أخذت نسبة التفاؤل في إمكان الوصول الى ائتلاف انتخابي في طرابلس تتراجع تدريجياً جراء بروز عقد جديدة بعضها قابل للحل، والآخر يواجه صعوبة في الاستجابة له. ولم تنقطع الاتصالات بين رئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ووزير الاقتصاد محمد الصفدي، في محاولة لإنقاذ التحالف في اللحظة الأخيرة وقبل فوات الأوان. وفي معلومات «الحياة» أن المفاوضات المتنقلة بين الحريري وميقاتي والصفدي توصلت بشق النفس الى التفاهم على الإطار العام لتركيب التحالف بينهم لخوض الانتخابات النيابية على لائحة موحدة في طرابلس مع أنها أدت الى استبعاد المرشح الماروني النائب السابق جان عبيد والنائب مصباح الأحدب عنها خلافاً للمزاج الشعبي الطرابلسي الداعم لوجودهما على اللائحة الائتلافية، بحسب قول بعض الأوساط في المدينة. فالمفاوضات قادت الى الاتفاق على أسماء المرشحين كالآتي: عن السنّة نجيب ميقاتي، سمير الجسر، محمد الصفدي، محمد كبارة وأحمد كرامي. عن الموارنة الكتائبي سامر جورج سعادة. عن الأرثوذكس روبير موريس فاضل وعن العلويين النائب بدر ونوس، لكن الصفدي عاد وطالب بالنقيب السابق لمحامي الشمال فادي غنطوس بدلاً من فاضل بذريعة أن في اللائحة مرشحين لتيار «المستقبل» ومقعدين لميقاتي. إلا أن طلب الصفدي قوبل برفض من الآخرين، علماً أنه يصنف ترشيح فاضل من حصة حليفه السابق النائب كبارة الذي انقلب عليه ولم تنجح الجهود في اعادة العلاقة بينهما الى مجراها الطبيعي. ويبدو أن لا نيّة لدى الحريري وميقاتي في الاستجابة لرغبة الصفدي الذي تردد أنه يهدد بالانسحاب من الائتلاف لتحسين شروطه. كما أن تركيب نواة اللائحة الائتلافية أحدث ارباكاً داخل الجمهور الواسع المؤيد لتيار «المستقبل» في طرابلس، ليس بسبب استبعاد عبيد والأحدب فحسب، وإنما لشعور المناصرين بأنه سيكون الحلقة الأضعف في اللائحة في ضوء محاولة البعض تحميله مسؤولية عدم التعاون معهما، وبالتالي أن ينعكس التعاطف معهما موقفاً سلبياً ضد «المستقبل»، وضد سعادة الذي أحضر من البترون لخوض الانتخابات من أجل ترتيب العلاقة بين حزبي الكتائب و «القوات اللبنانية» حيث سُحب لمصلحة النائب انطوان زهرا الذي سيترشح على لائحة النائب بطرس حرب. وتشهد المعادلة الطرابلسية محاولة جادة لإعادة خلط الأوراق في شأن التحالفات. وتقول مصادر الرئيس السابق عمر كرامي أن خصومه يواجهون صعوبة في الوصول الى صيغة للتعاون الانتخابي وأن التوافق بينهم، وإنْ حصل، سيفقدهم الحد الأدنى من الانسجام وبالتالي يمكن أن يدفع ببعض قادة الناخبين في هذا التحالف الى اعداد اللوائح الخاصة به لتوزيعها على نطاق ضيق على محازبيهم ما يتعارض ومضمون الائتلاف. وعليه فإن كرامي - بحسب المصادر - يرى أن الأجواء أكثر من مناسبة لتشكيل لائحة غير مكتملة ينطلق فيها من تبني ترشيح خلدون الشريف ونبيل العرجة عن السنّة، وبذلك يبقي على الباب مفتوحاً أمام الائتلاف مع رئيس حزب الطليعة النائب السابق عبدالمجيد الرافعي وآخرين. وتضيف - المصادر نفسها - أن لكرامي علاقة جيدة مع المجموعات الاسلامية التي يمكن أن تتوافق على مرشح يضمه الى لائحته خصوصاً أن الشيخ بلال سعيد شعبان تقدم بطلب ترشحه عن المقعد السني الى جانب آخرين ممن يمكن التعاون معهم. وترى أوساط مطلعة أنه يصعب فرط مشروع الائتلاف بين الحريري وميقاتي والصفدي لأن هذا سيرتب على الطرف المعرقل للتحالف ردود فعل سلبية في الشارع الطرابلسي وسينعكس على تأليف اللائحة الائتلافية في دائرة الضنية - المنية. كما أن النائب الحريري الذي كان توافق قبل أشهر مع ميقاتي على التحالف ولعب دوراً في ضم الصفدي اليهما، سيضطر الى مراجعة حساباته لأن حرصه على وحدة قوى 14 آذار اضطره الى تقديم كل التسهيلات التي كانت وراء قراره التضحية بعدد من النواب الحاليين في أكثر من دائرة انتخابية لقطع الطريق على الرهان على أن الأكثرية لن تكون قادرة على ترميم أوضاعها الداخلية للعودة بقوة الى البرلمان الجديد. ويتوقع المراقبون للمفاوضات الجارية في شأن تركيب اللوائح سواء على صعيد 14 آذار أم المعارضة أن تتوضح الرؤية مع انحسار مفعول الغبار الانتخابي فور انتهاء مهلة الترشح عند منتصف ليل أمس والدخول في مشاورات جدية بعيداً من المناورات لاستكمال تركيب اللوائح.