لم يكن مجلس الشيوخ الإيطالي معنياً بمباراة نادي ميلان أمام السلتيك قدر اهتمامه ببرلسكوني.. ففي الوقت الذي كانت تنظر فيه جماهير نادي النجوم والألقاب بعين يمنى إلى مباراة رد الاعتبار، كانت تنظر بعين يسرى إلى مصير الكافاليري فاقد الاعتبار.. كان الموقف غريباً، فهذا السياسي البارز وصاحب المواقف الغريبة والتصرفات الأغرب سيلفيو بيرلسكوني يواجه حملة قوية من مناوئيه السياسيين من كل الاتجاهات لإبعاده من الساحة التي تلوثت إما بتهربه الضريبي، وإما بتحرشه الجنسي، وإما بانفلاته السياسي، ولم ينفع معها طلبه العفو من الرئيس الإيطالي، وكأن هناك إجماعاً على تأديب هذا «الطفل» البالغ من العمر 77 عاماً فقط والذي لا يمكنه أن ينام إلا على فضيحة ولا يستيقظ إلا على أخرى.. وتم رفع الحصانة عنه ليواجه مصيراً أقله السجن أو حكم بخدمة المجتمع كما هي الأعراف القضائية المتعلقة بكبار السن.. وبالموازاة مع ما يعرفه بيرلسكوني من انهيار معنوي، يسعى فريقه ميلان للخروج من دائرة القلق إلى الاستقرار بفضل نتيجة قوية جداً هي الفوز على السلتيك بثلاثية نظيفة، جعلت الجماهير تشعر بأمل بالتأهل للدور القادم من منافسات بطولة أوروبا للأندية، بعد تراجع رهيب في الأعوام الثلاثة الأخيرة التي، بلا شك، هي جزء من فاتورة تصرفات الكافاليري التي هزت قيمة ومكانة الفريق الرافع رأس إيطاليا باستمرار.. سيلفيو ينهزم وميلان ينتصر في يوم واحد، إنها مفارقة حقيقية لا تحدث إلا في إيطاليا بلد العجائب والغرائب، فهل سينجح الثنائي غالياني وأليغري في التخفيف من وقع ما يحدث لمالك النادي، وما ينتظره من أيام سوداء، لأن قضاة إيطاليا من طينة التاجر المفلس الذي يبحث في دفاتره القديمة. فهل سيفتح القضاء ملفات أغلقها سيلفيو أيام كان الآمر الناهي، فيحدث له ما حدث لمارادونا الذي اعتقد الناس أن ذاكرة العدالة في إيطاليا ستعتمد معه مبدأ «سقط بالتقادم» في معالجة ملفات ذات صلة بالمال العام؟ وعلى رغم أن الأرجنتيني المثير للشغب غادر ملاعب إيطاليا منذ ربع قرن، إلا أن مطالبته بتسوية نزاعاته الضريبية لم تتوقف حتى رضخ دييغو للأمر الواقع، وأغلق الملف نهائياً.. وهو ما يمكن لسيلفيو أن يتهرب منه ولو كان بينه وبين القبر مقدار شبر واحد، وربما بين قضاة إيطاليا من يشجعون ميلان، وينزعجون لوضعه الحالي، ويطالبون بيرلسكوني بتحمل مسؤولياته في تمكين الفريق من الإمكانات التي تدفعه إلى الأعلى، لكن هؤلاء القضاة لا يلعبون في مسألة المال العام، وسيمارسون حقهم في الدفاع عن حق الدولة في متابعة ومعاقبة المتهربين ولو كانوا في حجم بيرلسكوني.. صحيح، هناك من يقول في أسف شديد: «أما كان على سيلفيو أن يتوقف عن أسلوب حياة ضار بصورة إيطاليا، فيدفع الضرائب لأنها مسألة قانون؟ وأن يتوقف عن التحرش بالبنات لأنه يحرج نفسه أمام بناته وأبنائه؟ وأن يهتم أكثر بفريقه الذي يصنع بهجة الكرة الإيطالية منذ عقود؟..» وهنا من يقول «الحمد لله انتهينا من وجع رأس اسمه.. الكافاليري». وهناك من يقول «لا ميلان يحسن لعب الكرة، ولا بيرلسكوني يحسن ممارسة السياسة».. وبين هؤلاء جميعاً يبقى بالوتيلي يصنع الحدث بما يغطي قليلاً على سيلفيو.. [email protected]