أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ستواجه «الدرع الصاروخية الأميركية» لأنها «تهدد ترسانتا النووية»، لكنه تجنب تصعيد لهجته تجاه الغرب، معلناً إنه لم يتخذ قراراً نهائياً في شأن نشر صواريخ روسية على الحدود مع أوروبا. كما أشاد بنجاح «الجهود المشتركة» في دفع ملفات حيوية مثل سورية و»النووي» الإيراني. ولم يتطرق بوتين كثيراً في مؤتمره الصحافي السنوي الى القضايا الدولية، وأجاب خلال حديثه الذي امتد أكثر من أربع ساعات على عشرات الأسئلة عن الهموم الداخلية لروسيا والأوضاع المعيشية الصعبة، خصوصاً في الأقاليم. وعكست غالبية الأسئلة التي وجهّها صحافيون قدموا من كل الأقاليم والمناطق عدم اكتراث المجتمع الروسي كثيراً بشؤون السياسة الخارجية والصراعات في العالم. وغابت سورية تماماً عن أسئلة الحضور بينما كانت الأسئلة الموجهة حول ملفات، مثل العلاقة مع إيران والتطورات الجارية داخل البلد الجار أوكرانيا ومسألة الدرع الصاروخية الأميركية، محدودة جداً. وعرض بوتين في شكل سريع ل «انجازات العام»، معلناً نمو الاقتصاد الروسي بنسبة 1,5 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وتراجع معدل التضخم فيه من 6,6 الى 6,1 في المئة. وأكد ان «روسيا ساهمت بقوة في الدفع باتجاه حلول لمشكلات دولية كبيرة، بينها الكيماوي السوري وملف ايران النووي، لكننا لم نكن وحدنا، ولولا عملنا المشترك مع الاصدقاء الأميركيين والاوروبيين والصينيين لاستحال تحقيقنا نتائج». وتابع: «من الضروري الاستمرار بهذه الوتيرة في 2014، وبروح العمل المشترك مع الاصدقاء تحت مظلة الأممالمتحدة، صاحبة الدور الرئيس». وفي شأن الملفات الخلافية، انتقد بوتين «اصدقاء يتحدثون الآن عن نشر موسكو صواريخ في كاليننغراد رداً على الدرع، في حين كان يجب ان يتجنبوا عملاً يستدعي رداً من الآخرين». وطمأن الأوروبيين إلى أنه «لم يحسم قرار نشر الصواريخ»، لكنه حذر من أن بلاده ما زالت تعتبر «الدرع الأميركية» تهديداً لأمنها وخطراً على ترسانتها النووية، «لذا سنعمل على مواجهتها بكل امكاناتنا، علماً ان صواريخ اسكندر التي نشرناها على الحدود الأوروبية أخيراً ليست الخيارات الوحيدة الفاعلة للرد على التهديدات». ولفت الرئيس الروسي إلى ظهور تهديدات جديدة في اوروبا، بينها الأسلحة التكتيكية النووية الأميركية التي «لا يتحكم الأوروبيون بها». ورداً على سؤال حول علاقته بنظيره الأميركي باراك اوباما بعد منح روسيا حق اللجوء للمتقاعد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية ادوارد سنودن الذي كشف برامج تجسس سرية للوكالة، قال بوتين: «أحسده (أوباما)، لأنه يستطيع أن يكون طرفاً في فضيحة تجسس من دون أن ينتظر عواقب». واعتبر أن التجسس «أحد أقدم المهن في العالم. وهو ضروري لمحاربة الإرهاب، لكن يجب وضع ضوابط له تضمن كبح شهية رجال الاستخبارات». ونفى لقاءه سنودن «لكنني لا أخفي أنه شخص مثير للاهتمام، وغيّر تفكير كثيرين بينهم سياسيون، لكنني أستغرب كيف اتخذ قراره، وأين ينوي أن يسكن ويُمضي حياته»؟ اوكرانيا وبالانتقال الى الوضع في اوكرانيا، اكد بوتين ان موسكو سعت عبر تقديمها معونة 15 بليون دولار لكييف الى «مساعدة جار يواجه أزمة اقتصادية». وتحدث عن «تاريخ ومصالح» تربط العلاقات بين البلدين، مستنكراً تصريحات سياسيين غربيين حول محاولة روسيا إبعاد اوكرانيا عن المسار الأوروبي. كما انتقد اطلاق المعارضة الأوكرانية احتجاجات ضد الحكومة لأنها رفضت توقيع اتفاق شراكة تجارية مع الاتحاد الأوروبي، وقال: «كان يمكن ان توقع المعارضة الاتفاق لدى تربعها على الحكم، لكنها ادركت صعوبة الموقف بالنسبة الى الاقتصاد الأوكراني، ما يعني أن ثمة محاولات لاستثمار هذا الملف لخدمة مصالح سياسية داخلية». وحول العلاقة مع إيران، اكد الرئيس الروسي أن بلاده تسعى الى «تطوير العلاقات على كل المحاور مع شريك بارز لنا». واعتبر أن توقيع الاتفاق بين طهران والدول الست الكبرى «حصل بفضل براغماتية ومرونة الادارة الأميركية»، مشيراً إلى «ان الكونغرس الأميركي يمارس ضغوطاً كبيرة على الادارة تستند الى موقف إسرائيل». وكرر بوتين تمسك روسيا بضرورة «مراعاة أمن كل الأطراف، وبينها إسرائيل، أثناء التقدم في الملف النووي الإيراني. والعمل المطلوب هو محاولة تقريب المواقف بين طهران وإسرائيل، لذا يجب فهم نقاط الخلاف الأساسية ومحاولة تقليصها»، مشدداً على أن اسلوب فرض العقوبات ليس مجدياً، في اشارة إلى عقوبات أقرّها الكونغرس أخيراً على مؤسسات إيرانية. على صعيد آخر، أطاحت فضيحة فساد تفجرت قبل شهور في وزارة الدفاع الروسية بجنرال بارز جديد هو القائد العام للقوات البرية الروسية الجنرال فلاديمير تشيركين الذي اعفاه بوتين من مسؤولياته. وجاء القرار بعد اتهام ادارة التحقيقات العسكرية الجنرال بتلقي رشاوى بين عامي 2010 و2012 من أجل غض النظر عن عمليات فساد واسعة في الوزارة. وكان بوتين أقال في وقت سابق وزير الدفاع أناتولي سيرديوكوف الذي يخضع لتحقيق حالياً، بعدما اتهمته النيابة العامة بالتستر على الفساد.