في خطاب أبقى على التهديد العسكري كجزء محوري من الاستراتيجية الأميركية في مقاربة أزمة السلاح الكيماوي في سورية، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما على ضرورة إعطاء فرصة للجهود الديبلوماسية «المشجعة»، لكنه استمر في تسويق خيار الضربة التي «لن تكون وخزة إبرة»، في حال فشل الجهود الديبلوماسية. وفي خطاب من القاعة الشرقية التي أعلن منها مقتل أسامة بن لادن في أيار (مايو) 2011، قال أوباما أنه يريد إعطاء فرصة للجهود الديبلوماسية حول سورية التي تقودها روسيا، داعياً الكونغرس إلى عدم التصويت على الفور على قرار اللجوء إلى القوة في سورية، في انتظار ما ستؤول إليه هذه الجهود. ووضع أوباما أي تحرك في سياق الأمن القومي الأميركي، مشيراً إلى أن «ما حصل لأطفال الغوطتين (قرب دمشق) هو تهديد لأمننا القومي». ولفت إلى خطر ما يجري في سورية على الأمن الإقليمي وحلفاء الولاياتالمتحدة تركيا والأردن وإسرائيل، وقال إن «تنظيم القاعدة يستفيد من الفوضى في سورية». واتهم أوباما مباشرة نظام الرئيس بشار الأسد بتنفيذ الهجوم الكيماوي، قائلاً: «نعلم أن نظام الأسد مسؤول، والمسألة الآن هي معرفة ما إذا كانت الولاياتالمتحدة والأسرة الدولية على استعداد لمواجهة هذا الأمر». وبعدما أكد مجدداً قناعته بأن اللجوء إلى مثل هذه الأسلحة المحظورة بموجب المعاهدات الدولية يشكل أيضاً «خطراً على أمننا» وعلى أمن حلفاء الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط، جدد الرئيس الأميركي القول إنه اتخذ القرار بشن ضربات «محدودة» ضد النظام لمعاقبته وردعه عن شن هجمات جديدة مماثلة. وأوضح أوباما في كلمة استمرت 16 دقيقة، أن أي ضربة أميركية «ستكون محدودة إنما لن تكون وخزة إبرة، وأن قوات الولاياتالمتحدة الأميركية لا تقوم بوخزات إبر». غير أنه أوضح أنها لن تكون على نسق ليبيا في 2011 أو كوسوفو في 1999 ولن تشمل جنوداً على الأرض كما حرب العراق، بل «ستجبر الأسد على التفكير مرتين قبل استخدام السلاح الكيماوي». ورأى أوباما في المسعى الروسي «خطوة مشجعة»، لكنه قال أنه «من المبكر جداً القول ما إذا كان هذا العرض سينجح». وأضاف أن «أي اتفاق يجب أن يضمن التحقق من وفاء نظام الأسد بالتزاماته. لكن هذه المبادرة من الممكن أن تزيل خطر الأسلحة الكيماوية من دون استخدام القوة». وقال: «أعطيت الأمر لجيشنا بالحفاظ على مواقعه الحالية من أجل إبقاء الضغط على الأسد، وليكون جاهزاً للتحرك في حال فشلت الديبلوماسية». وأشار إلى أن وزير الخارجية جون كيري سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف للبحث في مبادرة موسكو وضع السلاح الكيماوي السوري تحت الرقابة الدولية تمهيداً للتخلص منه. كما تعهد بالعمل شخصياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تتسم علاقته معه بالفتور في ظل تراجع العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. ولفت إلى أن الاختراق ليس سوى نتيجة للتهديد باستخدام القوة. وفي مؤشر إضافي إلى أن القوات الأميركية لن تشن ضربات في المدى القريب، أكد أوباما أنه لن يتم استخدام القوة إلى أن يصدر مفتشو الأممالمتحدة تقريرهم حول وقائع الهجوم قرب دمشق. وأشار إلى أنه «حتى ضربة محدودة توجه رسالة إلى الأسد لا يمكن لأي بلد آخر توجيهها» وجدد التزامه بعدم نشر قوات على الأرض رافضاً مقارنة الوضع بالعراق عام 2003، قال: «لا أعتقد أنه يتوجب علينا الإطاحة بديكتاتور آخر بالقوة». وقال متوجهاً إلى الأميركيين الذين سئموا الحملات العسكرية الدامية في الخارج، أنه «لا يمكنهم الاكتفاء بتحويل أنظارهم فيما يتم قتل مدنيين وأطفال أبرياء بالغازات السامة، سواء لأسباب تتعلق بالأمن القومي أو بالمبادئ الأخلاقية». وزاد: «إن مشاهد هذه المجزرة مثيرة للاشمئزاز: رجال ونساء وأطفال ممددون في صفوف، قتلوا بالغازات السامة، وآخرون تخرج الرغوة من أفواههم يحاولون التقاط أنفاسهم، والد يحمل أطفاله القتلى ويتوسل إليهم أن ينهضوا ويسيروا».