واصلت السينما المصرية تعثرها الفني في عام 2013 بجدارة، إذ لم تشهد دور العرض إلا قليلاً من الأفلام الجيدة مقابل عودة مدوية لما يعرف بأفلام المقاولات التي كانت منتشرة في ثمانينات القرن الماضي، وكانت تعتمد على الراقصات ومطربي الأغنية الشعبية. في المقابل، كان لتجارب السينمائيين الجدد حضور لافت بعيداً من منافسة شباك التذاكر وتمثلت هذه التجارب في مولد مخرجتين جديدتين مع فيلمي «عشم» لماجي مرجان و «هرج ومرج» لنادين خان وتجربة جديدة لإبراهيم البطوط مع فيلم «الشتا اللي فات». وهذه الأفلام هي التي حفظت ماء وجه السينما المصرية في المهرجانات خلال عام 2013 على رغم عدم تحقيقها إيرادات في شباك التذاكر داخل مصر، إلا أنها كانت من أبرز الأفلام التي لفتت نظر النقاد. ماذا قدم صناع السينما المصرية للجمهور في العام المنقضي؟ سنجد اختفاءً شبه تام لسوبر ستار السينما المصرية حيث تغيّب عن المنافسة عادل أمام ومحمد هنيدي وكريم عبدالعزيز وأحمد السقا، بينما ظهر على استحياء أحمد حلمي بفيلم «على جثتي» وهو من أكثر تجاربه تواضعاً على المستوى الفني وعلى مستوى الإيرادات التي لم تزد على 15 مليون جنيه وهي أقل من إيرادات نجم الكوميديا المعتادة ولم يكن نصيب أحمد عز وفيلمه «الحفلة» أكثر حظاً إذ لم تتجاوز إيراداته حاجز ال9 ملايين جنيه ولا يزال عز يدور في فلك الأفلام البوليسية والتشويق والتي حقق أكبر نجاحاته معها خلال فيلمه الشهير «ملاكي إسكندرية»، ونادراً ما نجده يخرج عن هذه النوعية مما يؤثر في جماهيريته مستقبلاً في شكل لافت. ومعه من نجوم الشباك، عاد محمد سعد بفيلم «تتح» الذي لم يخرج به أيضاً فنياً عن دائرة أفلامه المعتادة منذ ظهر كبطل فكان في دوره الجديد أشبه بتكرار ل «اللمبي» و«عوكل» و «كركر»!. وحقق إيرادات متوسطة أيضاً بلغت نحو 12 مليون جنيه حفظت ل «اللمبي» وجوده في السينما المصرية. في المقابل أخفق للمرة الثانية على التوالي نجم كوميدي كان صاعداً بقوة وهو أحمد مكي، بفيلم «سمير أبو النيل» الذي لم يحقق سوى نحو 9 ملايين جنيه إلى جانب تواضع الفيلم على المستوى الفني! وهو ما يضعه في مأزق خلال الفترة المقبلة. كذلك فشل أحد نجوم الكوميديا هاني رمزي في تحقيق إيرادات كبيرة بفيلمه الجديد «توم وجيمي» وهو استنساخ لفيلمه الشهير «غبي منه فيه» ولم يكسر حاجز الثلاثة ملايين جنيه. ظاهرة مفاجئة هذه هي النتائج التي حققها نجوم الشباك في الأعوام الأخيرة للسينما المصرية. ولكن الأمر لم يخل من مفاجأة في شباك التذاكر اعتاد عليها صناع السينما المصرية منذ ظهور النجوم الجدد فظهر هذا العام نجم جديد وبطل شعبي في السينما المصرية هو محمد رمضان، والذي واصل تفوقه في شباك التذاكر بفيلمه الجديد «قلب الأسد» وعلى رغم تواضع الفيلم الفني أيضاً إلا أنه حقق أعلى إيرادات العام وبلغت نحو 18 مليون جنيه. وعلى رغم أنها تقل عما كان حققه بفيلمه السابق «عبده موته» إلا أنه حافظت على مكانه الجديد بين نجوم شباك هوليوود الشرق وأصبحت أفلامه ظاهرة تشغل بال المنتجين بعد تحقيقه إيرادات تنافس كبار نجوم الشباك وتتفوق على معظمهم ولكنه في الوقت نفسه يواجه هجوم شديد من النقاد لاتهامه بتجسيد شخصيات