هذا التقرير حصيلة عام من عمل (نامه شام) في مراقبة تغطية وسائل الإعلام السورية والإيرانية والدولية للأحداث في سورية. لذا، فغالبية المعلومات والمصادر التي تجدونها في التقرير متاحة للعموم. في مناسبات قليلة فقط اعتمد معدّوه على مصادر خاصة، كما هي الحال، على سبيل المثال، مع قصة اغتيال «خلية الأزمة» السورية. في بدايات عام 2011، قام «سباه قدس»، بمشاركة عدد من أجهزة الاستخبارات الإيرانية، بتشكيل «بعثة استشارية» لمساعدة النظام السوري في «أزمته» عقب اندلاع الثورة. إحدى أولى الخطوات التي قام بها النظام الإيراني في هذا الصدد كانت تشكيل ما يسمّى بقوات الدفاع الوطني السورية على غرار قوات الباسيج الإيرانية، مستفيداً من خبرة الأخيرة في قمع الحركات الاحتجاجية في إيران، لا سيما تظاهرات عام 2009 المطالبة بالديموقراطية، والتي تُعرف بالحركة الخضراء. وكان أن أوكلت إلى قوات الدفاع السورية، التي تُعرف بين عامة السوريين ب «الشبيحة»، مهمة القيام بأعمال النظام «القذرة» في قمع التظاهرات المناهضة للنظام بدلاً من الجيش النظامي، تماماً كما في إيران. مع دفع الثورة باتجاه العسكرة وتحقيق قوات المعارضة المسلحة إنجازات عسكرية ملموسة على الأرض في أواسط عام 2012، اتخذ النظام الإيراني قراراً استراتيجياً بإرسال بعض الميليشيات الموالية له من لبنان والعراق للقتال في سورية إلى جانب قوات النظام السوري، بل حتى نيابة عنها. معركة القصير في ربيع 2013 كانت نقطة تحوّل كبرى في الحرب السورية. إذ عكست المعركة نقلة واضحة في استراتيجية النظام الإيراني العسكرية في سورية: الإقرار، أو ربما فقدان الاهتمام، بإمكانية استعادة السيطرة على الأجزاء الشرقية والشمالية من البلاد، والتي أصبحت آنذاك تحت سيطرة الثوّار. أما الدور القيادي في هذه المعارك الرئيسة فسيُسند إلى «حزب الله» والميليشيات الأخرى المدعومة من جانب النظام الإيراني، والتي يعتبرها الأخير أكثر تنظيماً وأكثر جدارة بالثقة من الجيش النظامي السوري. يقدّم الفصل أمثلة عدة على انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في سورية من جانب هذه الميليشيات والقوات التي يتحكم بها النظام الإيراني، مشيراً إلى سبل إمكانية محاكمة الأخير لدوره في هذه الجرائم. ويجادل المؤلفون بأن هناك ما يكفي من الأدلة – وقد تم بالفعل التفصيل في بعضها في هذا التقرير – لمحاكمة القيادات العسكرية والسياسية للنظام الإيراني لاشتراكه في هذه الجرائم على مستويات عدة، بدءاً ب «التحريض على» و «تبنّي» أفعال معينة، وانتهاء ب «المساعدة والتحريض» على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. سورية تحت احتلال عسكري يبني الفصل الثاني من التقرير على هذه التفاصيل ويجادل بأن الحرب في سورية نزاع دولي يضمّ احتلالاً أجنبياً (من قبل النظام الإيراني) ونضالاً تحررياً من الشعب السوري ضد هذا الاحتلال الأجنبي. يبدأ الفصل بمناقشة قانونية عن ماهية أو مقومات الاحتلال العسكري كما تعرّفه اتفاقيات لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وفيما إذا كان وجود النظام الإيراني في سورية يشكّل احتلالاً أجنبياً. وبعد استعراض عدد من الأدلة والأمثلة لدعم زعمهم هذا، بما في ذلك تصريحات لمسؤوليين إيرانيين، يخلص المؤلفون إلى أن للحرب في سورية اليوم جميع خصائص النزاعات الدولية. وفي أسوأ الأحوال، يقترحون أن تُعامل الحالة السورية على أنها ما يُدعى أحياناً: «احتلال مع وجود حكومة محلية في منصبها». كما ينوّه المؤلفون إلى إمكانية استخدام المادة 1 من البروتوكول الإضافي الرقم 1 لعام 1977 الملحق باتفاقية جنيف الرابعة، والذي ينصّ على أن النزاعات تُعتبر دولية حين تقع بين دولة وسلطة تمثّل شعباً «يقاتل ضد هيمنة استعمارية واحتلال أجنبي وضد أنظمة عنصرية من أجل ممارسة حقهم في تقرير المصير». السؤال الآخر المهم في هذا الصدد هو تحديد الشخص أو الأشخاص من النظام السوري ودائرة الأسد الضيقة الذين ينسقون مع القادة