في محاولة لاعادة اللغة البسيطة ذات النفس الساخر إلى الصحافة في الأردن، تستعد جريدة «الملفوف» الأسبوعية للصدور قريباً، بأسلوب ساخر يتناول الأخبار والمواضيع بطريقة «ملفوفة» وفكاهية لجذب أكبر عدد من القراء. في ظل التنافس وازدحام السوق بمطبوعات محلية وخارجية وما يوفره الانترنت من خدمات مجانية للمتصفحين، فإن صدور صحيفة أسبوعية ساخرة في عمّان يعد تحدياً كبيراً لمؤسسيها وهيئة تحريرها، خصوصاً مع وجود أكثر من 20 صحيفة أسبوعية محلية، فضلاً عن مدى تقبل القارئ الأردني للجريدة الساخرة التي افتقدها دائماً، على رغم مبادرات سابقة ناجحة لكنها لم تلبث أن توقفت في عزّ انطلاقتها. وجريدة «الملفوف» هي ثمرة حلم رجل أعمال شاب أراد أن تكون في الأردن صحيفة مختلفة جريئة تحمل النكهة الساخرة. ويوضح صاحب الفكرة والمدير المسؤول زيد سنقرط أن «الجريدة فكرة ريادية جريئة لرجال صحافة وإعلام وأعمال بالشراكة مع صحيفة «الغد» اليومية التي احتضنت الفكرة وساهمت في نصف التمويل». ولم تأت هذه الشراكة من فراغ، لاعتبار «الغد» تجربة ناجحة لرجال الأعمال الذين باتوا يوجهون مشاريعهم نحو الاعلام. والإعلام كأي مشروع يحتاج إلى دراسة جدوى اقتصادية، ويشير زيد إلى أن رأسمال مشروع جريدة «الملفوف» يبلغ نحو مئة ألف دينار (نحو 140ألف دولار)، لافتاً إلى أن شركات الإعلانات لا تملك أي أسهم أو حصص في التمويل. ولا ينكر زيد أن الاعلانات جزء مهم من الجريدة وتلعب دوراً مهماً في الدخل، خصوصاً ان المجلة ستوزع مجاناً في المدارس والجامعات والمقاهي وال «مولات» لتصل في البداية إلى أكبر شريحة من المجتمع، وتحديداً فئة الشباب لتشجيعهم على القراءة وجعلها عادة لديهم. وستعتمد الجريدة أيضاً في دخلها على الاشتراكات الشهرية والسنوية التي تشكل عائداً مادياً مجدياً لكثير من الصحف. وسيبدأ صدور الجريدة على مراحل، بدءاً من بثها أولاً على الموقع الالكتروني، ثم طبعها في الأسواق. والمراحل الأخيرة متعمدة من وجهة نظر زيد: «لا اريد أن أفرض على الناس الجريدة، أريدهم أن يتقبلوها ليحبوها ويتابعوها، قبل ان يشتركوا فيها». ستقدم «الملفوف» في 16 صفحة معلومات متكاملة تتناول كل القضايا، محلياً ودولياً، بأسلوب فكاهي وبسيط، وستتضمن كسائر الصحف الأخبار التقليدية، كالاقتصاد والرياضة والمنوعات والتكنولوجيا، إضافة إلى أخبار ومقالات باللغة الإنكليزية. ولكنها ستتميز عن بقية الجرائد بأبواب جديدة مثل المعلومات المصورة والرسوم المعبرة التي ستتناول قضايا تهم الناس وتعالجها بأسلوب المعلومات المرئية، ويعتقد زيد أن هذه الطريقة التي تعتمد على قراءة الصور بدلاً من قراءة السطور طريقة ناجحة في إيصال الرسالة إلى القارئ عبر توظيف الخبر إلى صور ساخرة ورسوم كاريكاتور تحاكي حياة الناس. فالمعلومات والأرقام والاحصاءات ستتحول إلى رسوم معبرة بمساعدة أربعة من أشهر رسامي الكاريكاتور من الأردن وخارجها. وتجمع أسرة «الملفوف» بين الخبرات القديمة من كتاب وصحافيين معروفين وبين الجيل الجديد من شبان غالبيتهم ذوو خبرة متواضعة في العمل الصحافي المباشر. أما عدد العاملين الدائمين في الجريدة فيبلغ 5 أشخاص، إضافة إلى عدد كبير من المتعاونين والمساهمين الذين سيعملون بالقطعة في الكتابة. وستشكل الصور جزءاً كبيراً من الصفحة الأولى، فيما ستضم الصفحة الثانية قسم «موجز»، وهو عبارة عن أخبار محلية وخارجية، بعضها حقيقي وبعضها الآخر «مفبرك وملفوف» ولكنه يحمل رسالة مبطنة إلى القارئ. من هنا جاءت تسمية الجريدة ب «الملفوف»، إذ يؤكد زيد أن الأخبار في الجريدة ستكون «ملفوفة»، «فالخبر سيلف في طريقة غير مباشرة ليصل إلى القارئ بأسلوب ساخر لافت ومحبب من دون تجريح أو تشهير». محتوى «الملفوف» سيمثل إنتاجاً فنياً، ويحتوي على مقالات وقصص غير واقعية، وأي تشابه بالأسماء أو صفات لأشخاص معينين لا يعتبر مقصوداً أو موجهاً لأية جهة محددة. ويشير زيد إلى أن «الجريدة لا تملك أي توجه سياسي، إنما وجدت لتفتح أبواباً للإبداع، اضحاك الناس وتحسين المجتمع». ولن تخلو «الملفوف» من التحقيقات، ولكنها لن تتضمن فضائح عن الحكومة بالأرقام مثلاً، كما تفعل صحيفة «لوكانار انشينيه» الفرنسية، وإن تضمنت سيكون ذلك بطريقة «ملفوفة» قريبة من أسلوب مجلة «أبيض وأسود» الأسبوعية السورية الساخرة. ويعزو زيد الأمر إلى سقف الحرية السياسية المعطاة للجريدة، معتبراً ان «هناك حرية سياسية معطاة للجرائد في الأردن، لكن هناك خطوطاً حمراً لا يمكن تجاوزها إذا أردنا النجاح». وكأي رجل أعمال شاب، يطمح زيد إلى أن تنجح فكرة «الملفوف» لتصبح جريدة يحبها القراء ويتابعونها، ليس فقط في الأردن بل على مستوى الشرق الأوسط.