لم تشهد سورية، أمس، في أول أيام عيد الأضحى المبارك، هدنة أو «استراحة محارب»، بل بالعكس سُجّل تصعيد واضح في حدة القصف الجوي والمدفعي الذي تقوم به قوات الرئيس بشار الأسد ضد المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. ولوحظ أن طائرات النظام شنّت عشرات الغارات الجوية بطائرات «الميغ» على بلدات تقع في ضواحي دمشق الجنوبية المحاصرة والتي تتعرض لمحاولات اقتحام تشارك فيها، كما يتردد على نطاق واسع، وحدات من «حزب الله» اللبناني ومقاتلون من «لواء أبو الفضل العباس» العراقي. لكن على رغم ذلك لم يُسجّل أي تقدم ميداني لقوات النظام، في مقابل إعلان الثوار تسجيلهم انتصارات على الأرض في دير الزور بشرق سورية وفي حماة بوسطها. كما أعلنوا شن هجوم جديد لتحرير آلاف السجناء من سجن حلب المركزي الذي تعرض فجراً لتفجير «انتحاري» أعقبه هجوم للمقاتلين. وفي موقف مرتبط بالأزمة السورية، أكد السفير السعودي لدى الأممالمتحدة عبدالله المعلمي أن مؤتمر «جنيف 2» يجب أن يعمل على «الإعداد لانتقال سياسي حقيقي للسلطة، أما إذا لم يكن هذا هو الهدف فسيكون هناك غموض في الصورة لا يتفق مع واقع الأمور». وشدد المعلمي، في حديث إلى «الحياة»، عشية انتخاب المملكة العربية السعودية عضواً غير دائم في مجلس الأمن، على رفض الرياض «اختزال القضية السورية في مسألة الأسلحة الكيماوية». وانتقد «الدور السلبي لإيران الذي لا يؤهلها لأداء دور فعال في صنع السلام وصنع سورية الجديدة»، داعياً طهران الى «التخلي عن دعم النظام والمجموعات المسلحة الداعمة له». وأوضح ان دعمها «حزب الله» في لبنان «تدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية». وتزامنت التطورات الميدانية في سورية مع ظهور علني للرئيس بشار الأسد خلال مشاركته في صلاة العيد في مسجد السيدة حسيبة في حي دمر في دمشق. وعرضت وسائل الإعلام الحكومية صوراً له داخل المسجد وهو يصلّي ثم يتقبل التهاني بالعيد محاطاً بمسؤولين ورجال دين بينهم الإمام توفيق البوطي، نجل محمد سعيد البوطي رجل الدين السني المؤيد للنظام والذي قُتل في عملية تفجير استهدفته في آذار (مارس) الماضي. كما أظهرت صور أخرى الأسد خارج المسجد محاطاً بحشود من مؤيديه. لكن مصادر المعارضة تحدثت عن قصف تعرضت له المنطقة التي يقع فيها المسجد، في تكرار على ما يبدو لما حصل في آب (أغسطس) الماضي حين حضر الأسد إلى مسجد دمشقي آخر خلال عيد الفطر وتعرض موكبه لهجوم بالقذائف، كما أعلن الثوار آنذاك. لكن قصف المعارضة أمس بدا أنه طال أحياء عديدة في دمشق. إذ سُجّل سقوط قذيفة على كنيسة في باب توما وأخرى في منطقة الشيخ رسلان بباب شرقي، كما سقطت قذائف قرب السفارة الروسية في حي المزرعة بوسط دمشق، إضافة إلى قذيفة في حديقة ملعب الفيحاء شرق حي التجارة. وذكرت «شبكة شام» الإخبارية أن ثماني قذائف سقطت على أحياء المهاجرين والمالكي والروضة بدمشق، وقذيفة هاون على باب مسجد الصحابة قرب منطقة الجزماتية بحي الميدان. وأوردت وكالة «فرانس برس» أن التلفزيون الرسمي السوري بث أمس مشاهد مصورة لزوجة الرئيس السوري أسماء الأسد أكدت خلالها أنها موجودة في سورية مع زوجها وأولادها، وان هذا هو مكانها الطبيعي. وبدت أسماء الأسد في لقطات تقوم خلالها بمواساة أهالي «شهداء» وطمأنة أطفال وتقبيلهم والوقوف الى جانبهم لالتقاط صور. ولم يحدد التلفزيون تاريخ التقاط الصور. وقالت أسماء الأسد، رداً على سؤال يطرح عليها في الشريط الذي حمل عنوان «جذورنا بالأرض»، عما يشاع عن وجودها خارج سورية، «انا موجودة هنا. زوجي واولادي موجودون في سورية. من البديهي أن اكون موجودة معهم». وأضافت: «انا مثل أكثرية السوريين تربيت... على انه مهما عاش أحدنا وسافر وغاب، لا يوجد أغلى من بلده. انا اليوم أم لثلاثة أولاد صغار ومسؤوليتي تجاههم أن اربيهم على المفهوم نفسه». وتابعت: «كيف يمكنني أن أربيهم على أن يحبوا سورية إذا كانوا لا يعيشون فيها؟ كيف أعلّمهم على ثقافة بلدهم وتاريخ بلدهم اذا لم يعيشوا في منازلهم ويأكلوا من أكل بلادهم؟ هذا مستحيل». وختمت «انا موجودة هنا أمس واليوم وغداً». وأظهر الشريط زوجة الرئيس السوري وهي تقوم، مع مجموعة من الأطفال، بزرع اشجار زيتون. وقد ارتدت سروالاً من الجينز مع قميص قطني رمادي عليه رسم العلم السوري. وبدت هادئة وباسمة.