يشير عنوان كتاب الباحث السعودي سعود بن سعد «زوبعة في فنجان: تأمُّلات في العلاقات الإنسانية والذكاء العاطفي» (الآن ناشرون وموزعون- عمّان) إلى أن معظم المشكلات التي تواجه الإنسان في حياته يكون حلُّها بسيطاً، لو أنه فقط منحَ نفسه فرصة للتأمل والتفكير بهدوء وعقلانية. إنها تماماً كما هي حال البخار الذي يتصاعد من فوهة الفنجان، إذ يزول بسرعة ولا يترك أثراً يُذكر. وعلى رغم ذلك، يصرّ العديد من الناس على تضخيم الأمور الصغيرة وإعطائها حجماً أكبر بكثير مما هي عليه في الواقع، مما يتسبب في حدوث أزمات كبيرة وحادة، تبدأ بالتشابك والتضخم حتى يصبح حلُّها بعيد المنال. من هنا، يؤكد الكتاب على أهمية اتباع أساليب معينة يمكن أن تحقق للإنسان النجاح في علاقاته المختلفة، سواء أكان عبر تحقق التوازن الداخلي والتصالح مع الذات، أو مع من حوله من خلال القبول الاجتماعي. وهو يركز على أهمية صنع علاقات إنسانية مستقرة وحياة أسرية تنعم بالرفاء والاستقرار، بوصف الأسرة أساساً لبناء المجتمع وتحقيق السعادة والنجاح للفرد في حياته. ويشدّد هذا الكتاب على قيمة الذكاء العاطفي بوصفه الاستخدام الذكي للعواطف، فالإنسان يمكن أن يتحكم بعواطفه ويضبطها بما فيه مصلحته ومصلحة الآخرين في محيطه، ويكون بذلك يعمل على ترشيد سلوكه ونمط تفكيره بطرق متعددة تجعل من شخصيته ناجحة ومؤثرة وبنّاءة. ويستعرض الكاتب جملة من الفوائد التي تتحقق من خلال التأمل والذكاء العاطفي، ومنها تعرُّف الإنسان الى نفسه ودواخله، وتلمُّس مواضع الضعف فيها لتجنّبها، ومواضع القوة لتنميتها، بل يرشده عبرها إلى كيفية السيطرة على انفعالاته ومشاعره التي قد تقوده للتهلكة، وكيفية تطوير سلوكه بما يجعله إيجابياً وفاعلاً. يدلّ الكتاب على العلاقة الوثيقة بين الذكاء العاطفي والصحة النفسية؛ فالأذكياء عاطفياً هم أكثر قدرة على التعامل مع ضغوطات الحياة المختلفة، وعلى حلّ ما يواجههم من مشكلات وتحديات، وهم يمتلكون صفات الإصرار والمثابرة. وهو يطرح جملة من المهارات التي تزود الإنسان بالقدرة على قراءة الآخرين، وبالتالي التعامل معهم من منطلق التفهم والتقبل للشخصيات على اختلافها وتنوعها، إذ لكل إنسان مميزاته وعيوبه، وطريقة معينة للتأثير فيه وتغييره نحو الأفضل، والإنسان بتفهمه وتقبله للآخرين يكون أكثر قدرة على معرفة نقاط الضعف لديهم وبالتالي امتلاك مفاتيح التغيير في شخصياتهم. تتنوع موضوعات الكتاب الذي صيغ بأسلوب أدبي ومعرفي سلس، وقد اختار الكاتب عبارات دالّة تدعو إلى التغير والانفتاح بإيجابية على الحياة، ومن هذه العبارات: «اجْعَلْ حياتَكَ مِرآتَكَ لتطوير ذاتِك»، «من البديهيّ أنْ نختلف، فباختلافِنا يتحقّق التكامُلُ الإنسانيّ»، «لا تترك غمامةَ الغضب تحجبُ نورَ العقل»، «اقتربْ من المجادلة قَدْرَ ابتعادِكَ عن الجدال»، «العلاقاتُ الطَّيبةُ مع الآخرين وصفةٌ سحريّة لإنهاء الزّوابع»، «الإنصاتُ مهارةٌ لا يُتْقِنُها سوى الحليم»، «مرآتُكَ تكشفُ عيوبَكَ، فانظُرْ فيها»، «هدوءُ الفِكْرِ لا يعني ذبولَهُ، وسُكون القلبِ لا يعني خمولَهُ»، «إيجابيّتك في الحياة هي سبيلُك للطمأنينة وسلامِ الروح»، «لا تُسلّم نفسَك لليأس، فالأهداف السّامية تحتاجُ العزيمةَ لتَتَحقَّق».