جمع الزميل اسكندر الديك قصائد كان كتبها في أعوام سابقة، وأضاف إليها قصائد جديدة وأصدرها في ديوان عنوانه «لا حيلة لي» (دار الفارابي). وهذا الديوان الذي يعد بمثابة باكورة، يضم قصائد كتبت في مناسبات مختلفة، بعضها يدور حول الحب في شتى وجوهه، وبعضها وجداني وتأملي وسياسي في معنى الالتزام الإنساني والوطني. وأرفق الزميل ديوانه بتقديم تناول فيه تجرتها هذه وناحية من سيرته الشعرية شبه المجهولة، وتحدث عن الظروف التي حفزته على كتابة الشعر والأخرى التي جعلته يتوقف عن الكتابة ثم عن عودته إليها. وكتب الزميل عبده وازن مقدمة للديوان هنا نصها: «يعود اسكندر الديك إلى الشعر بعدما هجره نحو أربعين عاماً. لكنّ الهجر هنا لا يعني البتة الانقطاع عن الشعر روحاً وقراءة. فالكاتب الذي انصرف طوال تلك الأعوام الأربعين إلى الكتابة في حقل السياسة والعمل في الصحافة السياسية ظل يتحين الفرص لاقتناص قصيدة من هنا أو شذرة من هناك، وكان يوضبها في الأدراج بانتظار أن يحين موعد خروجها إلى الضوء مع باقة من قصائد قديمة كان نشر بعضاً منها في صحف ومجلات. أدرك زميلنا في «الحياة» اسكندر الديك أخيراً، أنّ الوقت بات متاحاً لإصدار ما تراكم لديه من قصائد تمثل لحظات من الحنين المشرق والوجد الحارق والحب العذري حيناً والمشتعل حيناً آخر، عطفاً على بعض التأملات والمواقف الإنسانية التي تلتزم المبادئ العليا كالحرية والعدالة والخير. ولم تخلُ قصائد عدة من بعض التساؤل شبه الفلسفي الذي يشمل الإنسان ووجوده. لا يدعي اسكندر الديك أنه شاعر ذو موقع في المعترك الشعري العربي ولا يسعى إلى منافسة الشعراء في عقر دارهم ولا إلى خوض المعركة التي لا تزال قائمة بين الشعر التفعيلي وقصيدة النثر. إنه يكتب بحرية تامة ووفق إحساسه الخاص بالشعر والقصيدة، ولذلك لم يهب القصيدة المسجعة التي يحافظ فيها على القافية غير مبالٍ بالوزن أو العروض. وقد عمد فعلاً إلى استخلاص موسيقى السجع في قصائد عدة عن وعي وقصد. وقد بدا السجع في بعض القصائد عفوياً تماماً وانطباعياً ووفياً للحظة الشعور، سواء فرحاً كان وحبوراً أم حزناً وألماً وذكرى. أما القصائد الأخرى فسلكت مسلك الشعر النثري الذي يفتح أبواب الذاكرة والمخيلة على العالم كما على لواعج الروح الإنسانية. ولعل القصائد التي يتأمل فيها عودته إلى الشعر بعد تلك الأعوام الطويلة هي من أرقّ ما كتب، فهو يستعيد فيها حنايا الذات والخيبات التي شهدها العالم العربي ولبنان ومنها بلا شك هزيمة الأيام الستة عام 1967 التي دمرت الحجر والجسد والروح، كما يعبر، وهي كانت أيضاً الحافز الأول على هجره الكتابة الشعرية وانصرافه إلى السياسة والصحافة السياسية. بعد أربعين عاماً نكتشف نحن زملاء اسكندر الديك وأصدقاءه ذلك الشاعر المخبّأ فيه والذي كان صامتاً وخرج عن صمته، نكتشفه بفرح هو فرح ولادته الجديدة ولو بعد أربعين عاماً».