البلطجي والإصرار عليها؟! على رغم امتلاكه لموهبة تمثيلية كبيرة ويسعى رمضان خلال الفترة المقبلة لتقديم شخصيات مغايرة تخرج به من هذه العباءة. ومن التجارب السينمائية اللافتة فيلم النجمين خالد صالح وخالد الصاوي «الحرامي والعبيط» لمحمد مصطفى وهي تجربة نادرة للبطولات المشتركة بين نجوم السينما المصرية وحققت إيرادات «معقولة» تجاوزت ثلاثة ملايين جنيه. وأبرز فيها البطلان قدرات كبيرة في التمثيل وبالذات خالد صالح في شخصية «العبيط»، وهو النجم الوحيد الذي قدم فيلمين هذا العام فظهر أيضاً مع تجربة جيدة فنياً للمخرج الموهوب محمد أمين وفيلمه «فبراير الأسود» وهو كوميديا سوداء يتحدث عن الفترة الحالية والظرف التاريخي الذي تعيشه مصر. تيمة سحرية وبما أن الرقص والغناء حققا أخيراً نجاحاً جماهيرياً كبيراً اتجه إلى نفس الخلطة السحرية الكثير من صناع السينما المصرية في ظل غياب المنتجين الكبار وخوفهم من المجازفة في ظل الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة فسيطر على معظم إنتاج 2013 تيار سينمائي يتصدره آل السبكي ومقلدوهم في ما يقدمون، ليظهر سيل من الأفلام يتشابه في المضمون والأبطال وكل شيء. وتتصدر الرقصات وغناء الفرق الشعبية الجديدة إعلانات أفلامهم ومنها على سبيل المثال «عش البلبل» و «متعب وشادية» و «8 %» و«القشاش» واللافت أن إحدى الراقصات شغلت بال الجماهير والإعلام لمشاركتها برقصة على أغنية الراحل الكبير وديع الصافي «على رمش عيونها» وأخذت الأضواء من جميع نجمات السينما المصرية؟!! من الظواهر اللافتة أيضاً ظهور عدد من الأفلام لبطلات الصف الثاني مثل راندا البحيري وعلا غانم ومي كساب وحورية فرغلي وإيمي سمير غانم واختفاء نجمات السينما المصرية في سنواتها الأخيرة فلم تظهر سوى غادة عادل من خلال فيلم «على جثتي». أما أكثر الفنانات ظهوراً فهما روبي وراندا البحيري برصيد فيلمين لكل منهما، وحورية فرغلي بثلاثة أفلام. وعلى مستوى النجوم منحت البطولة للمرة الأولى لكل من محمد فراج في فيلم «القشاش» وكريم محمود عبدالعزيز في فيلم «عش البلبل». أخيراً، استمر تراجع إيرادات السينما المصرية عما كان معتاداً قبل ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، والتي كانت تصل لنحو 250 مليون جنيه وانخفضت في الأعوام التالية بنسبة تصل 40 في المئة هذا العام. وكانت آخر الإيرادات الكبيرة في عام 2010 وبلغت نحو 240 مليون جنيه وواصلت انخفاضها عقب ثورة 25 كانون الثاني 2011 لتصل إلى النصف تقريباً ولم تحقق الأرقام نفسها مرة أخرى على رغم أنها ارتفعت في عام 2012 إلى نحو 190 مليون جنيه بفضل وجود أفلام السوبر ستار أحمد السقا ومحمد هنيدي وأحمد عز، ولكنها عادت للانخفاض مرة أخرى هذا العام لضعف الإنتاج المعروض وابتعاد نجوم الشباك! لتزيد قليلاً على 100 مليون جنيه، وبالتأكيد كان لفرض حظر التجوال وأوضاع السياسية المضطربة أثر بالغ في الإنتاج. بقي أن نشير أخيراً إلى أن نهاية عام 2013، زفّت خبراً ساراً للسينما المصرية بعودة المخرج المبدع محمد خان إلى الشاشة الكبيرة بفيلم «فتاة المصنع» وفوزه بجائزة أفضل ممثلة وجائزة «فابريسي» للصحافة الدولية كأفضل فيلم.