حذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من أن تأخير الحل السياسي في ليبيا «سيؤدي إلى عواقب وخيمة»، فيما كشف رئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك سلال، عن «تنسيق وتكامل مع مصر» في الشأن الليبي، «لاستعادة استقرار الدولة وتقويتها». ورأى أن هذا «يتطلب وقفاً لإطلاق النار، ومنع تدخلات بعض الأطراف الخارجية التي تتسبب في تأجيج الصراع هناك». واستقبل السيسي في القاهرة أمس سلال، الذي نقل إليه رسالة من الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف إن الرسالة «أكدت عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، وحرص الجزائر على تعزيز التعاون والتنسيق المشترك مع مصر». واحتلت الأوضاع في ليبيا حيزاً واسعاً من النقاش. وشدد السيسي للوفد الجزائري على «أهمية عامل الوقت في التوصل إلى حل للأزمة». وأشاد سلال ب «استعادة مصر مكانتها وقوتها»، معرباً عن دعم بلاده «الجهود المصرية الرامية إلى تحقيق آمال الشعب المصري وطموحاته»، ورغبتها في «الارتقاء بمستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يساهم في تعزيز جهود البلدين في التصدي للأخطار التي تحيق بالمنطقة، ودفع عملية التنمية الاقتصادية في كليهما». وجاءت زيارة سلال للقاهرة لقيادة وفد بلاده في أعمال اللجنة العليا المشتركة مع نظيره المصري إبراهيم محلب، ليطوي البلدان صفحة خلاف أثارته مباراة كرة قدم بين منتخبيهما قبل أربع سنوات تعطلت خلالها اجتماعات اللجنة العليا المشتركة وتأزمت العلاقات الاقتصادية التي كانت وصلت إلى مستويات متقدمة وغير مسبوقة. ووقّع البلدان أمس 17 مذكرة تفاهم في مجالات الاقتصاد والثقافة والطاقة، ما جعل محلب يثمن اجتماعات اللجنة «لدفع العلاقات الثنائية بين البلدين، في ظل وجود دعم سياسي واهتمام من القيادتين في الشعبين»، موضحاً أن هناك «شركات مشتركة مصرية- جزائرية ستولد، والعلاقات أكثر من رائعة بين البلدين». وأكد سلال أن بلاده تعمل على «تعزيز العلاقات، وندعم ثورة مصر، لأنه لا بد من التحكم في شؤون العالم العربي والإسلامي»، مشيراً إلى أن «المذكرات التي تم توقيعها (أمس) تعتبر رقماً قياسياً». وشدد على ضرورة تفعيل مذكرات التفاهم بين البلدين، مشيراً إلى تطرق الاجتماعات إلى «قضايا أمنية». وأكد أهمية «الحفاظ على وحدة ليبيا والحفاظ على الأمن في المنطقة»، معرباً عن قناعته بأنه «من دون الأمن لن تكون هناك ثقافة ولا حضارة». وشدد على أنه «لابد من استرجاع الأمن مهما كلفنا الأمر». ووعد بتسهيل حركة المواطنين في الحصول على التأشيرات وحركة النقل بين البلدين. واتفق على مساهمة شركات مصرية في الجزائر. ويرافق سلال في زيارته إلى القاهرة وفد رفيع المستوى يضم وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي ووزير التجارة عمارة بن يونس ووزير السكن عبدالمجيد تبون ووزير الخارجية رمضان لعمامرة الذي سبق الوفد بالوصول إلى القاهرة الأربعاء الماضي للتحضير لاجتماعات اللجنة. وأوضحت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن المحادثات المصرية - الجزائرية «ركزت على الوصول بالعلاقات بين البلدين إلى المستوى الجديرة به، لتتناسب مع تاريخها وعمقها سياسياً واقتصادياً، وحل المشاكل والخلافات العالقة للمستثمرين والمواطنين في كلا البلدين». وأشارت إلى أن «الأمر الثاني الذي ركزت عليه المحادثات هو ملف التنسيق الأمني والمعلوماتي في مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، بما يخدم أمن البلدين واستقرارهما. وفي هذا الإطار العمل على ضمان أمن دول الجوار، خصوصاً ليبيا». وتنشط 30 شركة مصرية في قطاعات الاتصالات والإنشاءات والبنى التحية والسكن في الجزائر، ويتجاوز التبادل التجاري بين البلدين 60 مليون دولار، فيما تؤمن الجزائر جزءاً من حاجات مصر من الغاز. وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري أجرى محادثات في الجزائر الشهر الماضي، للتمهيد لاجتماعات اللجنة العليا، كما بحث في «التحديات الإقليمية الخطرة التي تواجه البلدين، والأوضاع الخطيرة في المنطقة العربية، خصوصاً في ظل الأوضاع في سورية والعراق واليمن وليبيا».