يردد أبناء السجين بندر على مسامع أمهم كل يوم: «متى يخرج أبونا من السجن، ومتى نراه في المنزل، ومتى يشاركنا وجبة الفطور ويقوم بإيصالنا إلى المدرسة، ومتى سيحضر والدي اجتماع أولياء الأمور في المدرسة؟». ففي كل مرة يبرر أبناء بندر غياب والدهم عن اجتماع الآباء في المدرسة بأنه مسافر إلا أن الألم لا يفارقهم فهم يشعرون بأنهم «أيتام على رغم أن والدهم على قيد الحياة». ولا تقتصر المعاناة على الأولاد الخمسة، فزوجته تعيش أوجه أخرى من المعاناة والإحباط منذ دخول زوجها سجن الأحساء قبل نحو عامين، بسبب مبلغ مالي قدره 100 ألف ريال كان اقترضه من أحد أقاربه. وتقول: «وظيفة زوجي بسيطة جداً، لذا لا يستطع الوفاء بهذا الدين»، مضيفة: «تعبت من أوجاع الحياة والمسؤولية الكبيرة التي أتحملها منذ دخول زوجي السجن». أما أصعب الأيام التي مرت على زوجة بندر فكانت خلال شهر رمضان «كان أبنائي يسألونني: هل سيأتي أبونا إلى المنزل ليفطر معنا؟ وبعد مضي أيام من الشهر كانوا يسألون: هل سيأتي في العيد؟ فضلاً عن أسئلة كثيرة لم أستطع الجواب عليها». وتقر الزوجة بأن زوجها «أخطأ، ولكنه عاد إلى صوابه واعترف بما فعل ولكن كيف يتم سداد ديونه فالعين بصيرة واليد قصيرة، ولو لدي ذهب أو عقار أو مبلغ لقدمته إلى زوجي، ولكن لا يوجد لدي ما يسد رمق أبنائي الخمسة». وحاولت الزوجة طرق أبواب «أهل الخير» ولكن من دون جدوى. وتتابع سرد معاناتها: «هناك من وعدني ولكن لم يتم شيء». وتستطرد أم بدر في حديثها: «مرت فترات عصيبة، مثل عيد الفطر وافتتاح المدارس وهي أوقات يحتاج فيها الأبناء إلى والدهم، ليس فقط إلى المال بل إلى من يحتضنهم في مثل هذه الظروف»، لافتة إلى أن «زوجي يسألني في كل زيارة عن أبنائي وهو يبكي، ويتمنى رؤيتهم واحتضانهم، ويطلب في كل زيارة صوراً لهم كي يضمها إلى صدره، وفي آخر زيارة له في السجن أخبرني بأنه حفظ عدداً من أجزاء القرآن وأنه محافظ على الصلاة، وأنا ليس لدي سوى الدعاء له بأن يفرج الله محنته وكربه من خلال مساندة أهل الخير والميسورين في هذا البلد الكريم». ويخلو منزل أسرة بندر من المواد الغذائية في كثير من الأوقات، وأحياناً تنقطع عنهم الكهرباء بسبب عدم سداد الفاتورة، ويذهب الأبناء إلى المدرسة من دون مصروف. وتقول أمهم: «قلبي يتفطر من هذه الأوضاع. ولكن من أين أجلب لهم؟ حاولت مرات عدة مساعدة زوجي، وأدعو الله في كل صلاة أن يفك كربه وأن يعود إلى أبنائه الخمسة، كي يعوضهم الحنان الذي فقدوه منذ إيداعه خلف القضبان».