سعود بن نايف يدشّن محطتي الوسيع والحيراء لتحلية المياه ومنصة «خير الشرقية»    بوتين: روسيا ستنتصر في أوكرانيا    القادسية يعمق جراح الشباب بثلاثية مثيرة    القبض على يمني في جدة لترويجه الحشيش وأقراصا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    الاتحاد يتغلب على نيوم بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    إجماع دولي على خفض التصعيد ودعم الحكومة اليمنية    التدريب التقني يطلق ورشة عن بعد لتعزيز العمل التطوعي    الدفاع المدني يحذر من الفحم والحطب    أول عملية لاستبدال مفصل الركبة باستخدام تقنية الروبوت    محمية الملك عبدالعزيز الملكية ترصد "نسر روبّل" المهدد بالانقراض    وزير الخارجية ونظيره الصومالي يبحثان المستجدات بالمنطقة    نائب أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية طفلي الطبية بالمنطقة    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 71 ألفًا و269 شهيدًا    رئيس تايوان: مناورات الصين تهدد الاستقرار الإقليمي    جمعية التنمية الأهلية بأبها تختتم مشروع "ضع بصمتك" لتنمية مهارات التطوع وبناء المبادرات المجتمعية.    الدكتور صالح بن سليمان الخَضَر في ذمة الله    محافظ الطائف يشيد بمنجزات مهرجان الديودراما المسرحي    تعزيز الدور التنموي للأوقاف    المملكة ترسّي أكبر منافسة تعدينية في تاريخها    من السرد إلى السؤال… «هروب من لجوج» في قراءة ثقافية مفتوحة    أمانة حائل تغلق 11 لاونجا مخالفا بمدينة حائل    سبعة معارض فنية تعيد قراءة الحرفة بمشاركة أكثر من 100 فنانًا وفنانة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره العٌماني تطورات المنطقة    تعليم الطائف يطلق تجربة الأداء لمنصة الدعم الموحد لرفع كفاءة المدارس    20 عيادة تمريضية متخصصة يطلقها تجمع جازان الصحي    أمير القصيم يُدشّن عمليات الروبوت الجراحي لأول مرة بمستشفى الملك فهد التخصصي    سوق الأسهم السعودي ينهي آخر جلسات 2025 مرتفعا 109 نقاط    سيرة من ذاكرة جازان.. الشاعر علي محمد صيقل    صادرات الخدمات تسجل 58.2 مليار ريال سعودي في الربع الثالث من 2025م    جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية توقّع عقود اعتماد برامجي مع تقويم التعليم والتدريب    تكليف عايض بن عرار أبو الراس وكيلاً لشيخ شمل السادة الخلاوية بمنطقة جازان    مشاريع ومبادرات تنموية سعودية تغذي شريان التنمية في قلب اليمن    انخفاض أسعار النفط    استعراض أهداف "محبة للتنمية الأسرية" أمام سعود بن بندر    فيصل بن بندر يطلع على جهود "ترجمة".. ويعزي مدير الأمن العام    مجلس الوزراء: التصعيد في اليمن لا ينسجم مع وعود الإمارات    تغلب عليه بهدف وحيد.. ضمك يعمق جراح الأخدود    رغم استمرار الخلافات حول خطوات اتفاق غزة.. تل أبيب لا تمانع من الانتقال ل«المرحلة الثانية»    قلق أممي على المحتجزين والجرحى بالفاشر    مندوب الصومال في مجلس الأمن يحذر: اعتراف إسرائيل ب«أرض الصومال» يزعزع القرن الأفريقي    مشيداً بدعم القيادة للمستهدفات الوطنية..الراجحي: 8 مليارات ريال تمويلات بنك التنمية الاجتماعية    مشاركة 25 فناناً في ملتقى طويق للنحت    رياض الخولي بوجهين في رمضان    التوازن والغياب!    تعديل ضريبة المشروبات المحلاة    فلما اشتد ساعده رماني    ضوابط لتملك الأسهم العقارية    «وطن 95».. تعزيز جاهزية القطاعات الأمنية    "السنغال والكونغو الديمقراطية وبنين" إلى ثمن نهائي أمم أفريقيا    باحثون يطورون نموذجاً للتنبؤ بشيخوخة الأعضاء    مسحوق ثوري يوقف النزيف الحاد في ثانية    الميزة الفنية للاتحاد    خسارة ثقيلة للأهلي أمام المقاولون العرب في كأس رابطة المحترفين المصرية    خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد يعزيان أسرة الخريصي    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    جيل الطيبين    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبيا والفوضى الخلاقة
