أمير تبوك يرأس اجتماع الإدارات المعنية باستعدادات رمضان    فيصل بن بندر يرعى احتفاء «تعليم الرياض» بيوم التأسيس    خالد بن سلمان يلتقي وزير الخارجية الأمريكي    سعود بن نايف يطلع على مبادرة «شيم»    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة الكويت بمناسبة اليوم الوطني    120 خبيرًا ومتخصصًا من 55 دولة يبحثون أمن الطيران    متضمنةً شريحة خضراء لأول مرة ..إتمام طرح سندات دولية مقومة باليورو ضمن برنامج سندات حكومة السعودية الدولي بقيمة إجمالية بلغت 2.25 مليار يورو    ثورة الذكاء الاصطناعي ومحاولة محاكاة التفاعل الاجتماعي    تشغيل «محطة قصر الحكم» بقطار الرياض.. اليوم    «مهرجان الزهور» في القطيف.. أكثر من 300 ألف زائر    قصة نهاية «هليّل»    أوكرانيا وافقت على بنود اتفاق المعادن مع أميركا    «الأمن المجتمعي».. حوكمة الضبط والمسؤولية التشاركية!    معظم الطرق السورية تؤدي إلى واشنطن    عُرس الرياض الإنساني    الأمير خالد بن سلمان يلتقي وزير الخارجية الأمريكي    «صراع وطني» في مواجهة الاتفاق والتعاون    التأكيد على التزام المملكة بتعزيز الأمن والسلام العالمي    أنشطة تراثية في احتفالات النيابة العامة    الصقيع يغطي طريف    الأمن المجتمعي والظواهر السلبية !    آل يغمور يتلقون التعازي في فقيدتهم    جامعة سطام تحتفي بيوم التأسيس بمعرض تاريخي    النحت الحي    جبل محجة    ليلة برد !    اختبارات موحدة    مسابقة الوحيين في إندونيسيا..التحدي والتفوق    مدير الأمن العام يتفقّد جاهزية الخطط الأمنية والمرورية لموسم العمرة    ماكرون بعد لقاء ترمب: السلام لا يعني استسلام أوكرانيا    تنظيم المقاصة النهائية للإفلاس    155 أفغانيا يصلون إلى برلين ضمن إجراءات إيواء الأفغان المهددين في بلادهم    الهلال ينفجر في شباك الخلود.. الأهلي يقسو على القادسية.. الشباب والنصر يكسبان الرائد والوحدة    تقنية صامطة تحتفي بذكرى يوم التأسيس تحت شعار "يوم بدينا"    الأخضر يتطلع لنهائي آسيا في مواجهة كوريا    سقوط مفاجئ يغيب بيرجوين عن الاتحاد    الأهلي يتغلب على القادسية برباعية في دوري روشن للمحترفين    مخاوف من استئناف القتال مع تعنت إسرائيل في تنفيذ الاتفاق    أمير تبوك يترأس اجتماع الادارات الحكومية والخدمية لاستعدادات شهر رمضان    جمعية المودة تطلق حملة "تبرعك رحمة" لدعم الأسر المحتاجة    الرميح: مليارا ريال إجمالي دخل السائقين السعوديين من تطبيقات نقل الركاب    مباحثات دفاعية سعودية أمريكية في واشنطن    مجلس الوزراء: الحوار السبيل الوحيد لحل جميع الأزمات الدولية    أمير منطقة الرياض يرعى احتفاء «تعليم الرياض» بذكرى يوم التأسيس    مستشفيات وعيادات دله تُعلن مواعيد العمل في رمضان.. والطوارئ والصيدليات على مدار الساعة    "سعوديبيديا" تحتفي بالإرث التاريخي للمملكة في يوم التأسيس    وزير «الشؤون الإسلامية» يحذر: لا تنجرفوا وراء أي إعلانات لجمع التبرعات    "الشؤون الإسلامية" تستعد لاستقبال 250 معتمراً من ضيوف خادم الحرمين الشريفين    تشكيل النصر المتوقع أمام الوحدة    القيادة تهنئ أمير دولة الكويت بذكرى اليوم الوطني لبلاده    إصابة أسترالية بالشلل بسب فرشاة مكياج!    «الصحة»: تحصّنوا ضد «الشوكية» قبل أداء العمرة    اختلاف طباع الناس    نيابة عن خادم الحرمين.. أمير الرياض مفتتحًا منتدى الرياض الإنساني": مركز الملك سلمان قدم مساعدات لملايين من الفئات المحتاجة    نوه بالدعم غير المحدود من القيادة لخدمة كتاب الله .. وزير الشؤون الإسلامية: 7 ملايين ريال للفائزين بجائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    غزارة الدورة الشهرية (1)    الصحة: فيروس ووهان ليس جديداً ولا يشكل خطراً حالياً    جامعة الملك سعود توقع مذكرة تعاون مع مركز زراعة الأعضاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضوابط الاختيار الفقهي عند النوازل
نشر في الحياة يوم 07 - 12 - 2013

يعد الفقه الإسلامي من أعظم ما أنتج المسلمون من تراث فكري، وهو يمثل كنزاً ثرياً ومورداً عذباً للأمة الإسلامية عبر عصورها المختلفة؛ إذ عمل فقهاء الإسلام على تخريج الأحكام الشرعية لما يقع بالناس من حوادث ومستجدات من مصدرَي التشريع (الكتاب والسنة)، قياماً منهم بالدور الذي شرّفهم الله تعالى به بقوله مخاطباً عموم المسلمين: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النحل: 43).
