في العالم اليوم، يوجد نحو 2.5 بليون من البشر يحلمون بالذهاب إلى مرحاض يتوفر فيه على الأقل باب وأدوات تنظيف. هذه المعلومة الصادمة والمؤلمة في الوقت نفسه، دفعت بالأمانة العامة في الأممالمتحدة إلى تخصيص يوم عالمي للمرحاض حددته في 19 من تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام، بغية لفت أنظار العالم إلى مشكلة يعاني منها مئات الملايين من الناس حين يريدون قضاء حاجتهم. الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، علق الجرس في كلمته التي خصصها لهذه المناسبة، حين تناول المشكلة بلغة الأرقام، قائلاً: "يموت طفل واحد قبل بلوغه سن الخامسة كل دقيقة، أي أكثر من 800 ألف سنوياً بسبب الإصابة بالإسهال، ويعاني آخرون من أعداد لا تحصى من الأمراض الخطيرة التي تخلف آثاراً طويلة الأمد على صحتهم ونموهم نتيجة تدني المرافق الصحية والنظافة وسوء الصرف الصحي". مشيراً إلى أن "نحو بليونين و500 ألف شخص يحرمون من المرافق الصحية الكافية، فيما أكثر من بليون شخص يقضون حاجتهم في العراء، ما يتسبب سنوياً بآلاف الوفيات التي يمكن إيقافها". وأوضح بان أنه "حين نعمل سوياً ونعلم الناس بأهمية وجود مراحيض وصرف صحي، فإن بإمكاننا تطوير الصحة لأكثر من ثلث سكان العالم، وهذا هو الهدف من يوم المرحاض العالمي، الذي سيسلط الضوء على أهمية المرافق الصحية بالنسبة لصحة الإنسان والبيئة، وضرورتها للتنمية المستدامة والكرامة"، كاشفاً عن قرب "إطلاق حملة تهدف إلى القضاء على ظاهرة قضاء الحاجة في الأماكن العامة في عام 2025". وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن "تدني خدمات المياه والمرافق الصحية يكلف البلدان النامية نحو 260 بليون دولار سنويا، وأن أي دولار يستثمر في هذا المجال يمكن أن يعود بخمسة أضعاف قيمته من خلال إبقاء الناس أصحاء ومنتجين"، مؤكداً أن "الطريق مازال طويلا لتحقيق الغاية الواردة ضمن الأهداف الإنمائية للألفية والمتمثلة في خفض نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول على المرافق الصحية الكافية إلى النصف بحلول نهاية عام 2015". كلية خاصة لتطوير دورات المياه... ومنظمة للمراحيض الاهتمام العالمي بالسعي إلى توفير المراحيض والصرف الصحي للبشر حول العالم لم يكن وليد اليوم العالمي للمراحيض، فالعديد من دول العالم أنشأت مؤسسات تهتم بهذه القضية العالمية، ومن بين الدول الرائدة في هذا المجال، سنغافورة التي تقدمت إلى الأممالمتحدة باعتماد التاسع عشر من نوفمبر يوماً للمراحيض، إذ دشنت في عام 2005 كلية خاصة، تهدف إلى تطوير تصاميم مبتكرة لدورات المياه، ولوضع حلول لانعدام دورات المياه، وخلق أفكار جديدة للتصريف الصحي. وفي ألمانيا على سبيل المثال، توجد المنظمة الألمانية للمراحيض، التي تشترك مع المنظمات الأخرى العالمية لمساعدة البشر عبر تطوير المراحيض. وترى هذه المنظمة، أن توفير دورات مياه، وتصريف جيد للمجاري سيعود على البشر بالنفع من جوانب عدة، في مقدمتها الجانب الصحي، إذ أن فضلات البشر خطيرة جداً باحتوائها على البكتريا والفيروسات والدود، وهذه يمكن أن تسبب أمراضاً لا حصر لها. وبدون دورات مياه وغسيل للأيدي فإن هذه الأمراض يمكن أن تنتشر سريعاً بين البشر. وتشير المنظمة إلى أن 88 في المئة من الوفيات الناتجة عن الإسهال تعود في المقام الأول إلى قلة تصريف المجاري. كما أن أي وجود لدورات المياه، يمكن أن يقلل وفيات الإسهال بنسبة 32 في المئة. وتشير المنظمة الألمانية إلى أن وجود المراحيض سيعود على البشر بالنفع في جوانب اقتصادية أيضاً، إذ أن إيجاد مجتمع صحي يعني قلة الأوقات التي يبقى فيها المرء خاملاً بسبب المرض، وهو ما يعني زيادة الإنتاج لتطوير المجتمع. كما أن توفير دورات مياه من شأنه حفظ مصادر المياه الطبيعية من التلوث، مبينة أن استثمار دولار واحد في توفير دورات المياه، يمكن أن يضيف ما بين 3 و 34 دولاراً للاقتصاد. كما تؤكد المنظمة نفسها، أن توفير المراحيض سيكون مفيداً للمجتمعات بشكل عام لأنها ستدفع المزيد من الأطفال إلى الذهاب إلى المدارس خصوصاً الفتيات، لافتةً إلى أنه من الممكن زيادة عدد الطلاب الذين يحضرون إلى المدارس بما يقارب 194 مليون طفل، فيما لو توفرت دورات مياه داخل المدارس. وتشير المنظمة أيضاً إلى أن توفير المراحيض سيكون مفيداً للبشرية في جانب البيئة، إذ أن معالجة الفضلات والتخلص الآمن منها، يحمي المسطحات المائية والمياه الجوفية، إضافة إلى حماية التنوع البيولوجي، مشيرة إلى أن 90 في المئة من مياه المجاري في الدول النامية تذهب دون تصريف.