حسمت واشنطن قرارها بتجميد غالبية المساعدات العسكرية لمصر «بانتظار تقدم حقيقي نحو عملية سياسية شاملة»، تزامناً مع تحديد موعد لمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي. غير أن أعضاء بارزين في الكونغرس انتقدوا القرار، واعتبروا أنه يؤذي الشراكة الأميركية - المصرية في مرحلة حساسة للقاهرة. وبعد نقاش داخلي في أروقة الإدارة الأميركية أعقب عزل مرسي في مطلع تموز (يوليو) الماضي، أعلنت واشنطن أنها سقطع جزءاً من المساعدات وستحجب تسليم دبابات وطائرات مقاتلة ومروحيات وصواريخ وأيضاً مساعدة نقدية قيمتها 260 مليون دولار إلى الحكومة المصرية في انتظار تحقيق تقدم في شأن الديموقراطية وحقوق الانسان. لكن الولاياتالمتحدة أبقت على المساعدات المتعلقة بأمن إسرائيل، إذ أوضحت وزارة الخارجية في بيان تضمن نص القرار أن واشنطن لن تقطع كل المساعدات وستواصل الدعم العسكري لجهود مكافحة الارهاب والامن في سيناء وحظر انتشار الاسلحة وحماية الحدود، كما ستواصل دعم مجالات التعليم والصحة وتطوير القطاع الخاص. وأكدت مصادر ديبلوماسية رفيعة ل «الحياة» أن القرار «جاء من البيت الأبيض والدائرة المحيطة بالرئيس باراك أوباما، رغم تحفظات وزيري الخارجية والدفاع جون كيري وتشاك هاغل». وكان هاغل اتصل بنظيره المصري عبدالفتاح السيسي أول من أمس وأبلغه القرار في اتصال استمر 40 دقيقة. ويظهر القرار المأزق الذي تواجهه الولاياتالمتحدة في مصر بين الرغبة في أن تظهر بمظهر من يساند الديموقراطية مع الحاجة للحفاظ على التعاون مع دولة ذات أهمية استراتيجية نظراً إلى سيطرتها على قناة السويس ومعاهدة السلام التي أبرمتها مع إسرائيل العام 1979 وكونها الأكبر سكاناً في العالم العربي. ونقلت وكالة «رويترز» عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قوله أمس إن قرار وقف المساعدات لا يعني أن واشنطن تقطع العلاقات مع القاهرة. وأضاف أن «الحكومة الانتقالية تفهم جيداً التزامنا تجاه نجاح هذه الحكومة التي نريد أن نرى إنجازها وهذا ليس انسحاباً من علاقتنا (مع مصر) او إنهاء لالتزامنا الجاد بمساعدة الحكومة». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية جين بساكي: «سنواصل حجب تسليم أنظمة عسكرية كبيرة معينة ومساعدة نقدية للحكومة بانتظار تقدم موثوق به تجاه حكومة مدنية لا تقصي أحداً منتخبة ديموقراطياً من خلال انتخابات حرة ونزيهة». وأشار مسؤولون أميركيون بعد القرار إلى أن الولاياتالمتحدة ستوقف تسليم دبابات «ابرامز ام1 ايه1» واطقم دبابات تنتجها شركة «جنرال ديناميكس» وطائرات «اف 16» التي تنتجها شركة «لوكهيد مارتن» ومروحيات «اباتشي» وصواريخ «هاربون» التي تنتجها شركة بوينغ. وشددوا على أن القرار محدد و «موقت» وستجري مراجعته بصورة دورية إلى جانب التقدم الذي تحرزه مصر في الديموقراطية وحقوق الإنسان. ورغم أن التعليق يشمل أنواعاً عدة من الآليات العسكرية، إلا أن قطع الغيار ستستمر كما ستستكمل برامج التدريب بين البلدين. وأشارت وزارة الخارجية إلى أن تجميد تسليم مروحيات «أباتشي» يمكن العودة عنه في مرحلة لاحقة «في حال أظهرت الحكومة المصرية رغبة في استعادة عمل المؤسسات الديموقراطية والحكومة الجديدة». وانتقدت أصوات بارزة في الكونغرس القرار بينها النائب الديموقراطي في لجنة العلاقات الخارجية أليوت انغل الذي قال أن «الجيش المصري لم يتعامل في شكل جيد مع المرحلة الانتقالية بداية، انما بدأ الآن مرحلة انتقال ديموقرطي لخدمة الشعب المصري، كما يعمل على ضمان الاستقرار الاقليمي». وأضاف: «في هذا الوضع الحساس يجب أن نبني شراكات مع مصر ونحسن علاقتنا الثنائية بدل تحجيمها». كما انتقد رئيس اللجنة الفرعية للمساعدات في مجلس الشيوخ السيناتور الديموقراطي باتريك ليهي تحرك بلاده، قائلاً أن «إدارة أوباما تحاول أن تمسك طرفي الحبل بتجميد بعض المساعدات واستكمال الجزء الآخر وهذا يضيع الرسالة المرجوة».