يحتفل السعوديون اليوم (الإثنين) بالذكرى ال83 لليوم الوطني في عام حفل بالكثير من القرارات الداخلية، والتحركات الديبلوماسية والاقتصادية المؤثرة في الساحة الدولية، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (تولى الحكم في أغسطس 2005). وبهذه المناسبة أكد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز في كلمة له أمس، على أن «ذكرى اليوم الوطني ال 83 للمملكة تحل ونحن ننعم بالأمن والأمان والتنمية والاستقرار، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي سخر طاقات الدولة وأجهزتها لخدمة الوطن والمواطنين»، مضيفاً أن «ضمان الاستقرار وديمومته لا تأتي بالتمني بل بالعمل الجاد لإقامة العدل بعمل منهجي منظم يقوّي مؤسسات القضاء وأجهزة الرقابة، ويفعّل أدوات رصد الفساد ويعزز مبادئ النزاهة وينشر ثقافتها ويضمن بالتشريعات والأنظمة والقوانين حقوق المواطنين وكرامتهم وأموالهم وأعراضهم». وقال: أن «كل المراهنين على زعزعة استقرار دولتنا خسروا من الجولة الأولى، وكل من راهن على ضعف ولاء المواطنين لبلدهم فشلوا منذ اليوم الأول». فيما شدد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين الأمير مقرن بن عبدالعزيز على أن المواطنين في المملكة يعيشون «بأمن واستقرار ليس لهما مثيل، متآخين متعاضدين كالجسد الواحد، في الوقت الذي نرى العالم من حولنا تعصف به النزاعات والصراعات ويتجرع أفراده مرارة تلك النزاعات»، مشيراً في كلمة له إلى أن «الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ورجاله المخلصين - رحمهم الله - حرصوا على جمع شتات قبائل الجزيرة العربية بعدما كانت تدب فيهم الحروب والغارات». المملكة في ظل تأكيد قيادتها على استقرارها وأمنها المجتمعي شهدت العديد من التطورات التي رسخت لصورة الدولة القوية «خارجياً» والمتماسكة «داخلياً»، وبذلت من الجهود ما يكفل لها تأكيد هذه الصورة، إذ صدر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العديد من الأنظمة المهمة في بناء الدولة، ومنها نظام هيئة البيعة لتعزيز البعد المؤسسي في تداول الحكم، إضافة إلى مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم، ومشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، وتشكيل هيئة حقوق الإنسان وإصدار تنظيم لها وتعيين أعضاء مجلسها، كما أُنشئت جمعية أهلية بمسمى «حماية المستهلك». وأجرى خادم الحرمين الشريفين تعديلاً على مواد في نظام مجلس الشورى، منها ما ينص على أن المجلس يتكون من رئيس و150 عضواً يختارهم الملك من أهل العلم والخبرة والاختصاص، وألاّ يقل تمثيل المرأة فيه (للمرة الأولى في تاريخ المملكة) عن 20 في المئة من عدد الأعضاء، وذلك بعد استشارة الملك عبدالله لعدد من علماء المملكة. كما مددّ خادم الحرمين الشريفين برنامج الابتعاث الخارجي لطلاب المملكة من العام المالي 1436ه - 1437ه تأكيداً على نجاح البرنامج، وقلة نسب التعثر التي لم تتجاوز 2 في المئة، وبهذا تكون مراحل البرنامج 15 مرحلة، مضت منها ثمان مراحل. وأعلنت وزارة التعليم العالي عن فتح باب التقديم على المرحلة التاسعة لتشمل مراحل الماجستير والدكتوراه والزمالة الطبية، إضافة إلى البكالوريوس التي يقتصر القبول فيها على التخصصات الطبية، إذ بلغ عدد المبتعثين ضمن البرنامج 148.229 مبتعثاً، كما تخرج فيه منذ العام 2007 وحتى العام 2013 أكثر من 47 ألفا مبتعثاً ومبتعثة. وفي الشأن السياسي شغلت قضايا الأمة الإسلامية