرامي المتنقل بين الضاحية الجنوبية وطرابلس والسفارة الايرانية واستهدف اليوم الوزير شطح، يؤكد أن الإرهاب لا يميز في استهدافاته وانفجاراته، وأن مواجهته تكون بالهدوء والتعقل كما كان ينادي الوزير الشهيد وتحصين المؤسسات الأمنية لتقوم بدورها في حماية الاستقرار والسلم الاهلي». جعجع: اغتيال الاعتدال ونعى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «صديقاً ورفيقاً ورجلاً نبيلاً راقياً ومثقفاً لن نجد كل يوم مثيلاً له». وقال جعجع في بيان تلاه في معراب أمام شخصيات وكوادر قواتية: «إن اغتيال محمد شطح رمز الاعتدال والكلمة والفكر والحوار، يضاعف الأسئلة حول المدى الذي بلغه ضيق صدر أهل الهيمنة والإلغاء بالقوة والاستقواء»، سائلاً: «ألهذه الدرجة أزعجهم؟ أهكذا يحاربون التكفيريين من يدّعون التباكي على ضحايا التكفيريين؟ هل مثل هذا الاغتيال يستولد محمد شطح ثانياً أم أبو محمد الجولاني آخر؟ ما هو ذنبه؟ ولماذا هو بالذات؟ هل لأنه معتدل وصاحب حجة ومنطق؟ أم أن الحقد أعمى أصحابه فباتوا لا يميزون، وجلُّ همهم تنفيذ التهديد والتهويل بمن توافر؟». وأضاف: «قتلوا رجل الأخلاق والاستقامة والكلمة والمبادئ، لكنهم بقتله تمادوا كثيراً، لن نلين ولن نتراجع في لعبة الإلغاء الجسدي والتهويل المعنوي». وشدد على «أن اغتيال شطح لا يمكن التعاطي معه كجريمة منفردة ومعزولة في الزمان والمكان، إنه جريمة نفذتها أيد محترفة وتندرج في سياق مسلسل الاغتيالات التي تستهدف قادة 14 آذار ورموزها». وقال: «سقط شطح شهيداً جديداً لثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال، ومع ذلك لا يمكن أن نتعاطى مع هذه الجريمة على قاعدة إحصاء الشهداء والخوف من المزيد، بل على قاعدة المزيد من الصمود والتماسك والإصرار على مواجهة القتل والشر. لن نسمح للقتلة بأن أن يؤثّروا علينا. إن مواجهتنا معهم مفتوحة وثورة الأرز مستمرة حتى قيامة لبنان، وحتى نستعيد الوطن والدولة والمؤسسات، وحتى تستقيم الحياة السياسية الديموقراطية وينكفئ منطق التهديد بالشلل والخراب والفتنة وضرب الدستور والمؤسسات الدستورية، ومنطق الاغتيال والإلغاء الجسدي عند الحاجة». ولفت الى أنه «آن الأوان للتمييز بين المؤمنين الفعليين بالاعتدال والانفتاح والعيش المشترك واحترام الآخر والتنوع والتعددية، وبين من يدّعون ذلك شكلاً، ويمارسون فعلاً كل صنوف الإلغاء والقمع والتدمير والتصفية. هم يعتقدون بأنهم أصابوا في هذه العملية جملة أهداف، مع اقتراب بدء المحاكمات في المحكمة الدولية، ومع تصاعد الإلحاح لتشكيل الحكومة العتيدة، واقتراب الاستحقاق الرئاسي، وصولاً إلى مؤتمر «جنيف 2» لكنهم مخطئون. لن نسمح بسقوط الدولة والمؤسسات، سواء بالشلل كما في المجلس النيابي، أم بالتعطيل كما في الحكومة، أم بالفراغ والتركيبات الملغومة في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، المواجهة اليوم لا تختلف عن المواجهة مع بداية مسلسل الاغتيالات والتفجيرات، فما يراه الآخرون محاولة للإجهاز على ثورة الأرز و14 آذار، نراه مدعاة لتجديد انتفاضة الاستقلال». ودانت النائب بهية الحريري في بيان الجريمة، معتبرة انها «تشكل فصلاً جديداً من فصول الإجرام والإرهاب الذي يتعرض له لبنان منذ عام 2005، ومن يقف وراء هذه الجريمة النكراء هو نفسه من اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبقية الشهداء، والاغتيال اليوم رسالة دموية تستهدف رؤية ونهج رفيق الحريري ممثلاً بالرئيس سعد الحريري و «لبنان أولاً»، لما يمثل الشهيد شطح من رمز لهذه الرؤية ولهذا النهج». ورأى منسق «اللجنة المركزية» في حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل «انهم اغتالوا رمز الاعتدال في لبنان»، معتبراً ان شطح «من القلائل الذين كانوا يطالبون بالحوار وكان مؤمناً به». ولفت إلى أن «شقيق الوزير الشهيد يحمل بطاقة كتائبية وهذا دليل على اعتدال هذه العائلة وتخطيها الحواجز الطائفية». ورأى نائب «الجماعة الاسلامية» عماد الحوت أن «هذا التفجير يؤشر إلى المصدر الحقيقي للإرهاب في البلد والمنطقة، وهو الإرهاب الذي قام بكل الاغتيالات السابقة ومعظم التفجيرات على الساحة اللبنانية، ويستهدف الاستقرار والأمن والإيقاع بين أبنائه». ووصف مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في بيان الاغتيال بأنه «إعلان إجرامي عن بداية تفجير لبنان، ويعزز المخاوف الكبيرة من سقوط لبنان المريع في حمى القتل والتدمير في المنطقة العربية»، داعياً الى «عملية إنقاذيه غير خلافية للبنان». واعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي وفق بيان مكتبه الاعلامي أن «باغتيال الوزير شطح خسر لبنان وجهاً مشرقاً من الفهم والاعتدال ومحبة الوطن كياناً وشعباً ومؤسسات»، متوجهاً بالتعزية الى «عائلة الشهيد وتيار المستقبل وعائلات الشهداء الذين طالتهم يد الغدر». ودعا الى رفع الصلوات. ورأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان في خطبة الجمعة أن «هذا التفجير فيه الكثير من التحدي والشر والمنكر»، مطالباً المسؤولين بأن «يقفوا بالمرصاد لكل عناصر الفتنة والتفجير والمشاكل». وقال: «علينا جميعاً ان نكون في خندق المواجهة ضد التحديات والمؤامرات والغزو الارهابي الذي يصطاد انساننا». واعتبر رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار في تصريح أن «التفجيرات الإرهابية المتنقلة تستدعي التكاتف والتضامن لمواجهة هذه الموجة الإرهابية ومحاصرتها، وبالتالي إحباط المخطط الهادف إلى إغراق لبنان في الفتنة والفوضى». ونبه عميد حزب «الكتلة الوطنية» كارلوس إده الى ان «عدم محاسبة الفاعلين وتجهيلهم وسكوت فئة لبنانية عن هذه الطريقة في الإلغاء السياسي أعطت الضوء الأخضر لمتابعة هذا المسلسل الجهنمي». ورأى حزب «الطاشناق» في بيان، أن «من شأن هذا الاغتيال استهداف الاستقرار والامن في لبنان واستهداف جميع اللبنانيين».