واصلت السلطات السعودية عبر الأجهزة المعنية بحجاج بيت الله الحرام عملها بعد اكتمال عقد الحجاج «العقد الأبيض» عشية يوم التروية غداً (الأحد)، إذ نفذت قوات أمن الحج خطتها المرورية لتسهيل حركة الحجاج في الأماكن المقدسة، فيما أكملت أمانة مكةالمكرمة تجهيزاتها لهذا الموسم في وقت مبكر، وأعلنت أمس أنها جهزت 650 موقعاً في المشاعر وسلمتها شركاتٍ وطنية متخصصة في توزيع المواد الغذائية والمياه، لتوزيعها على ضيوف الرحمن، كما أعلنت أنها سلمت نحو 1100 كرسي للحلاقة، فيما لفت أمين العاصمة المقدسة إلى أن «الأمانة» هيأت 27 مركزاً للخدمات البلدية في منى وزودتها بمراقبي نظافة وإصحاح بيئي، لمراقبة المباسط والتأكد من نظافة وسلامة الأغذية. وفي وقت أكملت فيه القوات المعنية بأمن الحجاج والمشاعر المقدسة، جدد أكثر من مسؤول سعودي أهمية عدم تسييس الحج وعدم رفع أية شعارات مذهبية أثناء أداء المناسك، مشددين على أن الحج هو مناسبة دينية يجب أن تُؤدى مناسكها بخشوع وسكينة، وأن تكون مناسبة لجمع كلمة الأمة لا تفريقها. ويشهد موسم الحج الحالي متغيرات جديدة، منها ما هو متعلق بالمشاعر، وهي التوسعة الجديدة التي يشهدها الحرم المكي التي أدت إلى قرار خفض أعداد حجاج الخارج من مختلف دول العالم الإسلامي بمعدل 20 في المئة، ومنها ما هو متعلق بقرب انتهاء مهلة التصحيح للعمال غير النظاميين وحرصهم على تأدية الحج هذا العام باعتباره آخر فرصة لهم سواء كان حجهم من طريق حملات للحج أم من طريق التسلل إلى مكةالمكرمة لأداء النسك ويكون الافتراش عنواناً لهم. وتقابل تلك المتغيرات تحذيرات شديدة اللهجة من الجهات الرسمية للحجاج غير المصرح لهم، وإقرار نظام البصمة للمخالفين سواء للسائقين أم الركاب، إذ أثرت تلك المتغيرات في سائقي الأجرة وسوق «الكدادة» التي تشهد حركة نشطة هذه الأيام بسبب موسم الحج، إلا أنها تشهد هدوءاً كبيراً لم تشهده منذ أعوام. من جهته، أكد مساعد قائد قوات أمن الحج لشؤون المرور اللواء عبدالرحمن المقبل أن الخطة المرورية لهذا العام ستشهد بعض التطورات بينها: فصل حركة المشاة عن حركة المركبات، وربط حي العزيزية بجسر الجمرات مباشرة، وإنشاء معبر للمشاة، إضافة إلى اتخاذ تدابير لمنع دخول أي مركبة تقل حمولتها عن 25 راكباً إلى المشاعر المقدسة. وأعلنت وزارة الصحة سلامة الحجاج وخلوهم من فايروس «كورونا»، فيما أكدت هيئة الهلال الأحمر جاهزية خدماتها، مشيرة إلى أنها خصصت 7 طائرات مجهزة بطواقم وأجهزة طبية لإسعاف ضيوف الرحمن عند الحاجة. وتغطي خدمات الإسعاف الجوي – بحسب مدير الإدارة العامة للطيران في الهلال الأحمر السعودي – مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة والطرق البرية ونقطة تفويج الحجاج. من جهة ثانية، أعلن وزير الشؤون البلدية والقروية الأمير منصور بن متعب جاهزية جميع قطاعات الوزارة لتنفيذ خطتها في خدمة الحجاج، مشيراً إلى توفير الخدمات البلدية في المشاعر على مدار الساعة، إضافة إلى وجود خدمات النظافة والإصحاح البيئي ومكافحة الآفات الضارة. وفي وقت أدى فيه حجاج بيت الله الحرام أمس صلاة الجمعة بكل يسر وسهولة وسط انتظام للحركة المرورية، أدى ضيوف الرحمن