باريس - أ ف ب - يرى خبراء ان إعلان فرنسا انضمامها إلى مشروع خط أنابيب الغاز الذي تقوده روسيا «ساوث ستريم» سيؤدي إلى «إضعاف» المشروع الأوروبي المنافس «نابوكو» وعبره السياسة الأوروبية في مجال الطاقة، وسط صعوبات تواجهها أوروبا لاثبات حضورها في المجال الاستراتيجي. وأكدت المجموعة الحكومية الفرنسية «أو دي اف» نيتها الانضمام إلى «ساوث ستريم»، إلى جانب المجموعة الإيطالية «أو ان اي» والمجموعة الروسية «غازبروم»، بهدف نقل الغاز الروسي وغاز آسيا الوسطى إلى أوروبا. وينافس المشروع نظيره الأوروبي - التركي «نابوكو» الهادف إلى تقليص ارتهان أوروبا لروسيا على صعيد الغاز. واعتبر رئيس مجلس إدارة «أو دي اف» بيار غادوني ان «فكرة ان نكون إلى جانب الإيطاليين مع غازبروم هي خبر سار جداً على صعيد تنويع مصادر الإمداد»، مؤكداً بذلك ما أعلنته موسكو الثلثاء الماضي. وفي استباق لارتفاع كبير للطلب العالمي على الطاقة، تنوي الدول الأوروبية تنويع مصادر إمدادها بالغاز. وتعززت هذه النية في ضوء أزمة الشتاء الماضي بين روسيا وأوكرانيا التي تسببت بأزمة غاز أثرت في كثير من الدول الأوروبية. وتشكل روسيا مصدراً لربع الغاز الذي تستهلكه أوروبا، وتمر 80 في المئة من هذه الكمية عبر أوكرانيا. وتريد المفوضية الأوروبية ان تتبنى الدول الأعضاء موقفاً مشتركاً لإرساء استقرار في سوق متقلبة والوقوف في وجه روسيا. لكن المفوضية تصطدم بمصالح الصناعيين والدول. وشدد الناطق باسم المفوض الأوروبي للطاقة جان أرنولد فانوي خلال مؤتمر الغاز في ليون، على ان «نابوكو مختبر استثنائي» للسياسة الأوروبية في مجال الطاقة. لكنه استدرك بالقول: «ما دام البعض يعطون الأولوية لمصالحهم الخاصة، ليست ثمة فرصة للتحدث إلى شركائنا الخارجيين، وتالياً روسيا، بلهجة واحدة». وأكدت رئيسة مركز البحوث «كونفرونتاسيون أوروب» كلود فيشر ان «المنافسات تسلك منحى تصاعدياً وتهدد نابوكو. إنها معركة ضد كارتلات». واعتبرت كوليت ليوينر من مجلس إدارة المؤسسة الاستشارية «كاب جيميني» ان إعلان انضمام مجموعة حكومية فرنسية إلى مشروع «ساوث ستريم»، «يضعف نابوكو بالنسبة إلى المفوضية الأوروبية، حتى لو كان صحيحاً ان تركيا أبعدت مجموعة الغاز الفرنسية جي دي اف من نابوكو» على خلفية معارضة فرنسا لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وأقر مسؤول رفيع المستوى في قطاع الغاز في فرنسا رفض كشف هويته بأن ما حصل يشكل «ضربة للسياسة الأوروبية لأنه يظهر ان الفرنسيين يحذون حذو الألمان والإيطاليين الذين يجرون مفاوضات مباشرة مع روسيا من دون المرور بالاتحاد الأوروبي»، خصوصاً ان هذا المشروع «تتبناه الحكومة الفرنسية». وقال مصدر أوروبي قريب من الملف ان «هذا الإعلان الذي مصدره موسكو يهدف بوضوح إلى إحداث ضرر، خصوصاً انه لم يأت نتيجة تشاور ويحرج الأوروبيين». وأضاف ان «الروس ينظرون بريبة إلى منافسة أوروبا لهم في الجمهوريات السوفياتية السابقة». ويشكل مشروع «نابوكو» الذي يستهدف موارد الغاز في كل من أذربيجان وتركمانستان وصولاً إلى العراق وايران، عنصراً أساسياً في تأمين حاجات الاتحاد الأوروبي عبر طريق الجنوب. ويتفاوض الاتحاد الأوروبي حالياً مع أذربيجان التي ستؤمّن كمية كبيرة من الغاز عبر «نابوكو» المقرر إنجازه عام 2014. أما مشروع «ساوث ستريم» فيُتوقع إنجازه عام 2013.