لم يكن في حسبان التعاونيين أن يأتي رفض المدرب التونسي خالد بن يحيى إدارة فريقهم، بعد توقيعه العقد المبدئي الموسم الماضي، ليفتح لهم «نافذة القدر» الجميلة، بعد أن وجدوا ضالتهم في الجزائري توفيق روابح بناء على توصية من شيخ مدربي الجزائر رابح سعدان الذي نصح إدارة محمد القاسم بالتعاقد معه من دون تردد لكونه الأفضل من وجهة نظره، لقيادة دفة الفريق في الظروف الصعبة التي كان يمر بها مع نهاية الموسم الماضي، حين كان من أبرز المرشحين للعودة مجدداً إلى دوري الدرجة الأولى. تسلم روابح قيادة فريق يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة بين الأندية الكبيرة، فوجد التونسي كياناً بلا روح ولا هوية، ولاعبين انتهت صلاحيتهم مثلوا في نظر سابقيه الركيزة الأساسية، خلقوا التكتلات وعززوا اللامبالاة بين زملائهم، ما شاهده الجزائري أجبره على التلويح باستقالته مفضلاً الانسحاب، في غياب أصغر عوامل النجاح، مؤكداً أنه لن يضيف الجديد وسط الفوضى العارمة في الفريق الأول، ليتدخل الرئيس وكبار الداعمين ويثنونه عن الاستقالة قبل أن يمنحوه كامل الصلاحيات لاتخاذ ما يراه مناسباً للنهوض بال«سكري»، قبل البقاء في الرمق الأخير من الدوري، ولم يستطع روابح تحقيق أي انتصار مع فريقه. الجزائري لم ينشغل بالموسم الماضي فخطط ورتب لإعادة صياغة حاضر فريقه عبر إعادة بنائه لتحقيق الأحلام، فقرر الاستغناء عن اللاعبين الأساسين السابقين كافة، وأبقى حارس مرماه فقط، التعاونيون أيضاً كانوا أوفياء معه فالتزموا بالوعود ووفروا له كل ما يريد، فاختار مدينة سوسة التونسية لإعداد «ثوار» باستطاعتهم قلب كل الموازين، واختار محترفيه الأجانب بعناية فائقة، وحدد القيمة المالية لكل لاعب قبل التوقيع معه، وفرض نظاماً صارماً ورسم خطوطاً لا يسمح لأي لاعب مهما كانت نجوميته بتجاوزها. بدأ روابح مع «السكري» هذا الموسم وخرج متعادلاً خارج أرضه في لقائه الأول أمام بطل النسخة الماضية وقدم مستويات مبهرة وما زال حتى الجولة ال11 يقدم مستوى ثابتاً ويحصد النقاط ويفترس الخصوم، محققاً المركز الرابع بصفته أفضل مركز في تاريخ النادي القصيمي، هذه المستويات أجبرت الكثيرين على منح لاعبي التعاون لقب «ثوار روابح»، النجاحات التي حققها روابح لم تسمح للغرور بالتسلل إلى عاداته اليومية، إذ دائماً يؤكد أنه يحترم الأندية كافه ويشدد على أن فريقه ينقصه الكثير، ولم يفصح يوماً عن المكانة التي يريد الذهاب بفريقه إليها، لكنه يشدد على سعيه لمواصلة العطاءات والمستويات المميزة التي يقدمها فريقه. بات روابح معشوق الجماهير التعاونية التي تتغنى به وتحمله على الأعناق بعد المباريات، إذ صنع المدرب لنفسه اسماً لم يتوقف على مستوى التعاون فحسب، بل بات من أبرز المدربين على خريطة دوري «عبداللطيف جميل» بعد الإشادات التي تنهال عليه من النقاد والمحللين، فهل يفعلها المدرب «المغمور» ويذهب بفريقه إلى أحد المراكز الأولى ويحجز أحد المقاعد الآسيوية، ويحذو حذو فتحي الجبال، فيصنع إنجازاً أول على سبيل أندية القصيم؟ أم يقل العطاء ويتلاشى الطموح ويتراجع الفريق على سلم الترتيب؟ كل هذه التساؤلات يكشف عنها الدور الثاني من المسابقة الأقوى عربياً، وهل سيواصل «روابح» و«ثوّاره» تقدمهم؟