طهران، واشنطن - ا ب، رويترز، ا ف ب - هاجم متشددون وأجهزة الأمن آلاف المتظاهرين الإصلاحيين أثناء مسيرات «يوم القدس» في طهران والمدن الإيرانية امس، والتي تعرض خلالها الرئيس السابق محمد خاتمي لاعتداء، كما أُرغم المرشحان الإصلاحيان مير حسين موسوي ومهدي كروبي على المغادرة. جاء ذلك في وقت اعتبر الرئيس محمود احمدي نجاد المحرقة اليهودية «خرافة» وذريعة لإقامة دولة إسرائيل. وللمرة الأولى منذ تموز (يوليو) الماضي، سار عشرات آلاف الإصلاحيين في شوارع عديدة في العاصمة، فيما كان عشرات الآلاف من انصار الحكومة يتظاهرون احياء ل «يوم القدس»، على بعد شوارع فقط. ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن شهود قولهم ان عشرات الآلاف من انصار الحكومة انطلقوا من شوارع عديدة في العاصمة، متوجهين الى جامعة طهران. وأضاف هؤلاء ان عناصر من الشرطة وأجهزة الأمن ومن متطوعي «الحرس الثوري» (الباسيج) انتشروا في الشوارع والساحات الرئيسية، محاولين إبقاء تظاهرات المعارضة بعيدة من مسيرات «يوم القدس»، لتجنب اي صدام. لكن في احدى تظاهرات المعارضة، اقتحم متشددون الحشود وهاجموا خاتمي، كما افاد موقع «برلمان نيوز» الإصلاحي الذي اشار الى ان «عمامة خاتمي سقطت، وكانوا يريدون ضربه لكن مناصريه منعوهم ثم تدخلت شرطة مكافحة الشغب». ونقلت وكالة «رويترز» عن حليف لخاتمي رافقه خلال التظاهرة، ان رداء الرئيس السابق تمزق وأُرغم على مغادرة المسيرة. وفي احد شوارع العاصمة، هاجم متشددون موسوي عند وصوله بسيارته مع حراسه الشخصيين، وهم يهتفون: «الموت لموسوي المنافق». وأشار شهود الى ان انصاره هرعوا اليه وسمحوا له بالمغادرة بسيارته، فيما افادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) بأن «حشوداً غاضبة» هاجمت سيارة موسوي وضربت الزجاج بقبضاتها، حتى اجبروه على مغادرة التظاهرة. وأضافت الوكالة ان «الحشود الغاضبة» أرغمت ايضاً كروبي على مغادرة المسيرة. وافادت وكالة«فارس» بأن رئيس مجلس خبراء القيادة هاشمي رفسنجاني شارك في احدى مسيرات «يوم القدس»، علماً انه اقصي عن امامة صلاة الجمعة في «يوم القدس»، والتي كان يتولاها خلال السنين ال25 السابقة. وجرت مواجهات في عدد من شوارع طهران، اذ ضربت عناصر أمنية بلباس مدني وكانت على دراجات نارية، انصار المعارضة بالهراوات في جادة هفت تير وسط العاصمة، واحتجزت بعضهم. وانهالت شرطة مكافحة الشغب بالضرب بالهراوات على انصار المعارضة الذين كانوا يرشقونها بالحجارة، كما استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وقال شاهد إن انصار نجاد ضربوا أنصار موسوي في شارع ولي العصر وسط طهران، مشيراً الى اصابة شخصين على الأقل بجروح. واعتُقل حوالى 10 اشخاص خلال المواجهات. وارتدى انصار المعارضة قمصاناً خضراء، كما وضعوا عصباً وشارات خضراء، وهو لون حملة موسوي، مرددين: «يا حسين! مير حسين!» و»لا غزة ولا لبنان، نستشهد من اجل ايران». وهتف المتظاهرون: «التعذيب والاغتصاب لم يعودا يجديان» و«اطلقوا السجناء السياسيين» و«لا تخافوا كلنا معاً»، و«الموت للديكتاتور» و«الله اكبر» بينما كانوا يتعرضون للضرب. وعلى بعد مئات الأمتار من تظاهرات الإصلاحيين، سار آلاف من انصار نجاد حاملين صوراً ضخمة للمرشد علي خامنئي، وهتف بعضهم: «الموت لمن يعارض المرشد». وأفاد موقع للمعارضة بأن مواجهات جرت ايضاً في مدينتي تبريز وأصفهان. وفي جامعة طهران، قال نجاد قبل خطبة صلاة الجمعة ان «يوم القدس هو يوم عزة وانعتاق ورفعة، ويوم البشرية والإنسانية». وأكد ان «ايام النظام الإسرائيلي باتت معدودة، لا تربطوا مصيركم به، انه على شفير الانهيار. النظام ينازع». وزاد ان الغرب «اطلق خرافة الهولوكوست. لقد كذبوا، نفذوا مخططهم ثم دعموا اليهود. اذا كنتم تدعون ان الهولوكوست حصلت فعلاً، فلماذا لا تسمحون بإجراء دراسة؟». واعتبر ان «الذريعة التي اعتمدت من اجل انشاء النظام الصهيوني كذبة، كذبة ترتكز إلى اتهام مشكوك به وادعاء خرافي. فاحتلال فلسطين لا علاقة له بالهولوكوست». وشدد على ان «التصدي للنظام الصهيوني، واجب وطني وديني»، مضيفاً: «يجب أن يعلم الفلسطينيون أنهم يدينون بكل شيء لمقاومتهم». وألقى رمضان عبد الله شلح امين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كلمة ايضاً، اكد خلالها على «خيار المقاومة» لتحرير الأراضي الفلسطينيةوالقدسالمحتلة. اما خطيب الجمعة احمد خاتمي فدعا الى خيار المصالحة في الداخل الإيراني الذي يستند الى «التقيّد بالقانون والالتزام بمبدأ ولاية الفقيه»، منتقداً «بعض الدول العربية» المشاركة في «مجزرة غزة»، كما اكد الموقف الإيراني الذي «لن يتراجع قيد أنملة». وكان نجاد قال لشبكة «ان بي سي» الأميركية: «نعتقد ان السلاح النووي اصبح من الماضي ويعود الى الجيل السابق. لا نرى اي حاجة لهذا النوع من الأسلحة. لطالما كنا نؤمن بالمفاوضات والمحادثات. هذا هو منطقنا ولم يتغير اي شيء». ولم يرد مباشرة على سؤال هل يؤكد في شكل واضح ان ايران تستبعد اي امكان لإنتاح سلاح نووي، مكتفياً بالقول للصحافية التي كانت تجري المقابلة معه: «تستطيعين سيدتي ان تستخلصي مما اقول ما تريدين». وأضاف: اذا كنا نتحدث عن تخصيب اليورانيوم لأهداف سلمية، فهذا امر لن نضع له حداً في اي وقت في ايران». على صعيد آخر، قتل مسلحون الملا محمد شيخ الإسلام ممثل محافظة كردستان الإيرانية في مجلس خبراء القيادة، في مسجد سننداج كبرى مدن المحافظة حيث اغتيل السبت الماضي امام المسجد وهو سني مقرب من نجاد.