في المدينةالمنورة آخر صلاة جمعة لهم أمس قبيل توجههم إلى بيت الله العتيق، وسط خدمات متكاملة وخطط أمنية ومرورية ناجعة، إذ لم تسجل أية حوادث تدافع أو اختناق مروري، سواء في مكةالمكرمة أم المدينةالمنورة وكذلك الطرق المؤدية إليهما. وتوافد أمس الحجاج الذين استضافهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث وصلت أمس دفعة جديدة منهم قوامها 600 حاج وحاجة يمثلون 25 دولة. في غضون ذلك، في ختام فعاليات وندوات مؤتمر مكةالمكرمة ال14 الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بعنوان: «حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية» أكد المؤتمرون أن كمال إنسانية الإنسان أو نقصانها مرهونان بقدر ما يتمتع به من حقوق، وأن حقوق الإنسان اكتسبت أهمية كبيرة في أعقاب تصاعد الانتهاكات الخطرة لها، وبخاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية وما بعدهما. وناقش المشاركون موضوع «حقوق الإنسان في الإسلام»، إذ طرحت خلالها أربعة بحوث، تضمنت: الحقوق والحريات في الإسلام، خصائص حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية وضماناتها، وثائق النبوة والعصر الراشدي وأسبقيتها في تقرير مبادئ حقوق الإنسان، الشبهات المثارة حول الحقوق في الإسلام. وقال الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور أحمد خالد بابكر ل»الحياة» إن كلمة خادم الحرمين الشريفين في الحفلة الافتتاحية للدورة ال14 لمؤتمر رابطة العالم الإسلامي جامعة وغنية عن المحتوى الذي من أجله انعقد اللقاء، وجسّدت معنى حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية. وبين أن الشريعة الإسلامية كفلت حقوق الإنسان منذ فجر الإسلام الأول، وحفظت له كرامته، مشددة على توفير الوسائل اللازمة لهذه الحقوق، مشيراً إلى أن المواثيق الدولية حالياً تسعى لتجسد حقوق الإنسان في محاولة منها لخدمة الإنسان ولن تصل إلى درجات السمو التي أكرم الله بها الإنسان إلا من خلال الدين الحنيف. وأضاف: «جسّدت كلمة خادم الحرمين الشريفين معاني الحقوق التي كفلها الدين الحنيف للإنسان وجمعتها، موضحة أن الإسلام كرم الإنسان التكريم الذي لا يمكن أن يباريه أي تكريم آخر مهما فعل الذين ينادون به، استناداً إلى آيات القرآن الكريم التي دلت على ذلك، إضافة إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي أوصت وحثت على حقوق الإنسان». فيما أوضح البيان الختامي الصادر عن ندوة الحج الكبرى أمس بمشاركة أكثر من 200 باحث وعالم وخبير ومفكر من أصحاب الرأي والباحثين من كل أنحاء العالم الإسلامي ومن الجاليات الإسلامية في مختلف بلاد العالم أن الندوة ركزت على تأصيل فقه الأولويات وتعميقه وتعميمه بين المسلمين كحاجة علمية وعملية. وأشار البيان إلى أن أهداف الندوة أبرزت المفهوم الإسلامي الأصيل للتدين والعبادة الذي يراعي الظروف والأحوال، وإثبات عظمة الشريعة الإسلامية ومرونة فقهها بما احتواه من قواعد وآليات فعّالة تضمن ثبات المقاصد والمبادئ وتراعي الظروف والأوضاع والإمكانات وإثراء الفقه الإسلامي ومكتبته ببحوث علمية رفيعة لنخبة من علماء العالم الإسلامي في هذا الموضوع المهم.