لعبت إيران مع السعودية مباراة كبيرة، بدءاً من توجهات الخبر التي أتت من قلب إيران، وحتى توفير المأوى والأمن لكل عناصر القاعدة الكبرى في مقابل عمليات داخل السعودية، وانتهاء بالكشف عن العناصر ال12 على الحدود الجنوبية وأهدافهم المدعومة إيرانياً. بالطبع سيخرج علينا من أبناء جلدتنا من يعيب علينا هذا التحليل المبني على معلومات واضحة ودقيقة، وسيتناسون أنهم الأصوات نفسها التي عابت علينا من قبل، الربط بين تنظيم القاعدة وإيران بحجة الخلاف المذهبي، بين إيران الشيعية صاحبة نظرية ولاية الفقيه، والقاعدة السنية صاحبة نظرية الخلافة الإسلامية، لم يفكر هؤلاء للحظة ولم يدر في خلدهم آنذاك، كما سيفعلون اليوم وغداً، أن السياسة تختلف عن المذاهب وأن إيران لا تعرف غير مصالحها السياسية والاستراتيجية، وأنها ستسعى بكل ما أوتيت من قوة لتحقيقها، ولو أدى هذا إلى التخطيط لضرب مصالح مصرية أو سعودية، بدعوى أن الدولتين تشكلان عائقاً أمام الطموحات الإيرانية لتزعم المنطقة ودخول النادي النووي. وحتى عندما تكشفت تلك العلاقة في شكل جلي للقاصي والداني، رفض بعضهم الاعتراف بها، وتحدث آخرون عنها كبديهيات من دون خجل أو وجل أو اعتذار. وأخيراً، فإن المواجهة الإيرانية الخشنة مع السعودية، واستخدام حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وشيعة الخليج ربما في ما بعد لن ينفع إيران بشيء، بل على العكس سيزيد من عمق أزمتها، وسيوسع من دائرة المواجهة معها، والأيام المقبلة حبلى، ربما بما لم تكن تتوقعه طهران ولا عملاؤها في المنطقة. إيران تريد دول الخليج، وتريد زعزعة الاستقرار في مصر حتى لا تقف مع أشقائها في الخليج، لأن مصر والسعودية قوتان تقفان حجر عثرة أمام طموحات إيران التوسعية، لفرض المذهب الشيعي على المنطقة وإحياء حلم إمبراطورية فارس التي قضي عليها. إيران تريد تفتيت العرب أكثر مما هم فيه، ولا تريد لهم الخير، هذا لا جدال فيه. ما يجري هو بسبب قلة الحيلة والخبرة، وفوق كل هذا وذاك مرض الضعف العربي المستشري في جميع الأقطار العربية. لكن إذا بقي العرب على هذا الحال من الضعف وقلة الخبرة، فإن الاستعمار آت لا محال وإلى عقر دارنا، لكي يحكمونا من جديد في شكل مباشر، لكن هل هناك من آذان صاغية، بالطبع «لا»! لأن الجميع لا يأبه. الصراع العربي الإيراني يدخل اليوم منعطفاً خطراً، فإيران أخطأت خطأ استراتيجياً عندما أصبحت في مواجهة مباشرة مع العرب، بعدما كانت تلعب من بعيد، وبالتالي سينعكس هذا على جميع ساحات المواجهة من العراق إلى لبنان، وستعيد مصر والسعودية ترتيب أوراقهما في كل ساحات الصراع. نزار عبداللطيف بنجابي - جدة [email protected]