في محاولة منها لوقف التصريحات القوية ضد لجنة الحكام واصلت لجنة الانضباط في اتحاد كرة القدم السعودي فرض الغرامات المالية على رؤساء الأندية الكبيرة، العقوبات باحثة عن منح الحكام حصانة شرعية تحفظ حقوقهم وتحميهم من محاولات تأليب الرأي العام والجماهير ضدهم كما حدث في أعوام سابقة. لجنة الانضباط كشرت عن أنيابها منذ صدور قرار تشكيلها في الموسم الحالي، بحثاً عن حفظ الحقوق في الوسط الرياضي، ففرضت «العقوبات المالية» على كل من يتجاوز الخطوط الحمراء بالتشكيك في نوايا الحكام أو توجيه الاتهامات المباشرة لهم من دون دليل قاطع أو برهان ساطع. أول ضحايا تلك القرارات كان رئيس النادي الأهلي الأمير فهد بن خالد، إذ غرمته الانضباط 50 ألف ريال في ضوء الشكوى المقدمة ضده من رئيس لجنة الحكام عمر المهنا إثر تصريحه لبرنامج «أكشن يا دوري» بعد نهاية مباراة فريقه أمام الاتحاد في الجولة السادسة، والذي اتهم فيه حكم المباراة عبدالرحمن العمري باحتساب ركلة جزاء غير صحيحة للاتحاد «عمداً». ثم عادت لجنة الانضباط بقرار لا يقل قوة عن سابقه حين عاقبت رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد بغرامة مالية قدرها 40 ألف ريال بعد حديثه إلى البرنامج ذاته «أكشن يا دوري» بعد إقرار لجنة الانضباط لعب مباراة فريقه أمام الشباب من دون جمهور وغرامة مالية قدرها 100 ألف ريال إثر الهتافات العنصرية ضد فريق الاتحاد، إذ اتهم اللجنة ولجان الاتحاد السعودي كافة بتقصد ناديه بالعقوبات لأن الأمور تدار من خارج الملعب على حد وصفه، ولأن فريقه يعد الأكثر حصداً للبطولات. اللافت في الأمر أن لجنة الاستئناف أيدت قرار الانضباط في شأن عقوبة رئيس الأهلي الأمير فهد بن خالد بعد تقدمه باستئناف، وهو - ربما - الذي دفع رئيس الهلال إلى التراجع عن فكرة تقديم الاستئناف بعد أن بات في حكم المؤكد خضوعه للرفض ذاته. العقوبات وأصداؤها قسمت الشارع الرياضي، إذ يصر البعض على أن العقوبات المالية ألقت بظلالها على الرؤساء كافة، فكمّت أفواههم وجنبتهم التمادي في التصريحات وخصوصاً ما يمس عمل اللجان في اتحاد الكرة، مستدلين برئيس النصر الأمير فيصل بن تركي إذ يرون أنه تراجع كثيراً في الموسم الحالي عن حدته تجاه الحكام ولجنة التحكيم على رغم تضرر ناديه في بعض المباريات، واستشهدوا بتصريحه إثر لقاء فريقه أمام الفتح وتردده في البوح عما في داخله وترديده عبارة «على رغم كل ما حدث في المباراة فقد حققنا النقاط الثلاث ولن أحدد ما حدث للناس ولن أعين ولن أخصص أحداً بعينه». نظرة أخرى يتبناها البعض الآخر من المتابعين، فعلى رغم اتفاق الأغلبية على أهمية إصدار القرارات الرادعة، إلا أن المبالغ التي يتكبدها المخطئ لا تشيد حواجز عالية أمام المنتقدين، ف40 أو50 ألفاً لا تمثل أحياناً أكثر من رسم مادي لقاء كلمة يراها مسؤول النادي حقاً تجاه الحكام أو اللجان، وتأكيداً على قوة ناديه. بين الماضي والحاضر، كيف اختلفت معادلة العقوبة الانضباطية؟ سؤال يعيدنا إلى مواسم قريبة، حين غرم رؤساء أندية 350 ألفاً أو400 ألف، فهل تراجعت اللجنة عن مثل تلك العقوبات خوفاً من أثر تعاقبها وبالتالي كسر متحمليها حاجز المليون عبر تصريحين أو ثلاثة، أم أنها باتت مقتنعة بأن عقوبة أقل وطأً قادرة على الحضور أكثر من مرة في الموسم الواحد على المخطئ ذاته من دون ترك أثر يدعو إلى إثارة غضب الشارع الرياضي، وحرمان الرياضيين من حرية الرأي «المسؤولة» قبل غيرها؟