الحديث عن اقتراب الكتل السياسية العراقية من الاتفاق على قانون تنظيم الانتخابات العامة المقررة في 2014 لم ينه جدلاً بدأ مبكراً حول الموعد الذي ستجرى فيه انتخابات العام المقبل لأسباب لا تتعلق فقط بمصير هذا القانون داخل البرلمان الحالي انما بالجدل السياسي القانوني حول التاريخ الذي يفترض ان يحتسب البداية الفعلية للدورة الحالية. ومعلوم ان الانتخابات التي أنتجت البرلمان العراقي الحالي أجريت في السابع من آذار من عام 2010 في حين عقدت اول جلسة في الرابع عشر من حزيران (يونيو) من العام نفسه، وبقيت مفتوحة حتى تشرين الثاني (بعد اكثر من خمسة شهور) ما يشير الى ثغرات للتلاعب بعمر الدورة الحالية بخاصة في ما يتعلق بفقرة الجلسة المفتوحة، بمعنى ان هناك من يدفع باتجاه اعتبار فترة ما بين شهر حزيران وتشرين الثاني (نوفمبر) جلسة واحدة. وبالتزامن مع حديث عن اقتراب الكتل الرئيسة داخل مجلس النواب من حسم الخلافات التي تعترض إقرار قانون الانتخابات العامة يتداول الاقطاب السياسيون خياراً بديلاً يتمثل بتمديد عمل البرلمان لفترة اقلها ستة شهور، بخاصة في حال تأكد اجراء الانتخابات العامة في النصف الثاني من العام المقبل. وتعتقد اطراف على رأسها «القائمة العراقية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي ان تمديد عمل البرلمان سيكون امراً ضرورياً فيما لو كان موعد الاقتراع بعد انتهاء دورة الاربع سنوات وذلك «لضمان عدم تفرد الحكومة بإدارة البلاد»، على ان يكون البرلمان بعد التمديد جهازاً رقابياً فقط. ويقول النائب عن «العراقية» طلال الزوبعي ل «الحياة» إن «بقاء الحكومة اكثر من عمرها مرهون ببقاء البرلمان فلا يمكن التمديد للحكومة من دون ان يكون ذلك للسلطة الاعلى». ويضيف الزوبعي: «اذا لم يقر القانون، يمدد للحكومة والبرلمان على حد سواء، فالسلطة التنفيذية امرها محكوم ببقاء السلطة التشريعية أما ما حصل في عام 2010 عندما بقيت الحكومة تعمل فهو لم يكن تمديداً وسببه حينها تأخير تشكيل الحكومة الجديدة بسبب تفسير المادة الدستورية الخاصة بالكتلة الأكبر». ولا يستبعد الزوبعي ان «يكرر سيناريو تمديد عمل البرلمان كما حصل في اقليم كردستان العراق حتى مع اقرار قانون الانتخابات مرجحاً ان يدخل الملف الامني سبباً في ذلك وعدم قدرة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اجراء الاقتراع بالمواعيد المحددة». وعلى رغم اعتبار المحكمة الدستورية في العراق في تفسير سابق ان الرابع عشر من حزيران هو موعد البدء الفعلي للدورة النيابية الحالية الا ان هناك من يعتقد ان الدورة البرلمانية تنتهي في آذار 2014. اي باحتساب موعد اجراء الانتخابات السابقة (7/3/2010)، ويدعو من يذهب بهذا الاتجاه على اعتبار الفترة من شهري آذار الى حزيران (موعد المصادقة على النتائج) عطلة برلمانية فرضها تأخير المحكمة الدستورية في المصادقة على النتائج مستنداً الى ان عدم اعتبار العملية الانتخابية جزءاً من دورة الاربعة اعوام يعني ضياع مزيد من الوقت بالتقادم وزحف الدورات النيابية واحدة على اخرى. في المقابل لا يخفى حديث المعنيين وجود حراك سياسي يدفع في اتجاه استغلال ثغرة «الجلسة المفتوحة» للتغاضي حتى على تفسير المحكمة الدستورية وبالتالي الذهاب الى اعتبار تشرين الثاني (تاريخ انهاء الجلسة المفتوحة) بداية لعمر الدورة النيابية الحالية. ويقول عضو اللجنة القانونية النيابية لطيف مصطفى ل «الحياة» إن «الرغبة في تأجيل موعد الانتخابات وتمديد عمر البرلمان غير دستورية لكنها موجودة ومن يدفع بها يريدها بالقوة لا بمنطق القانون». ويضيف مصطفى وهو قيادي في حركة (تغيير) الكردية المعارضة للحزبين الكرديين الرئيسيين ان «ما حصل في اقليم كردستان من تمديد للبرلمان عامين مخالفة صريحة للدستور وبالتالي لا يمكن ان يتكرر ذلك في بغداد. هناك من ينتظر استغلال حيلة قانونية تمكن من تمديد البرلمان ستة شهور مع اعتبار ان الفترة ما بين حزيران وتشرين الثاني هي جلسة واحدة». ويؤكد القانوني والنائب السابق وائل عبداللطيف ل «الحياة» ان موعد الانتخابات القادم يجب ان لا يتجاوز نيسان (أبريل) من العام المقبل وفقاً لتفسير المحكمة الدستورية وما جاء في الدستور. ويوضح عبداللطيف الذي كان يشغل مقعداً في لجنة كتابة الدستور الحالي ان «المحكمة الدستورية ذهبت الى اعتبار جلسة حزيران 2010 الاولى في الدورة، وبالتالي فإن موعد الانتخابات يجب ان يكون في نيسان المقبل كحد اقصى على اعتبار ان الدستور العراقي دعا الى اجراء الانتخابات العامة قبل 45 يوماً من انتهاء عمر الدورة البرلمانية القائمة». وتنص المادة 56 من الدستور العراقي: اولاً: تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنواتٍ تقويمية، تبدأ بأول جلسةٍ له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة. ثانياً: يجرى انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسةٍ واربعين يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة. يبقى ان امام البرلمان الحالي وفق الارقام اقل من شهر لحسم قانون الانتخابات فيما لو اراد الالتزام بموعد المحكمة الدستورية حيث يفترض ان ينتهي من اقراره قبل نهاية تشرين الاول المقبل لأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تشترط تسلم القانون الخاص بأي عملية انتخابية قبل ستة شهور من موعد اجراء الاقتراع.