وتطوراتها دوماً اهتمام خادم الحرمين الشريفين، إيماناً منه بضرورة إيقاظ الأمة الإسلامية، مؤكداً «أن الوحدة الإسلامية لن يحققها سفك الدماء كما يزعم المارقون بضلالهم، فالغلو والتطرف والتكفير لا يمكن لها أن تنبت في أرض خصبة بروح التسامح ونشر الاعتدال والوسطية»، إضافة إلى دعوته لعقد قمة التضامن الإسلامي في مكةالمكرمة يومي 14 و 15 آب (أغسطس) العام الماضي، وذلك لتعزيز التضامن العربي والإسلامي في عالم تحكمه التوترات والصراعات. كما لعبت المملكة دوراً بارزاً في مجموعة ال20، ليس في المحافظة على أسعار واستقرار أسواق النفط وحسب، بل في التوازنات السياسية في ظل الربيع العربي وتأثير ذلك في استقرار المنطقة. اقتصادياً حقق الاقتصاد السعودي مستويات قياسية في إجمالي الإيرادات والنفقات العامة للدولة، كما أعلنت الدولة عن موازنة تريليونية للمرة الأولى في تاريخها. وفي مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات أثمرت جهود خادم الحرمين الشريفين في هذا الجانب عن انعقاد المؤتمر العالمي للحوار في العاصمة الإسبانية مدريد في تموز ( يوليو) 2008، ليؤسس بذلك منتدى عالمياً للحوار بدأت ملامحه تتشكل من خلال تأسيس لجنة المتابعة لحوار أتباع الأديان، وعقدت أولى اجتماعاتها في العاصمة النمسوية فيينا يوليو الماضي. وفي ظل معاناة الكثير من الدول من الإرهاب ومنها المملكة، دعا خادم الحرمين الشريفين إلى تفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، وأن يكون العاملون فيه من ذوي الدراية والاختصاص في هذا المجال، وأعلن في آب (أغسطس) الماضي عن تبرع المملكة بمبلغ 100 مليون دولار لدعم هذا المركز وتفعيله تحت مظلة الأممالمتحدة، مناشداً كل الأمم الأخرى المشاركة بدعمه للقضاء على قوى الحقد والتطرف والإجرام في العالم. وحرصاً من خادم الحرمين الشريفين على اتحاد دول الخليج، فقد دعا في الدورة ال 32 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض إلى «تجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان موحد»، مشدداً في كلمته الافتتاحية على أن «التاريخ علمنا والتجارب ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع، وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا واستقرارنا وأمنناً، لذلك أطلب منكم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد». وفي الشأن الخارجي أعلنت المملكة انحيازها التام لرغبات شعوب الدول العربية التي شهدت توترات سياسية وأمنية واقتصادية، فأعلنت صراحة انحيازها للشعب السوري ضد نظام دمشق وبطشه، داعية إلى نصرة هذا الشعب والتدخل لحمايته. وفي مصر أعلنت المملكة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وقوفها بجانب الشعب المصري في حربه ضد الإرهاب، ومساندته اقتصادياً، ووظفت ديبلوماسيتها لنقل رؤاه وسياساته إلى أوروبا وأميركا، ونجحت في إحداث تغيير إيجابي في القرار الفرنسي وقرار الاتحاد الأوروبي تجاه مصر، وتحييد الموقف الأميركي لحين إطلاعه على كامل أوراق الملف. وفي البحرين كان للمملكة حضور قوي حفاظاً على أمن واستقرار المنامة، إذ شددت المملكة على أن أمن البحرين جزء لا يتجزأ من أمن الخليج، وسارعت الرياض وعواصم خليجية أخرى إلى إرسال قوات درع الجزيرة لحماية المنشآت الاستراتيجية في البحرين. وفي اليمن دعت المملكة إلى مصالحة وطنية أسفرت عن مبادرة خليجية تمثل خريطة طريق لليمن، ولا تزال تقوم بجهود واضحة لمساندة ودعم الشعب اليمني.