لا يكاد المرء يتحمل تلك الأصوات الصاخبة التي تنبعث من داخل عند مروره بالقرب من أحد محال الفرق الموسيقية المنتشرة في مناطق محددة من بغداد، والتي يميل أصحابها الى بث الأغاني الشعبية المتداولة لجذب الزبائن. وعلى رغم اندثار غالبية تلك الفرق وترك بعضها العمل والاتجاه الى أعمال ومهن بديلة بسبب قلة الطلب عليها وقيام بعض المتشددين بإحراق محال الفرق الموسيقية الشعبية لإجبارها على الرحيل عن بعض المناطق في بغداد، فإن تلك الفرق دبت فيها الحياة مجدداً اليوم وعادت لإحياء الأعراس والمناسبات السعيدة. ففي حي الفضل الشعبي وسط بغداد انتشرت مجموعة صغيرة من محال الفرق الموسيقية على الشارع الرئيس وعلق أصحابها مجموعة من الآلات الموسيقية الشعبية خارجها لجذب الأنظار، فيما أطلق بعضهم العنان لأصوات المذياع والمسجل حيث يصل صوت الغناء الصاخب إلى أكثر من 40 متراً عن المكان، وهو نوع من الاعلان المجاني عن الفرقة. عمل غالبية الفرق الموسيقية موسمي، فهو يزداد في فصل الصيف وينخفض في الشتاء، فضلاً عن تزايد الطلب عليها قبل شهر رمضان بأسابيع وقبل نهاية السنة الهجرية لرغبة بعض العائلات إتمام الزفاف قبل شهر محرم. وعلى الشارع الرئيس في منطقة العلاوي جلست مجموعة من اعضاء احدى الفرق الموسيقية داخل المكتب وسط الضجيج الصادر عن أغنية شعبية وهم يتبادلون أطراف الحديث مع مجموعة من الزبائن. ومن الطريف أن الفرق تفضل التعامل مع أصدقاء العريس وليس مع والدته أو بعض عائلته فهم الأكثر سخاء مع الفرق الموسيقية، إذ يدفعون أعلى الأسعار مقارنة بالعريس الذي يكون بخيلاً مع الفرقة التي يستأجرها وفق بعض العازفين. ويقول محمد حامد وهو عازف في فرقة «أبو عزوز» في الفضل إن «العريس ووالدته هم الأبخل بين الزبائن، أما والد العريس وأصدقاؤه فلا يناقشون الأسعار». وعلى رغم ذلك يعترف بعض أصحاب الفرق بأنهم يعزفون في حفلات اصدقائهم ومعارفهم من دون مقابل، ولا يبخلون بعزف الألحان التي تلقى رواجاً بين الناس ويفضلها الشباب في مثل هذه المناسبات. عازف الطبل سلام مياح الذي يعمل في فرقة «أبو عمر» يقول: «نشارك في زفاف بعض الأصدقاء كنوع من الواجب من دون مقابل، لكن هذه الأمور لا تحدث دائماً».