بعد أحداث أي شغب عظيم في أي من مباريات كرة القدم، يتبنى كل مشجع رياضي عقلاني قبل أن يخلد إلى النوم فكرة بسيطة تعيد إليه ثقته بقيمة الرياضة، وهي أن أطراف الشغب باتوا على قناعة بسلبية ما فعلوه، وندموا أشد الندم على ما بدر منهم، وأنهم ينتظرون أقرب فرصة لغسل أخطاء الماضي. ظنك سيخيب إن كنت قد تبنيت الفكرة ذاتها في قضية الشغب الآسيوي الشهيرة التي تلت لقاء إياب نصف نهائي دوري أبطال آسيا العام 2012 بين الغريمين الأهلي والاتحاد، والتي أشعل فتيلها اللاعبان إبراهيم هزازي الذي يلعب اليوم للاتفاق ومنصور الحربي الذي ما زال يمثل الأهلي، فالاثنان أعادا إلى الأذهان ذكريات العراك والضرب في لقاء الفريقين يوم الجمعة الماضي في الدمام، تصرفات الحربي وهزازي غير المسؤولة شوهت لقاء الاتفاق والأهلي في ختام مباريات الفريقين في الدور الأول، إذ بدأت شرارة الأحداث قبل المباراة عندما تجاهل منصور الحربي مصافحة زميله إبراهيم هزازي ما رسم أكثر من علامة استفهام عند الرياضيين كافة وخصوصاً أن اللاعبين تصالحا العام الماضي لتنتهي فصول القضية على الأقل بحسب ما اعتقده السواد الأعظم، ضربة كوع في أول كرة مشتركه بين اللاعبين انهارت بها أوهام العلاقة الطيبة بين اللاعبين. الحكم صالح الهذلول لم ينجح في التعاطي مع الموقف الذي حدث على مرأى منه فاتخذ قراراً معاكساً باحتساب الخطأ لمصلحة هزازي من دون أن يتحصل على بطاقة نتيجة الاشتراك العنيف. دقائق معدودة مرت قبل أن ينتقم الحربي لنفسه ب«انبراشة» خطرة كشفت عن تعمد الإيذاء كادت أن تنهي مسيرة هزازي الكروية، ليسارع الهذلول بإشهار البطاقة الحمراء في وجه اللاعب وسط استياء الرياضيين كافة من الحركة واستهجانهم تصرف منصور الحربي، وقبلهم مدربه البرتغالي فيتور بيريرا الذي ردد كلمات ساخنة تجاه لاعبه المطرود بوجه يشتاط غضباً، ويعتصر ألماً وخصوصاً أن الطرد جاء في الدقيقة ال24 من أحداث الشوط الأول، ما أسهم في خسارة فريقه بهدفين من دون رد حضرا بعد الطرد مباشرة في ظل النقص العددي، ليأتي رد الفعل الأهم من رئيس الأهلي الأمير فهد بن خالد الذي استنكر تصرف منصور الحربي وانتقده بشدة بعد نهاية اللقاء، فيما سارعت لجنة الانضباط أول من أمس إلى إيقاف هزازي مباراتين وتغريمه عشرة آلاف ريال. يذكر أن وساطات قام بها المشرف السابق على الكرة في الأهلي طارق كيال وأسامة هوساوي من الجانب الأهلاوي، وسعود كريري وأسامة المولد من الجانب الاتحادي للصلح بين الحربي وهزازي في العام الماضي قبل مباراة الفريقين في الدوري، وتعانق اللاعبان وسط تشجيع الجماهير الكبيرة لينهيا فصول الحدث الآسيوي، بيد أن حادثة الدمام أكدت للرياضيين أن الخلافات لا تنتهي ب«مسرحيات صلح مزيف» وأن الشحن مازال يتحكم في مواجهاتهما بعضهما في المباريات التي يشاركان فيها في المسابقات الرياضية الكروية كافة.