نشر في الحياة يوم 19 - 10 - 2013

منذ مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز في بنغازي خلال الهجوم الذي شنه ليبيون غاضبون في 11-9-2012، من بينهم عناصر تنتمي إلى مجموعة تسمي نفسها أنصار الشريعة احتجاجاً على فيلم عرض في الولايات المتحدة واعتبر مسيئاً لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، والأوضاع في ليبيا تتجه من سيء إلى أسوء، إذ كانت تلك الحادثة هي بداية المؤشرات على تدهور الأوضاع وبروز تغلغل الجماعات الإسلامية المسلحة ذات التوجه المتشدد على المشهد السياسي في ليبيا، ثم جاء اختطاف أبوأنس الليبي (نزيه الرقيعي) ليزيد من تعقيد الأوضاع في ليبيا، وليظهر مدى هشاشة وتعقيد الوضع السياسي الناشئ في ليبيا.
كانت الاحتجاجات التي شهدتها بنغازي المنددة بعملية الاختطاف لأبوأنس الليبي من الجماعات الإسلامية مؤشراً قوياً على قوة الحركات الإسلامية في ليبيا، إذ اعتبرت عملية الاختطاف انتهاكاً للسيادة الليبية واعتداء على حرمة الأراضي الليبية من هذه الجماعات، ويبدو أن منطق القوة الدولية هو السائد في عملية الاختطاف، فالرجل متهم ومطلوب من الإدارة الأميركية ومعروضة جائزة مادية لمن يساعد في تسليمه، ولذلك كان من الأجدر بالإدارة الأميركية التقدم بطلب للحكومة الليبية بتسليمه، لكنها متأكدة من عجز الحكومة الليبية عن تنفيذ الطلب، وهو مؤشر آخر على ضعف الحكومة الليبية على أرض الواقع، علماً بأن هناك دولاً أقوى من ليبيا تنتهك أراضيها في شكل علني. جاءت عملية اختطاف رئيس الوزراء الليبي علي زيدان لتظهر أيضاً مدى هشاشة الوضع السياسي في ليبيا، وتبرز الصراع بين الأجنحة السياسية المختلفة فيها، فبعد زيارته لمصر بعد الانقلاب الذي جرى على حكومة الإخوان المسلين، اعتبرت تلك الزيارة من التيارات الإسلامية تأييداً للإطاحة بالرئيس مرسي، وتضامناً من الحكومة الانتقالية في مصر، فبدأ الصراع يظهر إلى العلن بين مكونات المشهد السياسي الليبي، وكأن الاستعداد لمرحلة سياسية قادمة بدأ الإعداد له، ولذلك لا بد من استعراض مكونات المشهد السياسي الليبي السائد على الساحة.
تتكون التيارات الإسلامية في ليبيا من مكونات عدة، أكبرها وأقوها سياسياً هي حركة الإخوان المسلمين، وشكلت بعد الثورة حزب العدالة والتنمية بزعامة محمد صوان المنبثق عن جماعة الأخوان المسلمين وهي أبرز الحركات الإسلامية، وكانت فاعلة قبل سقوط معمر القذافي، لكنها مطاردة، ولها جذور عميقة في المجتمع الليبي، فالشعب الليبي متدين وموحد بمذهبه السني، ثم برزت الحركة الإسلامية للتغيير والإصلاح بقيادة عبدالحكيم بلحاج العائد من أفغانستان، وكان لها دور كبير في قتال قوات القذافي، وكذلك هناك السلفية العلمية والسلفية الجهادية التي برزت خلال الثورة وأيضاً حزب التحرير، والصوفية والدعوة والتبليغ، إضافة إلى تنظيم القاعدة الذي قدِم بعضهم من مالي، ووجودهم ضعيف في شرق ليبيا، ولذلك نرى أن هناك العديد من التيارات الإسلامية التي تتباين في ما بينها على طريقة الحكم في ليبيا، وتمتد من أقصى التشدد إلى المرونة المقبولة، فالخلافات الأساسية في ليبيا بين الحركات الإسلامية هي في تفسير النص في القرآن والسنة، أي اختلافات فكرية، حتى بين التيار الواحد كالسلفية في ليبيا مثلاً، والاختلاف السياسي هو اختلاف حركي، فجماعة الإخوان تعتبر نفسها هي الجماعة الأم بالنسبة للجماعات الأخرى. وهناك تيارات سياسية أخرى، لكن الحركات الإسلامية حملت السلاح وتمسكت به، ولها مرجعية في التنظيم، بينما الحركات الأخرى أقل تنظيماً.
