دعا مجلس الأمن أمس، في اجتماع هو الثاني له خلال أسبوع خصص لسورية بعد قرار تفكيك ترسانتها الكيماوية، نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين بما في ذلك عمليات «عبر الحدود من دول مجاورة حين يكون الأمر مناسباً». وأعطى مجلس الأمن في بيان رئاسي، غير ملزم، الصلاحية لمنظمات الإغاثة الدولية بعبور النقاط الحدودية غير الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية من الدول المجاورة ما سيمكنها من الدخول عبر المعابر الحدودية التابعة لسيطرة المعارضة، خصوصاً من تركيا. وأنشأ المجلس في بيانه، للمرة الأولى منذ بداية الأزمة السورية، آلية لمتابعة الوضع الإنساني بما فيه تعاون الحكومة السورية والأطراف الأخرى مع هيئات الإغاثة الدولية ورصد انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. ويدعو البيان الذي كانت اقترحته أستراليا ولوكسمبورغ وأدخلت تعديلات عليه «السلطات السورية إلى اتخاذ خطوات فورية لتسهيل عمليات الإغاثة الإنسانية وإنهاء التعقيدات الإدارية وسواها من العوائق من أمامها بما فيها الترخيص للمنظمات المحلية والدولية للعمل الإنساني في سورية، وتسهيل دخولها إلى سورية مع معداتها ومستلزماتها المتعلقة بالعمل الإنساني، والإسراع في تسهيل انتقال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المتأثرة بالنزاع بما في ذلك عبر خطوط التماس، وعبر الحدود من الدول المجاورة». كما يحذر البيان الأطراف السورية بضرورة التزام واجباتها المتعلقة باحترام القانون الدولي الإنساني، مشدداً على «حظر الهجمات على المناطق المدنية والمنشآت الحيوية كالمستشفيات والمدارس ومحطات المياه ويدعو الأطراف إلى اتخاذ الإجراءات الآيلة لحماية المدنيين». ويشدد على «الحاجة إلى إنهاء الحصانة على انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان ويجدد التأكيد على أن مرتكبي هذه الانتهاكات يجب أن يخضعوا للعدالة». ويطلب البيان من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم تقريراً دورياً إلى مجلس الأمن حول الوضع الإنساني وتطبيق بنود البيان. وقال ديبلوماسي حضر اجتماع مجلس الأمن إن البيان «نجاح إنساني»، فيما أعلنت فاليري آموس مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن البيان «سيمكننا من الوصول إلى مليوني إنسان إضافيين هم بحاجة ماسة إلى المساعدات في سورية إن تم تطبيقه». وأضافت أن منظمات الإغاثة ستتمكن من الوصول إلى من هم بحاجة «خصوصاً أن الشتاء آت وعلينا توفير الملاجئ والاحتياجات الإنسانية الأساسية في مناطق مختلفة» من سورية. وأشارت إلى أنها تعتزم العمل على «تأسيس وجود دائم لمراكز المساعدة في مناطق مختلفة من سورية لم نتمكن من الوصول إليها حتى الآن». وقالت آموس إن بيان مجلس الأمن «سيمكننا من الاتصال بالأطراف كافة لتنسيق تسهيل عملياتنا الإنسانية، ونأمل أن تطبيق مندرجات البيان سيمكننا من إغاثة مليوني إنسان إضافيين». وشددت على أهمية البيان باعتباره يوجه رسالة إلى الأطراف بأن «انتهاكات حقوق الإنسان ستترتب عليها تبعات جدية». وقال السفير البريطاني في الأممالمتحدة مارك ليال غرانت إن عناصر بيان مجلس الأمن تلقي الضوء على «الحاجة الماسة إلى تمويل برامج الإغاثة التي تعاني فجوة في الموازنة لأن ما تلقته الأممالمتحدة حتى الآن لا يتجاوز 44 في المئة من الموازنة المقدرة بثلاثة بلايين دولار أميركي». من جهته، رحب السفير السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري بالبيان، معتبراً أن أهمية البيان أنه «يجرم انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها المجموعات المسلحة والإرهابية». وقال رداً على سؤال عن ثقة الحكومة السورية بنزاهة منظمات الإغاثة وإمكان استغلال المعارضة لعملها، إن الالتزام التعاقدي بين الأممالمتحدة والحكومة السورية ينص على أن يتم كل شيء تحت رقابة الحكومة السورية وأن كل من ينتهك الالتزام سيتحمل تبعات ذلك». وهاجم الجعفري مجدداً فرنسا معتبراً أن «خطأً تاريخياً حصل في مجلس الأمن عند تأسيسه وهو إعطاء فرنسا مقعداً دائم العضوية». وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اتصال مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، عن تطلعه لاستضافة الدولة الكويتية مؤتمر المانحين الثاني لدعم السوريين، بعد استضافتها المؤتمر الأول في بداية العام. وفي جنيف، أعلن رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس أمس، أن المنظمة الدولية تغيّر حالياً طبيعة جهودها لمساعدة اللاجئين السوريين، استعداداً لتقديم مساعدة طويلة الأجل لدول الجوار للتصدي للأزمة الإنسانية. في غضون ذلك، بدأ خبراء نزع الأسلحة الكيماوية وضع قائمة بترسانة الأسلحة السورية والتحقق من لائحة المواقع التي قدمتها دمشق وإجراء فحوصات ميدانية، في مهمة تاريخية في دمشق. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر عن الاستثمار في موسكو إن القوى العالمية «على المسار الصحيح» في خطة إزالة الترسانة الكيماوية السورية وإنها تستطيع تجنب التدخل العسكري في الصراع إذا تعاونت معاً، فيما أعلن رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال راي أوديرنو أن بلاده ستضطر للتفكير مجدداً في إمكان استخدام القوة في سورية إذا لم يمتثل الأسد للقرار الدولي. ورداً على سؤال عما إذا كان لدى الجيش الأميركي دور في الأزمة السورية، قال الجنرال أوديرنو ل «رويترز»: «علينا أن ننتظر لنرى. أعتقد أن الكثير من هذا الأمر سيتوقف على مدى الالتزام بتنفيذ الاتفاق». ميدانياً، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن: «تجددت الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي الدولة الإسلامية ومقاتلي لواء عاصفة الشمال في ريف مدينة أعزاز» في ريف حلب، مشيراً إلى «تقدم مقاتلي دولة الإسلام في العراق والشام في قريتين في محيط المدينة في اتجاه معبر باب السلامة الحدودي» مع تركيا. ويُتوقع أن يمدد البرلمان التركي اليوم لمدة عام تفويضاً بإرسال قوات إلى سورية إذا اقتضت الضرورة بعدما قالت حكومة رجب طيب أردوغان إن احتمال استخدام قوات الأسد أسلحة كيماوية يمثل تهديداً لتركيا.