لقيت حياكة «الكورشيه» أخيراً، رواجاً ملحوظاً بين طالبات المدارس في المنطقة الشرقية، حتى باتت صنارة «الكورشيه» الرفيق شبه الدائم لكثير من الأنامل الناعمة، فيما لا تفارق بكرة الصوف جيوبهن أو أحضان بعضهن. ولم يعد من اللافت رؤية طالبة تجلس في فناء المدرسة أثناء الفسحة، أو قاعة الدرس بين الحصص، أو حتى في الحافلة، أثناء التوجه إلى المدرسة صباحاً، أو عند الانصراف منها ظهراً، وزميلاتها الطالبات يتحلقن حولها، من أجل تعلم هذا الفن الذي بات يستهوي الكثيرات منهن، والذي تتضمن مشغولاته عدداً من الموديلات المختلفة لجاكتات وكنزات، وشالات، وحقائب يدوية متنوعة الأحجام ومتباينة الأشكال، بدءاً من حقيبة المدرسة، وانتهاء بحافظة النقود، أو الجوال، إضافة إلى مشغولات الأساور، وربطات الشعر، والتي تتشكل جميعها من عدد من غرز السلسلة. وتعزو هنادي محمد، شغفها بهذا الفن، إلى شعورها «بمتعة كبيرة لدى مزاولته»، وتقول: «يخامرني شعور بالاعتداد حالما أُنجز إحدى القطع. كما أنني أسعد برؤية نظرات الإعجاب من زميلاتي، ويعجبني توددهن لي كي أعلمهن إياه»، كاشفة بأنها طورت مهاراتها في «الكورشيه» عن طريق متابعة بعض المواقع التي تهتم بهذا الفن على شبكة الإنترنت. أما أسماء عبدالعزيز فتعلمت «الكورشيه» في المرحلة الثانوية، من خالتها، التي تتقنه بشكل جيد. وتقول: «تحرص نساء العائلة على اقتناء مشغولاتي، خصوصاً أثناء استقبال مواليد جدد». وتطالب أسماء بأن «تولي الجهات التعليمية اهتماماً أكبر بالفنون اليدوية، ومنها الكورشيه». وتضيف: «عند انتشار ظواهر سلبية بين الطالبات، يتولى الطاقم التعليمي التصدي لها، ومحاربتها، ولكن عندما تروج ظاهرة إيجابية بيننا لا نجد اهتماماً مماثلاً وتشجيعاً لمن يمارسنها». وتعترف صفاء حسن، أن مزاولة «الكورشيه» تنقذها من «التوتر»، وتقول: «مزاولة هذه الهواية تمتص شحنات غضبي، إضافة إلى أنها هواية مفيدة لشغل وقت الفراغ، ويمكن مزاولتها في كل الأماكن تقريباً»، مضيفة: «أحمل بكرات الصوف الملونة، وإبرة الكورشيه في حقيبة صنعتها خصيصاً لهذا الأمر». ولا يبيع معظم هواة «الكورشيه» - كما صفاء - مشغولاتهن، لكنهن يبتهجن بإهدائها لقريباتهن، وصديقاتهن «اللاتي يقدرنها». وتؤكد رئيس قسم التدريب في مكتب الإشراف التربوي في القطيف هدى الخزيم، على «أهمية تشجيع أي ظاهرة إيجابية تجد طريقها إلى الشباب من الجنسين». وتوصي بوضعها في «قنواتها الصحيحة»، مقترحة عدداً من الآليات لتحقيق ذلك مثل: «إجراء المسابقات، والعمل على تكريمهن في الملتقيات التي يمكن أن تدعمهن، وإيصالهن إلى الجهات التي تقبل أن تتبنى مواهبهن، وذلك بحسب نوع التوجه، والظاهرة». وأرجعت الخزيم سبب تزامن انتشار أي ظاهرة في عصرنا، بين شبكة الإنترنت وأوساط الشباب، إلى أن «الشبكة باتت مكاناً لتجمع الشباب». وقالت: «نفتقد إلى الأماكن ذات المظلات المعروفة، حيث الملتقيات العشوائية، والتي تصنف بأنها إيجابية بقدر ثقة الأهل». وشددت على أن «ثمة أزمة ثقة بين الأبناء والأهل، تؤدي إلى تأخر دعم أي ظاهرة تنتشر بينهم، إلا بعد أن تظهر نتائجها، ما يحرمهم التوجيه الصحيح المطلوب».