إنشاء قطار الحرمين الذي يقلل المسافة بين الحرمين إلى ساعة واحدة، لم يمح ذكريات تفاصيل قيادة «ابن الفقيه» قطار الملك سعود، ليكون بذلك أول سعودي يقود القطار السريع، وأول موظف إداري في مشروع الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ومرافقته وزير التخطيط ضمن أول وفد سعودي زار كوريا الجنوبية، وتسلم مفتاح العاصمة سيول. وأوضح سعد محمد الحجيلي ل«الحياة» أنه أكمل المرحلة الابتدائية في عام 1369ه، في مدرسة الصحراء الخيرية بقرية المسيجيد، التي تبعد عن المدينةالمنورة نحو 80 كيلومتراً. وتعد أول مدرسة في المملكة تقام في البادية. وبحكم أنه يجيد القراءة والكتابة، إذ درس في صباه عند مشايخ الجامع، وكان والده يسمى الفقيه، كونه الأكثر علماً في الأمور الشرعية، استطاع اجتياز العامين الأوليين في عام واحد، وهو ابن ال10 أعوام. وتحفيزاً لطلاب البوادي على الدراسة صرف له راتب يبلغ 15 ريالاً في الشهر. وبعد إكماله المرحلة الابتدائية التحق بالمعهد العلمي في المدينةالمنورة، الذي كان أشبه بالكلية آنذاك. وأضاف: «أتيحت لي فرصة الالتحاق بالسكة الحديد التي كانت تتبع لشركة أرامكو السعودية في عام 1370ه للتدريب والعمل. وتدرجت من «عامل فرامل»، إذ كان باستطاعتي الصعود والنزول من القطار وهو يسير على سرعة 40 إلى 50 كيلومتراً، إلى أن وصلت إلى درجة رئيس مراقبي سير القطارات». وكان لوفاة صديقه أثر في قراره عن ترك قيادة القطارات، وقال: «أثناء قيادتي لقطار شحن محمل بالبضائع لشركة أرامكو، رغب صديقي عبدالرحمن معاون السائق في فصل المقطورة على طريقة المناورة الإنكليزية، وأثناء محاولة الفصل، لم أنتبه له خلال لف القطار، ما أدى إلى دخوله تحت القطار وتوفاه الله، وأُلزمت بدفع الدية وكان مقدارها 3 آلاف ريال للسكة الحديد. تركت بعد الحادثة قيادة القطارات على رغم حبي لها وولعي الشديد بها، وتحولت إلى العمل الإداري وتدريس وسائل السلامة في القطارات». وأشار إلى حكايته وقت قاد القطار وعلى متنه مدير السكة الحديد الأميركي «المستر جورج»، وقال: «كانت مدة الرحلة بين الرياض والدمام 10 ساعات، وفي طريق العودة من الرياض وقت الفجر بالقرب من بقيق، صادفني ضباب على الطريق، وأثار انتباهي أن صهريجاً من النفط كان منزلقاً ومستقراً في المنطقة المستوية فوق السكة، ولم يكن هناك وقت لاستخدام الفرامل فرفعت ساقي، وعندما توقف القطار دخل المدير ليوبخني باستخدام القبعة، لكنه بعدما تبين له الموقف شكرني وقدم لي خطاب شكر». واستمرت خدمته بالسكة الحديد حتى العام 1382ه، لينقل خدماته إلى وزارة البترول والثروة المعدنية، مبتدئاً بالتدرج الوظيفي حتى الوصول إلى مدير مكتب وكيل الوزارة هشام ناظر في عام 1387ه، وأحيلت خدمته إلى الهيئة المركزية للتخطيط في وزارة التخطيط. وزاد: «كنت من ضمن أول وفد يشكل لزيارة جمهورية كوريا الجنوبية مع رئيس الهيئة لإحضار الأيدي العاملة الكورية، وتسلمت في هذه الزيارة مفتاح سيول». وانتهت خدمة الحجيلي في الهيئة عام 1394ه بطلب إحالته للتقاعد بناء على رغبته، وكان هذا التقاعد الأول له، إذ أحيل إلى التقاعد من الخدمة مرتين، ثم مارس الأعمال الحرة مدة عامين في مجال المقاولات. وعند إنشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع أعيد إلى الخدمة فيها كأول موظف إداري في المشروع، بطلب من نائب رئيس الهيئة هشام ناظر، واستمر بها إلى عام 1398ه، وأحيل بعدها إلى التقاعد للمرة الثانية بناء على طلبه للتفرغ للعمل الحر.