نفت الرئاسة المصرية والجيش أية علاقة لهما بقرار وقف برنامج ساخر يقدمه الإعلامي باسم يوسف على قناة فضائية خاصة. وكانت فضائية «السي بي سي» المصرية أعلنت مساء أمس (الجمعة) وقف بث الحلقة الثانية من برنامج «البرنامج» الساخر متهمة مقدمه ب«مخالفة سياسية القناة»، وذلك بعد أن أثارت الحلقة السابقة غضباً في أوساط المؤيدين لوزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. وقال المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور: «إن رئاسة الجمهورية تحترم حرية الرأي والتعبير». وأضاف في تصريح مقتضب، للصحافيين مساء الجمعة أن «إيقاف بعض المحطات لأية من برامجها مسألة داخلية». كما أصدرت القوات المسلحة بياناً، مساء أمس، قالت فيه: «تؤكد القوات المسلحة المصرية أن قرار وقف برنامج «البرنامج» على قناة سي بي سي هو شأن داخلي يخص إدارة القناة. وتؤكد القوات المسلحة المصرية، بحسب البيان الذي نشره المتحدث الرسمي باسمها العقيد أحمد علي صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنها لا تقف بأي شكل من الأشكال أمام حرية التعبير والرأي لجميع المواطنين». وكانت «السي بي سي» أعلنت في بيان بثته على الهواء مباشرة، قبل وقت قصير من الموعد المحدد لبث الحلقة الثانية، من البرنامج، تحفظاً من جانب إدارة القناة على محتوى الحلقة، التي سجلها يوسف الأربعاء الماضي. وأرجعت القناة الفضائية قرارها إلى أنها «لفتت نظر منتج البرنامج ومقدمه بعد الحلقة السابقة، بأنها لاقت ردود فعل شعبية غاضبة، إلا أنه استمر في مخالفة سياسة القناة»، من دون أن توضح المزيد من التفاصيل. وفيما لم يحدد بيان القناة ما إذا كان وقف البرنامج سيكون بشكل نهائي، أم لا، قالت في بيانها، إن الوقف سيكون لحين «حل المشكلات الفنية والتجارية مع (باسم يوسف) منتج البرنامج ومقدمه» أيضاً، معتبرة أن يوسف «أخل» بالتعاقد المبرم بين الجانبين ب«الالتزام بالسياسة التحريرية» للقناة. كما اتهم البيان الإعلامي الساخر بعدم تسليم العدد المتفق عليه من الحلقات خلال السنة الأولى للتعاقد، رغم أنه طلب الحصول على «مبالغ إضافية» من القناة. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من باسم يوسف، الذي، غادر البلاد، أمس الخميس، على نحو مفاجئ، متوجهاً إلى دولة الإمارات العربية، ولم يتضح سبب السفر بعد. وتظاهر العشرات، مساء الأربعاء الماضي، أمام مسرح وسط القاهرة، لمنع يوسف، من تصوير برنامجه. واشتهر يوسف بتوجيه انتقادات لاذعة للقوى السياسية والشخصيات العامة في بلاده. غير أن نقده كان أكثر تركيزاً على التيار الإسلامي ونظام الرئيس المعزول محمد مرسي، قبل أن تتوقف حلقات البرنامج في 28 حزيران (يونيو)، قبل 5 أيام من عزل مرسي، ثم استأنف برنامجه يوم الجمعة قبل الماضي. وإضافة إلى تكرار انتقاده لمرسي، وجماعة الإخوان المسلمين، تضمنت حلقة الجمعة الماضية، التي بدأ بها يوسف الموسم الثاني لبرنامجه، نقدا للسلطة الحالية، ليشمل نقده جميع الأطراف على الساحة السياسية. وأغضبت تلك الحلقة مؤيدين لوزير الدفاع، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح بمرسي، يوم 3 تموز (يوليو) الماضي. يأتي ذلك فيما بدأت نيابة استئناف القاهرة، الأربعاء الماضي، تحقيقاً في بلاغ تقدم به المجلس الأعلى لجمعيات الشبان المسلمين العالمية، يتهم باسم يوسف «بتعمد الإساءة إلي مصر وتشويه صورتها أمام العالم والرأي العام، خلال حلقته التي أذيعت الجمعة قبل الماضية، والتي شبه فيها مصر بامرأة لعوبة تخون زوجها مع العسكر»، بحسب البلاغ. واستمعت النيابة إلى أقوال المستشار القانوني للمجلس، عبد الباري خليل شلبي. وقال شلبي إن باسم يوسف «تعمد وصف ثورة 30 حزيران (يونيو الماضي) بالانقلاب العسكري، مما يهدد الأمن القومي، ويحرض على إشاعة الفوضى». وسبق تقديم بلاغ ضد باسم يوسف في كانون الثاني (ديسمبر) 2012، يتهمه بإهانة الرئيس (آنذاك) محمد مرسي وازدراء الأديان في برنامجه. غير أن المحكمة رفضت الدعوى «لإقامتها من غير ذي صفة»، ثم أوصت هيئة مفوضي الدولة (هيئة قضائية ذات صفة استشارية) أخيراً بإعادة نظر الدعوى. وكان باسم يوسف في الحلقة الذي أذيعت يوم الجمعة الماضية قال إن حلقته ربما تغضب البعض ولكنه أكد إنه يحاول أن يسلك طريقا وسطا بين من كان ينتقدهم ويصفهم ب«القمع باسم الدين»، في إشارة لأنصار الرئيس محمد مرسي، وبين من يقمعون باسم الوطن ويعيدون الدولة البوليسية.