يبدو أن لا وجود للدولة الليبية في شكلها الفاعل، وأنه ليس هناك حكومة قوية تستطيع أن تفرض سلطتها وهيبتها في ليبيا، فالسلاح منتشر في كل الأراضي الليبية، فالمشكلة الرئيسة في ليبيا هي انتشار السلاح، ونشوة الانتصار بإسقاط القذافي، واعتبار أن السلاح هو الضمانة لبقاء وسيطرت هذه الحركات، بدل الانتقال إلى الجانب السياسي المدني، فانتشرت ظاهرة الاعتداء على البعثات الديبلوماسية في شكل لافت في الفترة الأخيرة، مما يفقد ليبيا سمعتها والتعاطف معها، ويكرس عدم الاستقرار فيها.
التفكير في الفيديرالية أو السعي لها، لن يكون مفيداً للشعب الليبي في هذه المرحلة بالذات، بل سيتم تقسيم ليبيا كغنيمة بين الجماعات المسلحة، سواء كانت إسلامية أم قبلية، فليبيا في الخمسينات كانت فيديرالية وتتكون من ثلاثة أقاليم هي برقة وطرابلس وفزان، فالفيديرالية الناجحة هي التي تتم في مرحلة قوة الدولة وليست أثناء ضعفها، بينما إن تمت في ليبيا في هذه المرحلة فستتحول ليبيا إلى فريسة للمليشيات المسلحة المتعطشة للسلطة، ولذلك أعتقد أن المرحلة الحالية تتطلب الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا وبسط سلطة الدولة على الجميع، ومن ثم التفكير في شكل القالب السياسي الذي يرغب فيه الشعب الليبي ويتفق عليه. لا شك أن وجود البترول في ليبيا جعلها محط أنظار وأطماع الدول الكبرى، ولذلك ما يهم هذه الدول هو الطاقة وتدفقها، ولذلك تحاول إبقاء تدفق هذا المصدر قدر الإمكان، ولا يهمها ما ستؤول له الأوضاع في ليبيا، أو ما يحل بشعبها، وهو ما نراه في الصومال وغيرها من البلدان التي تفتقر إلى مصادر حيوية لصناعة الدول المتقدمة والطامعة ولمصالحها المختلفة.
أن ما تمر به ليبيا هو مرحلة دقيقة جداً وحساسة، وانعكاس الأوضاع فيها سيكون سلبياً على دول الجوار، خصوصاً مصر، فليبيا إن لم تتفق جميع الأطراف فيها وتصل إلى تفاهم مشترك لإقامة دولة موحدة ومركزية، يتساوى فيها الجميع تحت سقف القانون، والبداية في سحب جميع المظاهر المسلحة التي خارج إطار الدولة، وتأهيل المسلحين وضمهم لمؤسسات الدولة، وإلا ستكون خزاناً لتصدير المشكلات إلى كل دول المنطقة، فانتشار السلاح وتجمع المتشددين من جميع أنحاء الأرض في ليبيا سينعكس على مصر، واحتمال أن تصبح - لا سمح الله - مثل باكستان عندما تهاونت في موضوع أفغانستان وانتشر السلاح والمسلحون وانعكس عليها، وها هي الآن تنتهك أراضيها في شكل استفزازي، وهي دولة نووية، ولا تستطيع فعل أي شيء.
* أكاديمي سعودي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.