لم يكن يوم أمس في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، كغيره من الأيام بتاتاً. بل إن «الجمعة اليتيمة» والتي يقصد بها صلاة الجمعة الأخيرة في شهر رمضان المبارك لم تعد يتيمة أيضاً، ففي الأمس تبدل كل شيء وتغير، إذ إن مشيئة القدر أرادت أن تتصادف ليلة ختم القرآن الكريم في الحرمين الشريفين مع «الجمعة اليتيمة» لتشد رواحل المسلمين صوب المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، بغية الظفر بالأجر والثواب في مسيرات ضخمة اكتظت بها جنبات المدينتين المقدستين. وفي المدينةالمنورة، أدى نحو 1.475 مليون مصلٍ صلاة الجمعة ظهر أمس، بينما أشارت أنباء غير رسمية إلى أن زيادة طرأت على أعداد المصلين في المسجد النبوي ليرتفع عددهم إلى نحو مليوني مصلٍ أدوا صلاة التراويح وحضروا ختم القرآن الكريم، بعد أن أحاطتهم العناية السماوية وظللتهم الرحمة الإلهية وحفهم التسامح والغفران وغشيتهم السكينة، في أجواء روحانية طاهرة، زادت طيبة الطيبة الرمضانية بهاءً على جمالها. وأشرف أمير منطقة المدينةالمنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز على تنفيذ تعليمات الحكومة السعودية القاضية بتوفير الخدمات كافة، وتذليل جميع العقبات والمصاعب لزوار المسجد النبوي الشريف والمصلين، وتابع تضافر جهود الجهات الحكومية التي تسابقت كل بحسب اختصاصها لتقديم أرقى وأفضل الخدمات لضيوف الرحمن. ومنذ ساعات صباح أمس الأولى، دبت حركة دؤوبة داخل جنبات المسجد النبوي الشريف، خصوصاً بعد أن تفرقت فرق تنتمي إلى وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الشريف بين جنباته، إذ انتشرت بعضها في أرجاء المسجد كافة، وذهبت أخرى إلى الساحات المظللة وثالثة إلى الميادين ورابعة إلى الممرات والأسطح لتبدأ كل منها أعمالها في تهيئة موقعها وتجهيزه لاستقبال المصلين، الذين نعموا بنسيم بارد وهواء عليل داخل المسجد على رغم حرارة الجو الشديدة في الخارج. وعلى خط مواز، أكد مدير شرطة منطقة المدينةالمنورة اللواء عوض بن سعيد السرحاني ل «الحياة» جاهزية عناصر الأمن في المنطقة للتعامل مع الاكتظاظ البشري الذي تشهده المدينةالمنورة حالياً، مشيراً إلى أن خططاً مسبقة تهدف إلى انسيابية حركة المرور والمشاة وتحافظ على الأمن وضعت مستقبلاً وتحوي تشديداً على ضرورة التواجد الأمني على مدار الساعة تحسباً لأي طارئ. من جانبه، قال الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني في منطقة المدينةالمنورة العقيد منصور بن بطيحان الجهني ل«الحياة»: «إن الخطط المطبقة والتي تهدف إلى تقديم أفضل الخدمات ومواجهة أي طارئ قد يحدث، نصت على زيادة عدد فرق الدفاع المدني ونشرها في مواقع متمركزة مع تزويدها بأحدث وسائل الإنقاذ والإطفاء». وكشفت مصادر مطلعة أن جمعية الهلال الأحمر السعودي نشرت حلقة دائرية طوقت المسجد النبوي الشريف بفرق الإسعاف المجهزة بأحدث الوسائل الطبية والكوادر المؤهلة، وذكرت أن مديرية الشؤون الصحية في منطقة المدينةالمنورة جندت طواقمها وحشدت طاقاتها تحسباً لاستقبال أي حالة طارئة قد تحتاج إلى عناية ورعاية طبية خاصة، إذ هيأت مراكز باب جبريل والحرم وباب المجيدي الصحية ودعمتها بالكوادر الطبية والفنية وجهزتها بالمستلزمات الطبية اللازمة، فضلاً عن تدعيم مستشفى الأنصار المجاور للمسجد النبوي الشريف وتوفير كافة الإمكانات الطبية اللازمة به ليكون على أهبة الاستعداد لتقديم الخدمات العلاجية للمرضى الذين تستدعي حالهم الصحية تنويمهم في المستشفى.