عند زيارة الدُول الأوروبية في فصل الخريف، يُلاحَظ وجود تفاوت شديد في درجات الحرارة ومُعدّل سطوع الشمس ومدى توافر مصادر الطاقة المتجدّدة، بين بلاد العرب وأوروبا. ففي أوائل هذا الشهر، تراوحت درجات الحرارة في مسقط (عُمان) بين 33 و28 درجة مئويّة، فيما انحصرت درجات الحرارة في برلين مثلاً، بين 12 و 2 درجة مئوية. وإذ تعاني ألمانيا والقارة العجوز عموماً، من فقر شديد في مصادر الوقود الأحفوري والطاقة المتجدّدة، تتبنّى برلين حلولاً خضراء، بمعنى أنها تعمل على تنمية مصادر الطاقة المتجدّدة في شكل كبير. وكتبت خطوط الطيران الهولندية على وجبة الإفطار التي تقدّمها على متن طائراتها، أن الخُبز طُحِنَ بواسطة طواحين الهواء، «بهدف المحافظة على كوكبنا من التلوث». كذلك تغلِق برلين محلاّتها عند الثامنة مساءً، ما يقلّل استهلاك الكهرباء ويساعد على النوم والاستيقاظ المُبكّرين. وكذلك يلاحظ زوار أوروبا أن مصابيح الإنارة في البيوت ودورات المياه في المطاعم والفنادق، مُجهّزة بوحدات استشعار تجعلها تضيء وتنطفئ ذاتيّاً عند الحاجة. وينطبق الوصف عينه على السلالِم المتحرّكة في المطارات ومراكز التسوّق. إضافة إلى ذلك، تنتشر دراجات هوائيّة عائلية تستطيع حمل ثلاثة أفراد. ويعتبر منظر الدرّاجة العائلية التي يقودها ربّ الأسرة بينما يركب الأبناء في الخلف، دليلاً على إصرار الألمان على الدمج بين ممارسة الرياضة والمحافظة على البيئة والاقتصاد في نفقات المعيشة. في هذا السياق، ركّزت «القمة العالميّة لشبكات اللاسِلْكي الأهليّة» International Summit for Community Wireless Networks، (اختصاراً «إيس 4 وان» IS4CWN) التي استضافتها برلين أخيراً، على دور التكنولوجيا المجتمعيّة التي يطوّرها الأهالي في المُحافظة على البيئة. إذ تحافِظ شبكات اللاسِلْكي الأهليّة على البيئة عبر محاور أهمها: توفير الأجهزة بفضل مشاركة أفراد كثيرين في استعمال الحواسيب وأجهزة الشبكات المختلفة، وإعادة تدوير الحواسيب والهواتف وأجهزة الشَبكات، استبدال المُعاملات الورقيّة بالإلكترونيّة، تبنّي حُلول لتوصيل الانترنت من طريق شبكات الكهرباء من دون الحاجة الى شبكات الاتصالات التقليديّة. إضافة إلى ذلك، تستخدم بعض شبكات اللاسِلْكي الأهليّة الطاقة المُتجدّدة وبطاريات السيارات، مصدراً للطاقة. وتحدث مدير شبكة «نبال» اللاسِلْكيّة، عن تجربته مع التقنيّات اللاسلكيّة، مستهلاً باستعادة بعض ذكرياته: «كنت أذهب إلى أقرب قرية كل شهر لقراءة البريد الإلكتروني. استمر ذلك خمس سنوات. بدأت بتركيب كومبيوتر من أجزاء مستعملة. ثم أسّستُ مركزاً للحواسيب في القرية. كانت أقرب نقطة للاتصال بالإنترنت تبعد قرابة 40 ميلاً. استخدمت أيضاً موزّعات انترنت تبرّع بها أميركيون، ثم بنوا أيضاً خلايا شمسيّة لتفعيل الاتصالات مع الانترنت. استخدمت الشبكة في ممارسة الديموقراطية