معتمراً قبعة خضراء، خيطت من القماش ذاته للزي الوطني النيجيري، في مظهر لا يدل على انه رجلٌ ثري، أو مالك لخمس شركات للسياحة وخدمة الحجيج في بلده، متجولاً في شارع امتلأ بأبناء القارة السمراء، يمازح رفاقه تارة، وتارة أخرى يطلق العنان لناظريه يفتش في وجوه البشر عن اللاشيء. عبدالجليل، والذي لم يبد على ملامح وجهه إتمامه ال 62 عاماً، لم يغب منذ 30 عاماً عن السفر إلى مكةالمكرمة في موسم الحج، للإشراف على حملاته، وأداء المناسك هو وأبناؤه جميعاً، بعد أن كان يشد رحاله رفقة والديه. ذكرى ال30 حجة، عاش تفاصيلها عبدالجليل، بحلوها ومرها، إلا أن حجته الأولى في حافلة «بلا سقف»، سمحت له أن يشاهد الحجيج ركوباً على الجمال من يمينه ويساره، بقيت عالقة في ذهنه حتى الآن. ولم تقف الذكرى على الحافلة غير المسقوفة، ولا على الجمال، بل امتدت إلى مقارنات بين مواسم حجه الماضية، والتي لم يكن لشركات الطوافة تنظيم فيها كما هو عليه الآن، بل كانت تعرف بأسماء مالكيها، قبل أن تعرف الآن بالأرقام وأسماء المطوفين ومكاتبهم المحددة. 30 عاماً من الحج، وسلسلة من التنسيق مع شركات الطوافة السعودية، كونت لعبدالجليل علاقة متينة مع أشهر البيوت المكية في الطوافة، استمرت حتى الآن معهم، بعيداً عن الطوافة وخدمات الحجيج، لتصبح علاقة صداقة امتدت على مدى تلك الأعوام بينهم. وعلى رغم خدمته الثلاثينية للحجيج، إلا أن عبدالجليل، لم يستطع حتى الآن اكتساب اللغة العربية، وإجبار لسانه بالحديث بها للتواصل مع أصدقائه من المطوفين، بيد أنه استبدل بلسانه النيجيري لساناً إنكليزياً فصيحاً، تشوبه في بعض الأحيان لكنة أفريقية، في بعض مخارج الأحرف عند الاسترسال في الحديث. شعبيته العريضة لدى المطوفين وعلاقة صداقته معهم، اتضحت جلية للعيان، أثناء مرور أحد أبناء المطوفين في الشارع نفسه الذي يتجول فيه، وذلك بعد توقفه للسلام عليه، وسؤاله عن طبيعة العمل و أحواله، إضافة إلى إصراره على التقاط صورة فوتوغرافية معه ومرافقيه. المطوف الشاب، أوضح أن عبدالجليل، يعتبر من كبار الشخصيات النيجيرية التي تحضر كل عام للحج، إضافة إلى مدى التقدير والاحترام الذي يكنه له عدد من وجهاء المجتمع النيجيري، والذي ظهر له جلياً عند مقابلته للوفود النيجيرية في المخيمات والتفاف الحجيج حول عبدالجليل.