وفي هذا الصدد، أصدرت دار الإفتاء المصرية أخيراً كتاب «ضوابط الاختيار الفقهى عند النوازل»، وقدم له الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق قائلاً: «لقد ترك لنا فقهاء الإسلام زخماً وافراً من الثروة الفقهية الفكرية، وهي مشتملة على أحكام قطعية لا يجوز لأحد من المسلمين أن يخالفها، وأخرى ظنية اختلفت فيها الآراء». ويلاحظ أن دائرة المسائل الظنية واسعة جداً، وهي تمثل سعة الإسلام ومرونته على استيعاب كل ما يستجد على ساحة الناس إلى يوم الدين. وتعامل المسلمون مع هذه المسائل الظنية الخلافية على أساسين، أولهما أن يدلي المجتهد بما أدَّاهُ إليه اجتهاده مع قبوله لما يراه غيره. وثانيهما، عدم اكتفائهم بقبول الرأي الآخر في المسائل الخلافية، وإنما تعداه إلى اعتقاد أن كلًّا منهما على صواب في ما ذهب إليه، وأن كليهما غير آثم، وألَّف بعضهم في ذلك كالتقي العثماني (من علماء القرن الثامن الهجري) في كتابه «رحمة الأمة في اختلاف الأئمة»، والإمام الشعراني (ت:975ه) في كتابَيه: «الميزان الكبرى»، و»الميزان الخضرية». ومن المقرر عند المسلمين أن العامي لا مذهب له، وعليه أن يقلِّد من أفتاه ممن يثق في علمه وديانته، كما أن المفتي الذي لم يصل إلى مرتبة الاجتهاد عليه أن يراعي في فتواه أن تكون محقِّقةً للمقاصد الشرعية المرعية بحيث يباح له أن يقلد مذهباً ويترك آخر من المذاهب الفقهية والرؤى الاجتهادية الكثيرة، وهو ما يطلق عليه مصطلح «الاختيار الفقهي» الذي أثيرت حوله أسئلة كثيرة منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، حيث يجد الباحث جملاً من الكلام عن ذلك في كتب أئمة هذا القرن كالإمام الباجوري، والإمام الشمس الإنبابي، والإمام الحلواني الدمياطي، وكذلك في كتب علماء أوائل القرن العشرين الميلادي كالشيخ محمد منصور، والشيخ عبد الفتاح الشنواني وغيرهم.
هذا الجدل الفقهي الأصولي الذي حدث في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، استقرَّ على مشروعية الاختيار الفقهي، وأنه ينبغي أن يتصل اتصالاً وثيقًا بالمقاصد، لكنه لا بد أن يصدر عن الراسخين في العلم وليس عن أي كان، وأن الاختيار الفقهي يتغير في مسلكه من عصر إلى عصر باعتبار تغيّر الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، وباعتبار تغيّر المصالح أيضاً. وهو ما اعتمدته مؤسسة ذات خبرة كبيرة متراكمة في مجال الإفتاء فيما يصدر عنها من فتاوى؛ إذ سرى هذا الاستقرار على مشروعية الاختيار الفقهي إلى مؤسسة دار الإفتاء المصرية؛ فقد كانت في بادئ أمرها تلتزم المذهب الحنفي في كل شيء، وتفتي بالراجح منه، وبعد أن تولى الإمام محمد عبده منصب الإفتاء اقترح أن يُؤخذ من المذهب المالكي ما يَحُل مشكلة الناس.