الإلكترونيّة على الانترنت. لاحظتُ أن قوّة تأثير الاتصالات الحديثة على المجتمع المحلي أيضاً. إذ عمّقَت شبكات اللاسِلْكي حرية التعبير، عبر تحريرها إرسال البيانات واستقبالها من أمكنة ومصادر شتى». تردّدات بيض في أحد محاور القمة، تحدّث البروفسور بريستون مارشال ممثل شركة «غوغل» عن ضرورة تكامل خدمات الإنترنت لتعزيز خدمات تلك الشبكة. وتحديداً، نادى مارشال بضرورة التكامل بين خدمات التردّدات المجانيّة والمدفوعة. وأشار الى أن الولاياتالمتحدة في طريقها لجعل تردّدات التليفزيون القديمة مُتاحة للاتصالات اللاسِلْكية. وأكّد أن سُرعة نقل البيانات تحتاج إلى أن تتضاعف سنويّاً، مع الإشارة إلى أنها زادت عشرة آلاف ضعف في السنوات العشر الأخيرة. وتمثّل إعادة استخدام التردّدات أحد الحلول المهمّة في هذا المجال. هناك نوع من التردّدات التى تحتاج إلى رخصة، ونوع آخر يعمل من دونها، مع توقّع أن يكون المستقبل لكلا النوعين، مع التشديد على أهميّة الجودة. لذا، يجب أن تترك التردّدات البيض مشتركة، مع وضع رُخَص للتردّدات القصيرة الأجل. وأشار مارشال إلى أن استغلال التردّدات البيض يضاعف التردّدات المُتاحة لهذا الغرض، بكثافة تزيد عن مئة ضعف. وفي سياق متّصل، ركّز روبرت هورفيتز ممثل مؤسسة «أوبن سبكترام» Open Spectrum، على أن شبكات اللاسِلْكي الأهليّة تخدم شبكات «من صديق إلى صديق» peer-to-peer، ما يُغني حتى عن خدمة شركات الاتصالات! وأشار إلى وجود تردّدات بيض كبيرة، لا سيما في المناطق النائية. «في فنلندا، يوجد تردّدات لحوالى 44 قناة تليفزيونية، تُرِكَت من دون استخدام... إن أجهزة التردّدات البيض ما زالت تحت التجريب، بل تحتاج إلى برمجيات متطوّرة كي تتوافق مع الشبكات المختلفة»، وفق كلمات هورفيتز. وتحدثت مندوبة الهند عن سياسة أمن الفضاء الإلكتروني في بلدها. وأكّدت تعاظم الأضرار التي تحدِثها الجرائم الإلكترونية بأثر من دخول قراصِنة مُحترفين وظهور منظّمات متخصّصة ومشاركة دول في هذا المجال، الذي كان مقتصراً على الهواة والمُغامِرين. وأوضحت أن سياسة أمن الفضاء الإلكترونى في الهند تعتمد في شكل رئيس على هيئة مركزية لإدارة مشاكل أمن المعلومات والجرائم الإلكترونية. وطوّرَت هذه الهيئة آلية للإنذار المُبكر بهدف التحذير من المخاطر الإلكترونية والتعامل معها قبل وقوعها. كما تراجِع الهيئة إجراءات أمن المعلومات في الهيئات والمؤسسات الحكومية المختلفة. وأوضحت أن أبرز مهمّات تلك الهيئة تتمثّل في التأكّد من تشفير المعلومات من جانب المؤسّسات المختلفة، قبل إرسالها عبر الشبكة العنكبوتيّة. وأوضحت أن هذه الهيئة تتفحّص الأجهزة وتختبرها قبل استعمالها من جانب الموظّفين العموميّين. كما تتعاون الهيئة الهنديّة مع نظيراتها دوليّاً، وتتبنّى معايير عالميّة في مواجهة الجرائم الإلكترونيّة. أكاديمي مصري في سلطنة عمان