الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    القيادة تعزي ملك المغرب في ضحايا الأمطار والفيضانات    السعودية تعزز التعاون الدولي في التحول الرقمي    توحيد الهوية تحت علامة واحدة تعكس الجودة والموثوقية.. وزير الصناعة: «صنع في السعودية» يرفع تنافسية المنتجات الوطنية عالمياً    المملكة رائدة أمن المطارات في العالم    بسبب قمع المعارضين.. كندا تفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين    ترفض أي وجود لقوات غربية.. روسيا تسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا    «أمهات المختطفين»: عذبوا المحتجزين.. مطالبة باستبعاد مسؤولين حوثيين من مفاوضات مسقط    أمينة العنزي: أول رائدة في مجال الصقارة بالحدود الشمالية    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    الأخضر بطلاً لكأس الخليج تحت 23 عاماً    في دور ال 32 لكأس ملك إسبانيا.. قطبا العاصمة أمام تالافيرا وبالياريس    باريس سان جيرمان وفلامنغو في نهائي كأس القارات    إطلاق برنامج «خبراء التطوير المهني» التعليمي    الإدمان النظيف.. كيف ندمن ما يقتلنا ببطء    أثر القراءة لا يزول    حوارية ب«كتاب جدة» حول الهوية الثقافية    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الصحة العالمية: ظهور سلالة فيروسية جديدة للإنفلونزا    5 أشياء في منزلك تزيد من خطر السرطان    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة    في الشباك    غونزاليس مع القادسية.. أحلام حطمها قطبا جدة    ترامب وقع أوامر تنفيذية في أقل من عام أكثر ممّا وقعه في ولايته الأولى    غرامة وسجن للعاملين لدى الغير    منطقة الرياض الأعلى في كمية الأمطار    أمين «التعاون الاسلامي» يستقبل الوفود المشاركة في الاجتماع التشاوري لآلية التنسيق المشتركة    المملكة وسوريا تبحثان إنشاء مدن صناعية وتعزيز التعاون الاقتصادي    28.88 مليار ريال رواتب موظفي القطاع غير الربحي    خيرية نظمي: لنا موعد في هوليود مع «هجرة»    جناح يوثق تحولات المشهد الثقافي السعودي    تراجع النفط إلى أدنى مستوياته الشهرية    مليار دولار مشتريات الساعات الفاخرة    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    «سعود الطبية».. نجاح قسطرة نادرة لطفلة    اكتشافات أثرية    انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة جائزة الجميح لحفظ القرآن الكريم في دورتها السابعة عشر    «السعودية للكهرباء» شريك طاقة في المؤتمر السعودي الثالث عشر للشبكات الذكية    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    الأمان المجتمعي يبدأ من الحوار    الإيمان يولد من المحبة لا من الخوف    اخطب لابنتك ولا تخطب لولدك    4658 حالة إسعافية بالجوف    مشكاة يشارك في جناح الطفل بمعرض جدة للكتاب 2025    زيلينسكي: مقترحات إنهاء الحرب في أوكرانيا قد تُعرض على روسيا خلال أيام    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائري الذي خسر وطنه
نشر في الحياة يوم 16 - 11 - 2013


الخميس 7/11/2013: كامو «الغريب»
ما يعنينا في مئوية ولادة البير كامو حضوره المؤثر في العالم العربي، في فترة المد القومي ونزعات التمرد في الستينات والجنوح الى الثورة في السبعينات من القرن الماضي، وذلك عبر مؤلفاته الروائية، خصوصاً «الغريب» و «الطاعون»، والأخرى التأملية مثل «المنفى والملكوت» و «الإنسان المتمرد». كامو العربي أكثر حضوراً من سارتر، لأنه قدم تمرد الإنسان أدبياً أكثر مما قدمه كنص فكري، فأقبل العربي مرتاحاً على قراءته، في حين كان الإقبال على أعمال سارتر أقل، كونها وسمت بالفلسفة، حتى تلك النقدية والمتصدية للقضايا العالمثالثية.