ثم بعد ذلك بدأ الاتساع في الأخذ من المذاهب الأخرى، حتى جاء الشيخ محمد فرج السنهوري وهو ينشئ الموسوعة الفقهية في سنة ألف وتسعمئة ونيف وستين، فإذ به يجعلها على المذاهب الثمانية.
وأضاف جمعة أنه بعد عام 1380ه الموافق 1960م بدأت الدائرة تتسع حتى غدا الأمر بحاجة ماسة إلى وضع أسس منضبطة من أجل عملية الاختيار الفقهي، بحيث تشمل قضايا كثيرة متعلقة بها، مثل: تغيير المسلك، والتلفيق، والتقليد، والأخذ بالأحوط. وتشير مقدمة الكتاب إلى أن آليات الاختيار الفقهي عبارة عن عملية مركَّبة وليست أهميتها في كونها أحد عوامل الترجيح أو الاستنباط المبني على اجتهاد، بل ترجع أهميتها إلى كونها من تلك المعاني غير المحسوسة التي انقدحت في ذهن الفقيه حتى باتت واضحة في أحكامه، فكان لا بد من إيجاد آلية لتحويل هذه الملكة إلى خطوات محسوسة ذات أبعاد محددة، وهو ما يعني تحويل الأفكار إلى نُظُم، ومن أهم سمات النُّظُم امتلاكها الضوابط التي تكون معياراً للتطبيق. ومعنى «الاختيار الفقهي»: ما يختاره المجتهد التابع لمذهب من المذاهب كلها، ومن أقوال السلف. وبقول آخر: فالاختيار هو اجتهاد يؤدي إلى موافقة أو مخالفة الإمام الذي ينتسب المجتهد إلى مذهبه. وقد تكون هذه المخالفة باختيار مذهب إمام آخر، أو باختيار القول المخرَّج في المذهب على القول المنصوص، وقد تكون بترجيح القول الذي جعله الإمام مرّجحاً من القولين في المسألة. وهذه حالات ثلاث للاختيار، ومع هذا فإنه إذا وافق المجتهد مذهبه الذي ينتسب إليه فإنه يطلق عليه أيضاً أنه اختيار؛ وذلك لأن المجتهد يوافق مذهبه عن بحث واستدلال، لا عن تقليد وانقياد. و»الاختيار الفقهي» يمسّ من قريب القول بجواز تجزّؤ الاجتهاد، حيث يجتهد مَن يقوم بعملية الاختيار من أقوال المجتهدين بضوابط معينة، فهو مجتهد مقلد أو مقلد مجتهد، والصحيح أن الاجتهاد يتجزأ، وفي ذلك يقول الغزالي: «اجتماع هذه العلوم الثمانية إنما يشترط في حق المجتهد المطلق الذي يفتي في كل الشرع، وليس الاجتهاد عندي منصباً لا يتجزأ، بل يجوز أن يقال للعالم بمنصب الاجتهاد في بعض الأحكام دون بعض، فمن عرف طريق النظر القياسي فله أن يفتي في مسألة قياسية، وإن لم يكن ماهراً في علم الحديث... وليس من شرط المفتي أن يجيب عن كل مسألة، فقد سئل مالك رحمه الله عن أربعين مسألة فقال في ستة وثلاثين منها: لا أدري.
وينقسم الكتاب إلى فصلين: الأول يتحدث عن النوازل، وتعريف النازلة، والشُّبَه التي تطرأ على الفتوى، والواقع وعوالمه الأربعة، وتغيّر الجهات الأربع وأثره في النازلة، ثم تحدّث عن المذاهب الأربعة من حيث تقليدها والخروج عنها، والتخريج والقياس الفقهي، وبعض القواعد المُمَهِّدة لفقه الخلاف. أما الفصل الثاني فعنوانه «مواجهة النازلة»، ويتحدث عن الإجراءات العملية التي تنقدح في ذهن الفقيه أثناء فتياه في النازلة، وتضمن ثلاثة عناوين، كلاً منها في مبحث مستقل، أولها: النظر إلى المآلات، وثانيها: الترخص عند الابتلاء بالمتفق عليه والمختلف فيه، وثالثها: صور للخروج عن معتمد المذاهب الفقهي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.