العسكريين الإيرانيين، وإن كان تدخل هؤلاء الأخيرين في سورية قد تمخض عن أية تغييرات في بنى مؤسسات الدولة السورية وتراتبيتها الهرمية. للإجابة عن هذا السؤال، ينظر المؤلفون في ضمّ أو استبعاد مسؤولين حكوميين وعسكريين سوريين بناء على رغبات النظام الإيراني وأوامره. وكمثال على ذلك، ينظرون معمقاً في حادثة اغتيال عدد من كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين السوريين مما كان يدعى ب «خلية الأزمة» في تموز (يوليو) 2012. بناء على معلومات سُربت إليهم من مصدر رفيع وموثوق في المعارضة السورية، نقلاً عن مسؤولين في أجهزة استخبارات غربية، بالإضافة إلى إعادة النظر في عدد من القرائن الظرفية المتعلقة بالقضية، يخلص المؤلفون إلى أن عملية الاغتيال لم تكن لها علاقة بالجيش السوري الحرّ ومجموعات المعارضة السورية المسلحة الأخرى، كما زعمت تقارير إخبارية في حينه؛ بل إن من ارتكبها هو «سباه باسداران»، بأوامر مباشرة من الجنرال قاسم سليماني نفسه في الغالب. إن الاعتراف بالحرب السورية كنزاع دولي يشارك فيه احتلال أجنبي وشعب يناضل من أجل تحرره قد يقدّم كذلك «سلاحاً قانونياً» قوياً ضد النظام الإيراني، ألا وهو أن هذا النظام يقترف «انتهاكات خطيرة» لاتفاقية جنيف الرابعة، والتي تُعتبر جرائم حرب أخطر من تلك التي عرض لها الفصل الأول من التقرير. ذلك أن على إيران، باعتبارها سلطة احتلال، «واجبات» معينة تجاه الشعب السوري الذي يرزح تحت احتلالها، وفقاً للقانون الدولي. على سبيل المثال، يُعتبر هدم الممتلكات العامة والخاصة في أنحاء شاسعة من سورية، والذي لا تبرره الحرب (ضد مسلحي المعارضة) في الكثير من الحالات، انتهاكاً صريحاً ومتكرراً للمادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة. كذلك يُعتبر إخلاء قرى وأحياء كاملة من سكانها في حمص وغيرها من المدن السورية، وتقارير عن تسجيل هذه العقارات التي أُجلي أصحابها بأسماء مناصرين للنظامين السوري والإيراني مُستقدمين من مناطق أخرى (بمن فيهم أجانب كالمقاتلين الأفغان)، يُعتبر انتهاكاً صريحاً ومتكرراً للمادة 49، وقد ترقى حتى الى التطهير العرقي. فيتنامإيران يسلّط الفصل الثالث والأخير الضوء على جانبين رئيسين مما يسميه المؤلفون «فيتنامإيران»، ألا وهما التكاليف الاقتصادية والبشرية للحرب السورية على إيران، وأثرهما على الاقتصاد الإيراني وعامّة الإيرانيين. يتتبع المؤلفون الدعم المالي والاقتصادي الهائل الذي يقدّمه النظام الإيراني لنظيره السوري، والذي حال دون انهيار الأخير اقتصادياً، بعكس ما كان قد توقعه الكثير من المحللين. بالإضافة إلى تكاليف الأسلحة الإيرانية والمقاتلين الإيرانيين والميليشيات التي أرسلت إلى سورية، يركز المؤلفون بشكل خاص على القروض المالية وخطوط الائتمان الإيرانية، والتي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وكيف تم استخدامها من جانب النظام السوري. أحد مؤشرات هذا العبء الهائل على الاقتصاد الإيراني هو معدل التضخم، الذي زاد أكثر من ثلاثة أضعاف بين عامي 2009 و2014، وزاد بمقدار 10 في المئة منذ بدء الحرب في سورية عام 2011. النتيجة أن ثلث الإيرانيين تقريباً (31 في المئة) يعيشون تحت خط الفقر عام 2014. على رغم احتفاء وسائل الإعلام الإيرانية ب «إنجازات» الرئيس حسن روحاني الاقتصادية، يجادل المؤلفون بأن مشاكل إيران الاقتصادية لن تختفي في الغالب في المستقبل القريب إلا إذا حدثت تغيرات جوهرية في السياسة الخارجية الإيرانية. وهو أمر ليس حتماً في مقدور الرئيس روحاني، بل هو في يد المرشد الأعلى علي خامنئي و «سباه باسداران». وينطبق الأمر نفسه على «حزب الله» اللبناني. الوجه الآخر لفيتنامإيران السورية هو تصاعد أعداد قتلى «سباه باسداران» و «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية في سورية. ينظر الفصل كذلك في المعلومات المتوافرة عن هذا الموضوع، وهي معلومات محدودة باعتراف المؤلفين. ملخص تقرير من إعداد «نامه شام»