«غريب» كامو يرتكب جريمة قتل بفعل الشمس المتوهجة والضجر وعدم الوصول الى مكان آمن يضع فيه الإنسان أهواءه هرباً من الأرق. وطبيب «الطاعون» يتابع علاج مرضى ميؤوس من شفائهم، استجابة لموقف أخلاقي، في حين يدرك جيداً هزيمة الإنسان الأصلية أمام الموت. وأحدث ما نقل الى العربية «مفكرة كامو» وفيها دفاتر ملاحظات من 1935 حتى وفاته عام 1960. وتقدم المفكرة مفاتيح مؤلفات كامو وأفكار أخرى لم ينظمها في كتب. لكن النقاش الذي يتجدد هو موقفه من الثورة الجزائرية، هو الذي شارك في المقاومة الفرنسية ضد النازي أثناء إقامته متخفياً في باريس يكتب في صحيفة «كومبا» باسم مستعار.
أيد كامو الثورة الجزائرية في سياق نضاله من أجل العدل والمساواة، ونظر الى الجزائر كأمة عرب وأمازيغ وفرنسيين ويهود، وواحدة من الأمم التعددية في حوض المتوسط، بحر الحضارات. كان عدد المستوطنين الفرنسيين يناهز المليون في أربعينات القرن الماضي، تفضلهم السلطة على السكان الأصليين، ما دعا بعضهم الى لعب دور عصا الاستعمار. وواجه كامو هذه العدوانية وفضحها، كونه وفياً للجزائر «أرضه الحبيبة»، ودفع الثمن باضطراره للهجرة الى فرنسا.
وقد حرسته جماهير الثورة من هجمة المستوطنين الصارخين «الموت لكامو» حين زار الجزائر في مسعى أخير لوقف العنف، وخاب مسعاه لأن الافتراق اتسع بين الثورة والمستوطنين، ولم تكن واقعية نظرة كامو الى الجزائر الخليط، لأنها لم تأخذ في الاعتبار البنية الاستعمارية الخاصة. ثمة من يقارن بين كامو ومانديلا الذي سامح البيض واعترف بهم متساوين مع السود في جنوب أفريقيا. المقارنة لا تصح من ناحية بنيوية على رغم مآسي فرنسيين اعتبروا الجزائر وطنهم. لقد ألغى العنف احتمالات التسامح، وخسر كامو وطنه الجزائر حين بادر شارل ديغول أخيراً الى الاعتراف بأن البلاد لسكانها الأصليين وعلى الفرنسيين الجزائريين العودة الى أرض أجدادهم. وقد كانت صدمة لا بد منها في معطيات تلك المرحلة.
لم يعش كامو ليرى الجزائر مستقلة، لكنه لجأ الى الصمت، كحل لموقفه الذي يرفضه الطرفان المتصارعان، وهو كان صريحاً عام 1957 حين أجاب عن سؤال أثناء تسلّمه جائزة نوبل للآدب: «هناك من يزرع قنابل في الترام الجزائري، وقد تكون أمي في أحد القطارات، فإذا كان البعض يرى هذا القتل عادلاً، فأنا أفضّل حياة أمي».
الجمعة 8/11/2013: أعراض جانبية
يرى كثيرون ان الطائفية السياسية في لبنان واقع متجذر، وأنها تؤمّن قدراً معقولاً من التعددية والحرية يحفظ المجتمع من استبداد النمط الواحد، لكن للطائفية أعراضاً جانبية تسمم المجتمع، حين تستقل كل طائفة بنفسها وتتنازع الطوائف جسم الدولة، تمزقه، ويكتشف الجميع ان الدولة بلا شعب.
الطائفية تجربة حية على مرارتها، وهي لم تحظ باهتمام الأدباء، خصوصاً كتاب القصة والرواية، على رغم انها تصفع وجوههم كل يوم وتتحدى عقولهم وتعرقل خيالاتهم.
الطائفية القاسية المفرّقة بين الأصدقاء وبين الأحبة، كيف أن تأثيرها مدمّر على الفرد، على إحساسه بإنسانيته ومجالات اختياره.
