يستمر الصراع في سورية للعام الرابع على التوالي، ويدفع الأطفال القسط الأكبر من «فاتورته»، إذ تشير الإحصائية الأخيرة للأمم المتحدة، إلى أن أكثر من نصف السوريين اللاجئين إلى دول الجوار والنازحين داخل سورية هم من الأطفال. وأعلنت مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين، في بيان صحافي، أن عدد اللاجئين المسجلين لدى الدول المجاورة لسورية تجاوز ثلاثة ملايين شخص، وأن هذا «الرقم القياسي» يسجل زيادة مليون لاجئ، مقارنة بالعام الماضي. وفي مصر يحاول السوريون الذين بلغ عدد المسجلين منهم في مفوضية الأممالمتحدة لشوؤن اللاجئين نحو 139 ألفاً، الاستمرار في الحياة، حتى تُتاح لهم فرصة السفر إلى دولة أخرى، لعلّهم يجدون فيها ظروفاً معيشية أفضل. ويقول محي الدين مصطفى (ناشط حقوقي سوري، مقيم في القاهرة) إن «عدداً من الأطفال السوريين المولودين في مصر، لم يتم استخراج شهادات ميلاد لهم»، مشيراً إلى أن عددهم «أكثر من 150 طفلاً». ويضيف: «تتجلى الأزمة في عدم مقدرة السوريين الذين تزوجوا في مصر على تسجيل زواجهم. هناك مصلحة زواج الأجانب في وزارة العدل المصرية، بخاصة بتسجيل الزيجات، الا أنها تطلب وجود إقامة سارية، وإذناً من السفارة السورية التي لا تمنح الأذونات لبعض الأشخاص». كما يعاني اللاجئون في مصر من تعقيدات حكومية لدى استخراج الأوراق الرسمية، إضافة إلى طول المدة التي يستغرقها ذلك وقد تصل إلى أشهر عدة. ولم يتسنَّ لنا الحصول على ردّ أو تعليق من السفارة السورية في مصر. من جهة أخرى، عاد مرض شلل الأطفال، وهو مرض غير قابل للشفاء، في تشرين الأول (أكتوبر) 2013، إلى شمال شرقي سورية، للمرة الأولى منذ عام 1999 تاريخ ظهور آخر إصابة بالمرض. وتعمل منظمات دولية، مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف)، على التصدي لهذا المرض، قبل أن يتفشى في المنطقة. ونظّمت حملات تطعيم للوقاية من الإصابة بشلل الأطفال، بالتنسيق مع وزارات الصحة في سورية ولبنان والأردن. وفي مصر دعمت "يونيسف" ووزارة الصحة الحملات القومية للتطعيم ضد شلل الأطفال، واستفاد منها في نيسان (أبريل) 2014، حوالى 15 مليون طفل تحت سن الخامسة، من ضمنهم 18500 طفل سوري. ومن المقرر إجراء الحملة القومية التالية في تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. وتعمل مفوضية الأممالمتحدة لشوؤن اللاجئين و"يونيسف" على تقليل الضرر الواقع على الأطفال السوريين. وتقول هالة أبو خطوة (مدير قسم الإعلام في يونيسف مصر) إن المنظمة تدعم وزارة الصحة لتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية لقرابة 15 ألف طفل سوري، تحت عمر 5 سنوات، و20 ألف امرأة من اللاجئات السوريات اللواتي تم تسجيل قيدهن في مصر، علاوة على تدريب أطباء وممرضات، وعاملين صحيين ومجتمعيين في 10 محافظات، وبخاصة القاهرة الكبرى والاسكندرية ودمياط، على أساسيات خدمات الرعاية قبل الولادة، والتغذية أثناء الحمل، ورعاية الرضع والأطفال الصغار، وتوفير الخدمات الصحية الأولية للاجئين. ويقوم مكتب المفوضية في مصر مع اتحاد الأطباء العرب، بالمبادرات الصحية العامة للأجئين، من خلال تدريب متطوعين لزيادة الوعي بين مجتمع اللاجئين حول الرعاية الصحية الأولية. وتعمل المفوضية و"يونيسف"، مع شركاء محليين في مصر، لتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال، سواء على أساس فردي أو في الأنشطة الجماعية، وتوفير أماكن يرتادها الأطفال السوريون في محافظة عدة، منها الإسكندرية ودمياط، وتقدم لهم الأنشطة التعليمية والترفيهية. وعلى رغم الجهود التي تقوم بها المفوضية و"يونيسف،" إلا أن الكثير من السوريين لا يتلقون مساعدات كافية، لقلة الموارد المالية المتاحة. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيرس خلال مؤتمر صحافي في جنيف، المقر الرئيسي لمفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين: «أصبحت الأزمة السورية أكبر حالة طوارئ إنسانية في عصرنا الراهن. وعلى رغم ذلك، فإن العالم يخفق في تلبية احتياجات اللاجئين والدول المضيفة لهم».