حذّر مختصان في المشاريع الصغيرة والمتوسطة من فشل المشاريع الجديدة المدعومة من صناديق الإقراض الحكومية لاستحواذ الأجانب على معظم الأنشطة بغطاء «الاستثمار الأجنبي» الذي أتاح لهم الحصول على تراخيص في معظم الأنشطة المستهدفة بالدعم الحكومي لرواد الأعمال السعوديين. ووصف المختصان في حديثهما إلى «الحياة» قدرة الشباب السعودي المدعوم بأنها «محدودة» في مواجهة خبرات عملية ومالية كبيرة يتمتع بها العمال الأجانب، وصلاحيات واسعة تسببت في إفشال مشاريع منافسة لسعوديين مدعومين من بنك التسليف والادخار وصندوق المئوية خصوصاً. ونبّه خبير الموارد البشرية عمران الشامي على خطورة الاستثمار الأجنبي في صورته الحالية على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مطالباً بحصر الاستثمار الأجنبي في المجالات الاستراتيجية والحيوية التي تسهم في توظيف الشباب وتقلل استقدام العمالة الأجنبية في شكل مكثف كما نرى في المشاريع الحالية، وذلك من خلال إنشاء تحالفات ومشاريع ضخمة لمصانع وشركات أسوة بالشركات الأجنبية الشهيرة في الدول المجاورة. ووصف الشامي الواقع الراهن بأنه «لا يبعث على الأمل بصلاح سوق الاستثمار الأجنبي في ظل القوانين الحالية التي تتيح لمن يملك أقل من 5 ملايين ريال بإنشاء مشاريع صغيرة كمصانع عسل وبقالات ومصانع مياه وغيرها من الأنشطة التي تعتبر عبئاً على الاقتصاد الوطني إذا ما نفذها الأجانب مع وجود شباب سعوديين يستطيعون إنجاز تلك المشاريع بتمويل ذاتي أو من خلال الدعم الحكومي». وشدد الشامي على أن المسألة تدور في حلقة مفرغة، إذ يقوم صندوق تنمية الموارد البشرية بدعم مشاريع الشباب وفي الوقت ذاته تقوم الهيئة العامة للاستثمار بترخيص مشاريع لمستثمرين أجانب لمنافسة هؤلاء الشباب. وذكر أن «السبب في فشل مشاريع الشباب التي نشاهدها وتتحفظ الجهات الداعمة على إعلان أرقامها الحقيقية هو بسبب خلل تنظيمي بين الجهات الحكومية بالدرجة الأولى يروح ضحيته الشبان والفتيات الراغبين في إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة». من جهته، أكد عضو الجمعية السعودية لعلوم العمران الدكتور حسين بن سعيد بن مشيط أن العمالة الوافدة أثرت في شكل مباشر في المشاريع الصغيرة من خلال السيطرة عليها والاستحواذ على معظم الأنشطة، ما انعكس سلباً على فرص العمل لدى الشباب وزيادة أعداد البطالة وإفشال بعض المشاريع التي يتبناها الشبان والفتيات السعوديون بسبب احتكارها من العمالة الوافدة وصعوبة اختراقها. واعتبر أن «القصور في الرقابة والتنظيم يعد أحد الأسباب الرئيسة في انفلات تلك العمالة وسيطرتها على معظم الأنشطة في شكل واسع، علاوة على ضعف وعي وإدراك العديد من المواطنين الذين شكّلوا غطاءً في فترات طويلة يعمل من خلاله الوافد في أي نشاط». وأضاف أن «شروط الاستثمار الأجنبي التي تتضمن إعطاء تراخيص لمعظم المتقدمين لأي نشاط وعلى أي مستوى أدى إلى سيطرة العمالة الوافدة على العديد من الأنشطة الصغيرة والمتوسطة بغطاء الاستثمار الأجنبي، بسبب عدم اقتصاره على الأنشطة التي تضيف للبلاد اقتصادياً وتنموياً وتسهم في تشغيل وتعليم وتدريب الشباب السعودي، ولا تشكّل عبئاً وتقلّص فرص عمل المواطنين». وأوضح ابن مشيط أن إنشاء صناديق للإقراض الحكومي ضرورة حتمية لها أبعاد عدة تعكس مدى الوعي التنموي والفكر الاستراتيجي التخطيطي في مجال دعم وتنمية الاستمارات الشابة وتنوعها، من ناحية دعم قطاع مشاريع الشباب وأصحاب الطموح والأفكار الاستثمارية والتجارية المميزة التي تحتاج إلى دعم ومساندة الجهات الداعمة التي لا تهدف للربحية.