وكأنه ولد وفي حضنه كرة من ذهب، صديقان قلما يفترقان، كلما كبر سنه وبطأ ركضه بقي لمعان الذهب أكثر إخلاصاً له، نجم الكرة المصرية وفريق الأهلي القاهري محمد أبوتريكة بات يكتب اسمه اليوم في سجلات الكرة المصرية بماء الذهب نظير ما حققه من إنجازات وألقاب خلال مسيرته الرياضية الحافلة التي توشك على «الاسترخاء». 23 مرة تلك التي عانق فيها أبوتريكة الذهب مع فريقه الأهلي، وعناقان آخران مع منتخب «الفراعنة»، إضافة إلى أكثر من 18 لقباً وإنجازاً على المستوى الشخصي، واضعاً بذلك اسمه في قائمة «الفخر» الرياضية المصرية. صبي يعشق كرة القدم يبلغ من العمر 12 عاماً، لم يكن يتوقع حتى في أجمل أحلامه، أن يكون نجم الكرة المصرية الأول أعواماً عدة، لكن نصيحة أسدى بها أحدهم إليه قدمت لكرة القدم العربية والمصرية أحد أبرز نجومها، أبوتريكة استثمر موهبته الكروية وتوجه إلى أحد الأندية الرياضية بناء على النصيحة، فلعب لفريق الترسانة الذي أشركه مع ناشئي النادي على رغم صغر سنه حينها، إذ لم يتجاوز ال17، وخلال ثلاثة مواسم قضاها هناك أسهم في صعود فريقه إلى مصاف الأندية الممتازة بفضل أهدافه ال23 التي أحرزها متفوقاً على بعض المهاجمين على رغم وجوده في منتصف الملعب. شتاء 2004 بدأت حكاية أبوتريكة مع الأهلي بعد ثلاثة مواسم قضاها مع الترسانة في الدوري الممتاز، وتمكن من قيادة فريقه الجديد إلى الفوز في أول إطلالة له مسجلاً هدفي المباراة في شباك طنطا، ليتذوق بعدها مع «القلعة الحمراء» البطولات بنكهاتها كافة، فاحتكر مع فريقه لقب الدوري المصري سبعة مواسم متتالية. الذهب لا يصدأ، كذلك الحال بالنسبة لأبوتريكة الذي تبقى علاقته وطيدة بالأهداف «الذهبية» والحاسمة، إذ كان حضوره الطاغي في مواجهات الحسم السمة الأبرز في حياته التي تجلت مع «القلعة الحمراء» ومع «الفراعنة» بعد أن عبّد لهم الطرق نحو المجد في مناسبات عدة. ولعل هدف أبوتريكة في شباك الصفاقسي التونسي في نهائي دوري أبطال أفريقيا يعد أحد أثمن الأهداف التي تزخر بها ذاكرة اللاعب، إذ عكس هدف الدقائق الأخيرة وجهة اللقب الأفريقي من سوسة التونسية إلى العاصمة المصرية. ولأن اللاعبين جزء من مجتمع يملك كل أبنائه أفكاراً وتوجهات خاصة، يعيب البعض على أبوتريكة إقحامه أفكاره السياسة في الرياضة، فيما يرى آخرون أن اللاعب صاحب الإنجازات يملك الحرية في إبداء أرائه حتى لو نقلها من خارج المستطيل الأخضر طالما أنها لا تسيء إلى أحد، عبارة «نحن فداك يا رسول الله» التي ارتداها اللاعب كانت بداية مساندته للقضايا الإسلامية والسياسية، التي كان يكشف عنها بعد احتفاله بالأهداف، قبل أن تعقبها عبارة «تعاطفاً مع غزة» التي لقيت أصداء سياسية واسعة. ووسط كل الجدل السياسي الذي تعيشه «أم الدنيا» لم يخف أبوتريكة تعاطفه العلني مع الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، قبل أن يصدر فريقه قراراً بمنع لاعبيه من الخوض في الشؤون السياسية، وأخيراً تعاطف اللاعب المستمر مع ضحايا جماهير الأهلي ال72 في مجزرة بورسيعد، وهو الرقم الذي طلب ارتداءه خلال فترة احترافه القصيرة مع بني ياس الإماراتي، قبل أن يرتديه أثناء احتفاله ببطولة الأهلي الأخيرة في أبطال أفريقيا. أبوتريكه جمع المجد من أطرافه، إلا أنه سيتذكر دائماً أنه حرم شرف المشاركة في العرس الكروي العالمي وعلى رغم جمعه المجد من أطرافه فإن الغياب عن مونديال المنتخبات هو الغياب الأكبر في سجلات أبوتريكة المرصعة بالإنجازات، ويبقى الأمل أشبه بالمستحيل حينما يستضيف الفراعنة إياباً منتخب غانا بعد تأخرهم ذهاباً بستة أهداف في مقابل هدف.