أحيت العاصمة الفرنسية ومحبو إديت بياف أمس (الخميس) الذكرى ال50 لوفاة المغنية الفرنسية الأسطورية التي عرفت في العالم بأسره بأغنية «لا في ان روز» خصوصاً بعد أن انتقلت من أرصفة حيها الباريسي في بيلفيل إلى قمة عالم الغناء. وتجمع نحو 200 شخص في مقبرة بير لاشيز في باريس أمام قبر المغنية قبل مراسم دينية في الكنيسة التي تعمدت فيها كطفلة. ومن بين المعجبين والمقربين من النجمة التي توفيت عن 47 عاماً مارسيل سيردان جونيور الذي كان والده الحب الأكبر في حياة إديت بياف وأخته غير الشقيقة دونيز غاسيون فضلاً عن وفد من اليابان وأخر من سويسرا. وشكل هذا «القداس» انطلاقة لأربعة أيام من الفعاليات في حي لا يزال شعبياً في العاصمة الفرنسية، وتقام سلسلة من الحفلات الموسيقية تحتفي بأغاني إديت بياف من كل الأنواع الموسيقية مساءً في شارع محاذ للحي وتستمر حتى مساء الأحد. وكتب على مدخل المبنى رقم 27 في شارع بيلفيل عبارة: «على درج هذا المنزل ولدت في 19 كانون الأول (ديسمبر) 1915 إديت بياف التي أثر صوتها في ما بعد العالم بأسره». وكانت إديت جيوفانا غاسيون ولدت في الواقع في قسم التوليد في مستشفى قريب. وذكرت صحيفة الفاتيكان «اوسرفاتوري رومانو» غداة وفاتها أن الفنانة عاشت في «الخطيئة على الملء» وكانت «رمزاً للسعادة الاصطناعية». وأمضت المغنية حياتها القصيرة تغني الحب وتعيشه مبدلة الرجال بسرعة وناقمة على النساء. وكانت أول فرنسية تسجل نجاحاً كبيراً في الولاياتالمتحدة وعرفها العالم بأسره بأغنية «لا في ان روز». وأسرت بياف جمهورها من خلال صوتها وحضورها القوي رغم عدم اعتمادها على وسائل تقنية في المسرح، فكانت تكتفي بحركة بسيطة في كل أغنية وفستان أسود وضوء وحيد. حبها الأكبر كان لمارسيل سيردان الذي قضى في حادثة طائرة عام 1949 عندما كان آتياً ليلتقيها في نيويورك، وكتبت إديت له قبل الكارثة بقليل أغنية «ايم آ لامور» (نشيد الحب) المؤثرة وكأنها تشعر أنها ستخسره. وكتب روبير بيليريه في كتاب سيرة بياف الذي أصدره أخيراً بعنوان «بياف أسطورة فرنسية»، أنها حطمت «كل الأرقام القياسية في الجاذبية والشغف والمعاناة والجنون والاستفزازات والانحرافات». وكانت محاولة انتقام جامحة لهذه المرأة قصيرة القامة التي تهاب الوحدة وتكره شكلها الخارجي. ومع أن حياتها الشخصية والمهنية كانت محفوفة بالمصاعب والمآسي مع وفاة ابنتها مارسيل في سن الثانية ووفاة والدتها في مجرى مياه من جرعة مخدرات زائدة، تمكنت بياف بموازاة ذلك من تطوير «حس فكاهي لاذع ورائع». ويوضح كاتب سيرتها «كانت تستخدم كلاماً بذيئاً، وكانت لديها نزوات كبيرة وكانت تريد أن يكون الجميع تحت إمرتها». وتوفيت إديت بياف التي كانت صرحاً فعلياً و «نجمة من نجوم الروك» جرّاء نزيف داخلي في جنوبفرنسا في ال10 من تشرين الأول (أكتوبر) 1963 بعدما أنهكها الإدمان والجراحات الكبيرة التي خضعت لها والتهاب في المفاصل. وسار 10 ألاف الأشخاص في جنازتها حتى مقبرة بير لاشيز، ولم يتراجع حتى اليوم الولاء لهذه المغنية العبقرية التي غطى غناؤها على مواهبها الأخرى كمؤلفة مع أنها كتبت 80 أغنية من بينها «لا في ان روز» و «ليم آ لامور».