أميركا بالانفتاح على إيران هي تسعى بذلك إلى استفزاز المملكة العربية السعودية بخاصة بعد الموقف الذي اتخذته على الصعيد السياسي والاقتصادي والشعبي تجاه ما حدث في مصر في ال30 من حزيران (يونيو) من خلال الانحياز للإرادة الشعبية والشد على أيدي القوات المسلحة المصرية. لم تستقبل الرياض الممارسات الأميركية الاستفزازية بالغضب بل بسياسة عقلانية تتسم بضبط النفس والتعامل بالمثل من خلال السعي إلى تحسين العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولعل تصريحات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل تأتي بمنزلة نقطة البداية لذلك، والتي تضمنت الترحيب بالتصريحات الإيرانية المتعلقة بتحسين علاقات طهران مع دول الجوار وبخاصة دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها الرياض، من خلال المطالبة بتحويلها إلى أفعال كمحاولة للشد على يد الإدارة الإيرانية والدفع بها للمضي قدماً في مسار تحسين العلاقات. الجمهورية الإسلامية الإيرانية على علم تام بأن الولاياتالمتحدة الأميركية عندما أرادت تطبيق العقوبات الاقتصادية الدولية على طهران اتجهت إلى الرياض، لما تتمتع به من ثقل سياسي وتأثير في الصعيد الخليجي والعربي والإقليمي، من أجل التعبئة والحشد ضد طهران. ولذلك، تجد إيران أن تحسين العلاقة مع الرياض تأتي بمنزلة تحسين العلاقة مع المنظومة العربية والإسلامية كاملة وهي مفتاح للخلاص من العزلة التي أصبحت تعيش في داخلها. عند الحديث عن العلاقات السعودية الإيرانية الأميركية نجد أن عامل الثقة يلعب دوراً أساسياً، إذ إن طهران تثق بالرياض بينما لا تثق بواشنطن، والسبب يعود إلى أن العلاقة مع المملكة العربية السعودية لن تكون منوطة بوقت محدد أو وسيلة الهدف منها الوصول إلى الغاية، كما هي العلاقة مع الولاياتالمتحدة الأميركية. مساعي الرياض لاحتواء طهران وقطع الطريق أمام المحاولات الاستفزازية الأميركية لن يكون أمامها عوائق قد تحول من دون تنفيذ ذلك، بخاصة أن طهران بادرت بذلك بعيد وصول الرئيس حسن روحاني إلى سدة الحكم. كما أن العلاقات السعودية الإيرانية حتى وإن كانت دائمة التوتر فإن العودة لن تكون بالأمر الصعب، مقارنة بالعلاقات الأميركية الإيرانية التي تخطت حدود التوتر إلى القطيعة، واستمرت طوال عقود أربعة تقريباً. [email protected]