اندلعت امس اشتباكات عنيفة في بنغازي بين الجيش الليبي ومجموعة «أنصار الشريعة» المتشددة، أوقعت 14 قتيلاً على الأقل وأكثر من خمسين جريحاً. وذلك بعد حمام الدم الذي شهدته العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي، وأسفر عن قتلى وجرحى بالعشرات خلال تظاهرة ضد انتشار الميليشيات. ودعت الحكومة الليبية سكان بنغازي إلى الهدوء، وأصدرت بياناً طلب منهم «التزام الهدوء حتى تتمكن السلطات الأمنية من ضبط الوضع من خلال الغرفة الأمنية والقوات الخاصة وقوات الأمن والتعاون الكامل معها». واندلعت المواجهات لدى تعرض دورية من «القوات الخاصة» لهجوم قرب المقر العام ل «أنصار الشريعة»، وفق الناطق باسم قوات «الصاعقة» العقيد ميلود الزوي، الذي أضاف: «الجيش قام بالرد، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بكل أنواع الأسلحة». وجرت مواجهات بين الجانبين في أحياء أخرى من المدينة، وأعنفها قرب عيادة خيرية تابعة ل «أنصار الشريعة». وأحرق سكانٌ أحدَ مقارّ المجموعة المتشددة، قبل أن يسود الهدوء بعد الظهر في بنغازي. وأفاد شهود بأن دوي انفجارات وإطلاق نار سُمعا في أحياء بنغازي منذ الصباح. ولا يعرف تحديداً عدد ضحايا «أنصار الشريعة» لأنهم يُعالَجون في مستشفى تديرها الجماعة. في المقابل، أعلن أحد قيادييها محمود البرعصي أن تنظيم «القاعدة» هو قدوة للجماعة. وقال عبر إحدى القنوات الليبية الفضائية إنه لا يعترف بحكومة بلاده التي وصفها بأنها «كافرة». وقال البرعصي: «نحن قدوتنا فقط الشيخ أسامة بن لادن و(أيمن) الظواهري. إن الديموقراطية كفر». ودعا إلى مقاتلة «قوات الصاعقة» في بلاده، معتبراً أن قتالهم «جهاد». وأضاف: «نحن أنصار الشريعة لا نعترف بالدولة الليبية سواء كانت حكومة أو مؤتمر» (برلمان)... نحن نعترف فقط بشعارنا الذي فيه المصحف يهدي والسيف يقطع»، مهدداً الليبيين بالقول: «إما تطبيق الشريعة أو السيف». من جهة أخرى، دعا النائب الأول لرئيس البرلمان الليبي عزالدين العوامي الأطراف المتقاتلة في بنغازي إلى وقف القتال وضبط النفس والاحتكام للحوار و «الإسراع في تنفيذ قرار البرلمان بإخلاء بنغازي والمدن الأخرى من التشكيلات المسلحة واقتصارها فقط على الجيش والشرطة». كما دعا «وجهاء وأعيان المدينة» إلى «العمل لتهدئة الوضع». وقال العوامي، الذي عينه البرلمان أول من أمس نائباً أول لرئيسه، إن التحقيقات ستنطلق «لمعرفة المسؤول عن الاشتباكات التي شهدتها مدينة بنغازي»، مشيراً إلى أن «وزارة الداخلية والنائب العام سيتوليان ذلك». وأضاف: «نحن لا نستطيع اتهام أي جهة حاليا باعتبار أن هذا الأمر مخول به النائب العام وحده». وكان نائب رئيس الحكومة الليبية وزير الداخلية المكلف، الصدّيق عبد الكريم أعلن في وقت سابق أمس، أن الحكومة «تعتبر أن الجيش وقواته الخاصة يقومون بواجبهم في بنغازي وهو خط أحمر ترفض التعدي عليه من قبل أحد». يُذكر أن «أنصار الشريعة» التي تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، تأسست بعد سقوط نظام معمر القذافي في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 في مدينة بنغازي ومن ثم تشكلت فروع لها في مصراتة وسرت ودرنة ومدن أخرى ليبية. ونسبت إلى هذه الجماعة مسؤولية اغتيال قضاة ومسؤولين أمنيين في بنغازي كما يُشتبه في ضلوعها في الهجوم الذي قُتل فيه السفير الأميركي وثلاثة أميركيين آخرين في 11 أيلول (سبتمبر) 2012، لكنها تنفي أي صلة لها بهذه الهجمات.