كان لوزارة العمل جهد مشكور أطلقته بمساندة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وتعاون الوزراء، كل في ما يخصه نحو تصحيح أوضاع العمالة المخالفة في بلادي، وهو أمر يدعو إلى السرور والاطمئنان، يسير بنا إلى فضاء عمل نقي ومريح ومنظم ملؤه الفرح والتفاؤل بما سيؤول إليه هذا التصحيح من انعكاسات رائعة على سوق العمل. بدأت الحملة على بركة الله، وما إن حانت ساعة الصفر، وانتهت مهلة المليك، فإذا بطغمة باغية تهيج، فتعتدي على الأرواح والممتلكات في مشهد مؤسف ومروع، ومع شديد الأسف تجاه ما وقع ويقع، إلا أن كل عاقل يعلم بأنه أمر متوقع، فالورم لا يستأصل إلا بجراحة، والجراحة مؤلمة، ولا بد لمكان الجرح أن يطهر، وللشر أن يزول قبل أن يخاط مكان الجرح مجدداً. ما شهدته «منفوحة» في الرياض ربما تشهده أحياء سكاكا شمالاً أو صبيا جنوباً ربما مكة – حرسها الله - غرباً أو حفر الباطن أو الدمام شرقاً، لأن بلادي حماها الله قارة شاسعة مترامية الأطراف وعدد العمالة في خانة الملايين وحملة التصحيح الماضية قدماً لن تروق لبعض الفئات قطعاً، ابتدءاً من «تجار التأشيرات» وانتهاءً بشركات ومؤسسات القطاع الخاص من مقاولات وخدمات وغيرها كان للحملة آثار عليها، لأن الوضع كان في حال عارمة من الفوضى، فأهلاً ومرحباً بالعمل المنظم والبيئة الصحية للعمل. ما تداولته وسائل الإعلام الرقمي من رصد لأحداث منفوحة لحظياً صوتاً وصورة كان في ظني عاملاً بارزاً في تناول الصحافة الورقية لها بصورة أكثر شفافية ووضوحاً، فرضا نفسيهما على الحدث بل إن الصحافة الورقية ربما استقت رصدها من الصحف الإلكترونية ووسائل التواصل. وعلى هذا يتضح بجلاء ضرورة الشفافية الإعلامية الكاملة في مثل هذه الأحداث بحذر وحكمة، حتى لا يشوه بقصد أو بغير قصد مشروع الحملة الموفقة والنبيلة في أهدافها ومقاصدها، كما أنه لا بد أن يلتقي مع هذه الشفافية حزمٌ أمني صارم يعلن بعد التحقيق الجزاء الرادع لمن يستحقه، فالأمر غاية في الخطورة والألم في آن واحد، فإزهاق الأرواح وهتك حرمة الأنفس المعصومة والممتلكات المصونة لا يقبل بأي عذر كان، حتى لو فرضنا جدلاً أن من قام بالشغب قد تعرض لظلم، فهذا لا يبرر له ما اقترفته يداه من فعل شنيع! فكيف وإن كان قد أقدم على هذه الأفعال المشينة بهمجية غير مبررة أو بأسباب ودوافع غير مقبولة! لا أشك في أن الأمن والقضاء سيقول كلمته حتى لو بلغ الأمر حد الحرابة «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبّوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم»، وأي فسادٍ أعظم مما كان؟ لابد من أحكام عاجلة وحاسمة قضائياً وأمنياً وشفافية ومكاشفة إعلامياً، لنقضي على الداء، وننتفع بالدواء. حرس الله بلادنا الغالية من كل سوء ومكروه، وجزى المخلصين من رجال الأمن والإعلام خيراً، وحفظهم لهذا الوطن. حمد بن إبراهيم المنيف إعلامي وأكاديمي [email protected]