خُلق «آدم» عليه السلام من تراب وأمنا حواء من ضلعه «لحكمة» تتجلى في أنها من تكوينه، لذا سيتعامل معها لأنها منه. فالمرأة فضّلها الله على الرجل في أكثر من موقع في القرآن، وهذا شرف لها، لكن نصوصاً، مثل: «الرجال قوامون على النساء» وميراث المرأة نصف ميراث الرجل وغيرها يتبين من ظاهرها أنها أقل منه. تُرى هل فهمنا هذه النصوص التي جعلتنا ننظر إليها كطفل لا يحسن التصرف؟ وهل فهم بعض الدعاة من مسألة الولاية والوصاية والقوامة عليها أنها يجب أن تكون تحت إشارته؟ وهل النصوص التي ذُكر فيها تفضيل الرجل عليها وغيرها أوقعتنا في سوء فهمها وكيف هي؟ وما علاقتنا بها؟ وهل دخلت العادات والتقاليد في تفسير تلك النصوص وأن المفسر فهم من قاعدة «عادة أهل البلد» ومن «شُبهة الفتنه» أن يحْرمها من حقوقها؟ وهل الحقوق في الأصل بيد الرجل، كي يجيز لها ما يشاء وفق رؤيته؟ وهل حالها الآن من ناحية مكانتها ودورها هي الحال نفسها كما هي عليه في العصر النبوي وما بعده؟ وهل الإجحاف وهضم حقوقها نتيجة نظرية الحلال والحرام التي لم تبنى على قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، وإنما بنيت على كل ما لم نعتد عليه فهو «مُحرم»؟ من يقول إن حقوقها منحصرة في قيادتها فهو حق أحادي من عشرات الحقوق. وما نص «هن لباس لكم» و«إذَا دَعَا الرّجُلُ امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتّى تُصْبِحَ» و«لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» التي فُسرت لنا بمفهوم «هي لك وتحت يدك»، إلا سبباً لهضم الحقوق الزوجية والتعامل معها بمنظور السيد لعبده؟ ومع الأسف كانت قاعدة «سد الذرائع» هي من أخطر القواعد الفقهية، لأنه ليس لها معيار واضح يبنى عليه، ولا يمكن أن تمنع مجتمعاً من حق ما تحت شبهة حصول فتنة، ومع ذلك كانت من أكثر القواعد استخداماً في التضييق! فنحن بحاجة إلى وقف قاعدة «سد الذرائع» وما شابهها، وذلك سداً للذرائع، والقول على الله بلا علم، ومنعاً من حرمان المجتمع من حقوقه. إن المتأمل لحال المرأة في وقتنا يجدها بين قطبين، الأول لا يرى منها إلا جسدها، والثاني يرى أنها خلقت من ضلع أعوج ينكسر باعتداله، وأنه من يتحكم بها، بينما هناك فئة قليلة تنظر إليها بأنها شقيقة الرجل بل جزء منه، وأن الفارق بينهما «لغة التأنيث». فإن مسألة قيادتها أمر لا يحرمه دين بل القانون وحده يمنع، وإن منعها فهو حرمان من حقها، ومن ظن أنها لن تقود! فنقول له ما نهاية كلمة «لن»، أي إلى أي مدى لن تقود؟ لماذا نحن مرعوبون من «قيادتها»؟ هل يعني ذلك انتشار الفسق في مجتمع؟ وهل أننا لا نقييم شعائر الله؟ وهل سنفتح دوراً للأطفال مجهولي الهوية؟ من قال إن معنى: «وقرن في بيوتكن» أنها تلزم بيتها؟ وإذا كان المقصد من مكثها في البيت لا تفتن الرجال، ففي قيادتها أين تكمن فتنتها وأين يكون اختلاطها؟ أليست التي مع السائق «فتنة» لاختلاطها به؟ لكن ما الذي يجعلنا نحرمها من حقها بسبب سوء تربيتنا وتصرفاتنا؟ أليس من الأولى القيام بتوعية المجتمع لبيان حقوقها؟ المشكلة أننا نتجادل على «مباح» في الأصل، ونُحرمه تحت ذرائع نبالغ فيها. فمسألة قيادتها ليست إلا مجرد وقت، يفرضه الأمر الواقع كما فرض غيره. فالعيب أن نمنعها من حقها، ثم يأتي الزمن فيعيد لها تلك الحقوق. [email protected]