السبت 9/11/2013: جرس الرعاة
وحدها الكلاب تجرؤ على رفع الصوت تنبيهاً لأقدام غريبة. وحدها تنبح بتوتر وتتحرك حول القطيع، تحفظه في دائرتها. لقد تعودت على الحراسة وضُربت بها الأمثال في الأمانة.
الأقدام الغريبة رآها الرعاة أيضاً، ورفعوا أنظارهم لتكتمل صور رجال يلبسون ثياباً غريبة لا تناسب طقساً معتدلاً يميل الى الحرارة. كانت قطرات العرق تتساقط من جباههم على العشب فتتهدل أوراقه ثم يداخلها اصفرار، كأنما ضربتها الشمس.
خرج الرعاة من أكواخهم منزعجين من تصاعد النباح، ليروا في أفق الجبال مزيداً من الرجال، وكانت رائحة أجسادهم تسبقهم وتملأ الهواء. قال الرعاة انه عهد جديد في جبالهم لم يشهده الأجداد ولم تتناول مثله الحكايات.
جبالنا المفتوحة على الشمس والعشب والمواشي والكلاب والرعاة، ترتادها جماعات غريبة لا تألف السكان ولا يألفونها، وكان أول ما فعلت قتل الكلاب، قتل الأمانة.
الأحد 10/11/2013: رسالة جبرانية
المجلة الفصلية «بدايات»، صدر عددها السادس في بيروت، وفيه مقاربات لسورية ومصر والبحرين وإيران واليمن من منظور ماركسية متجددة، كما هو منهج رئيس تحريرها فواز طرابلسي. و هذا المنحى الاجتماعي في المعالجة يجعل مادة المجلة حيوية، حتى في المقالات ذات الطابع النظري.
في الباب الأدبي من المجلة استعادة لإحدى رسائل جبران خليل جبران الى صديقه جميل معلوف، رسائل ثلاث كانت بين أوراق الشاعر فوزي معلوف الذي رحل في ريعان شبابه، عثر عليها شقيقه الشاعر شفيق المعلوف فنشرها في مجلة «العصبة» في البرازيل، وفي انتظار إعادة نشر الرسالتين نقتطف من الأولى:
- صحتي كما تعهدها، فهي مثل قيثارة في يد من لا يحسن الضرب عليها فتسمعه أنغاماً لا ترضيه. عواطفي كالبحر ذات مدّ وجزر، ونفسي كالشحرور المكسور الجناح المختبئ بين الأغصان، يتألم إذ يرى أسراب الطيور مرفرفة لأنه لا يقدر أن يجاريها، ولكنه كالطيور يفرح بسكينة الليل ومجيء الفجر وشعاع الشمس وجمال الوادي.
- نظرت فرأيت ان السبل التي اتخذها الكتّاب في ما مضى لمقاتلة استبداد الاكليروس، هي هي ذاتها مضرّة بمبادئ أولئك الكتّاب ونافعة لمبادئ أعداء الهيئة. الكتّاب كانوا يتخذون احتقار التقاليد الدينية سبيلاً لإسقاط الكهّان القائمين بتلك التقاليد، وهذا هو الخطأ، لأن العاطفة الدينية هي شيء طبيعي في الإنسان، أما الاستبداد بواسطة التعاليم الدينية فليس من الأمور الطبيعية بل هو بعكسها.
- أشعر بمجاعة عميقة الى الاقتراب من الأعمال العظيمة الهائلة، وبشوق مميت الى الأقوال الكبيرة الخالدة. وأشعر بأن هذه المجاعة وهذا الشوق هما نتيجة قوة هائلة في أعماقي، قوى تريد اعلان ذاتها بسرعة فلا تقدر، لأن الوقت لم يجئ بعد - لأن الناس الذين ماتوا عند ولادتهم يقفون حجر عثرة في سبيل الأحياء.
- هكذا يا عزيزي صرفنا تلك الليلة بين السجائر والقهوة والشعر وما جانسه، وفي اليوم التالي كتبَتْ إليّ الشاعرة تقول: إبعث لي بهدية من سجائرك، ففعلت مسرعاً، وقد أهدت إليّ لقاء ذلك قصيدة جميلة نظمَتْها في السجائر التركية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.