يقدّم الرئيس التونسي المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي والمرشح إلى الانتخابات الرئاسية المقرّر أن تجرى الأحد القادم، نفسه كضامن للديموقراطية، في حين يتهمّه خصومه ب"التنازل" عن مبادئه الديموقراطية من أجل تحقيق طموحاته في السلطة. ولد المرزوقي في العام 1945 في مدينة قرمبالية (40 كلم جنوب العاصمة تونس)، وهو من أصول قبيلة "المرازيق" العريقة في جنوبتونس. درس الطبّ في فرنسا، وعمل ناشطاً حقوقياً وأصبح معارضاً سياسياً للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ما اضطره إلى الإقامة في المنفى في فرنسا، بعد أن مورست عليه ضغوطات من قبل النظام في التسعينات. وأسّس في عام 2001 حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" الذي كان من أبرز أحزاب المعارضة المحظورة، لكن بعد الثورة الّتي أطاحت بنظام بن علي في عام 2011، اعترفت السلطات الجديدة بالحزب. ويدافع المرزوقي بقوة عن تحالف حزبيّ "المؤتمر" و"التكتل" العلمانيين مع حركة "النهضة الإسلامية"، بعد إجراء انتخابات "المجلس الوطني التأسيسي" التي أجريت في 23 تشرين الأوّل (أكتوبر) في عام 2011. وبموجب هذا التحالف تولّت "حركة النهضة" الفائزة بتلك الانتخابات رئاسة الحكومة، فيما انتخب المجلس التأسيسي المرزوقي رئيساً للجمهورية بصلاحيات محدودة، ومصطفى بن جعفر رئيساً للمجلس المكلف صياغة دستور جديد لتونس. وشكّلت الأحزاب الثلاثة حكومة "الترويكا" التي قادت تونس من نهاية عام 2011 إلى مطلع العام الجاري. ووصفت المعارضة تحالف حزب إسلامي مع حزبين مدنيين بأنه "ضد الطبيعة". وواجه المرزوقي انتقادات كبيرة من خصومه ومن بعض المعارضة، الّتي اتهمته ب "التخلي عن مبادئه من أجل طموحاته في السلطة". لكنّ المرزوقي لا يزال يدافع عن هذا التحالف، إذ يعتبره "جنّب تونس خطر الاستقطاب بين المعسكرين وحافظ على وحدة البلاد". ومنذ توليه الرئاسة، يدعو المرزوقي باستمرار الغرب إلى دعم التجربة الديموقراطية الناشئة في بلاده. وخلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن في شهر آب (أغسطس) الماضي، قال المرزوقي في تصريح مخاطباً الغرب: "إن فشلت تونس يمكنكم أن تقولوا وداعاً للديموقراطية في العالم العربي لمدة قرن". ويخوص المرزوقي الانتخابات الرئاسية القادمة بصفته مرشحاً مستقلاً، لكنّ خصومه يقولون إنّه "يحظى بمساندة غير معلنة من حركة "النهضة الإسلامية". وأعلنت الحركة أخيراً أنّها "لن تساند أي مترشح في الانتخابات الرئاسية"، بعد أن فاز خصمها "نداء تونس" بالانتخابات التشريعية التي أجريت في أواخر الشهر الماضي. وارتفعت وتيرة الانتقادات الموجّهة إلى المرزقي بعد أن استقبل في قصر "قرطاج" الرئاسي مجموعة من دعاة "التيار السلفي الجهادي" وممثلين عن "رابطات حماية الثورة" المحسوبة على الإسلاميين. ومنذ الإطاحة بنظام بن علي، قُتل عشرات من عناصر الأمن والجيش في هجمات نسبتها السلطات إلى "جماعة أنصار الشريعة بتونس" وهي التيار السلفي الجهادي الرئيس في تونس. ودفعت الانتقادات المتزايدة التي واجهها المرزوقي عدداً من مستشاريه إلى الاستقالة، كما أضعفت حزب "المؤتمر" الذي شهد انشقاقات كثيرة ولم يحصد إلاّ على 4 مقاعد في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعد أن كان ثالث قوة سياسية في المجلس التأسيسي المنبثق عن انتخابات عام 2011. ويرفض المرزوقي ارتداء ربطة العنق ويستبدلها بمعطف "البرنس" التونسي، و"المظلة"، وهي طاقية رأس تقليدية مصنوعة من سعف النخيل يرتديها التونسيون في الصيف، الأمر الّذي استقطب العديد من المعلّقين من العامّة ووسائل الإعلام المحلية.