يستقطب التلفزيون الإيراني الرسمي في شهر رمضان عدداً كبيراً من المشاهدين. فهو يبث مسلسلات اجتماعية ودينية تستميل الإيرانيين والإيرانيات. ولكن الأمور على غير حالها هذا العام، بعد أن سخّرت إدارة التلفزيون شاشتها لبث حملات الحكومة السياسية المناوئة للمحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في 12 حزيران (يونيو) المنصرم.ويبدو أن جمهور التلفزيون الإيراني الرسمي يقتص من المشرفين عليه. ونقلت وسائل الإعلام، في الأسبوع الماضي، عن عزت الله زرغمي، وهو مدير الإذاعة والتلفزيون، أن نسبة المشاهدين تقلصت 40 في المئة، منذ الانتخابات. وعلى رغم أن مكتب زرغمي نفى صحة التصريح، يرى مراقبون أن نسبة انخفاض جمهور التلفزيون الرسمي الإيراني تفوق الأربعين في المئة. ويبدو أن مأزق التلفزيون الإيراني الرسمي هو وجه من وجوه أزمة الانتخابات الأخيرة المزمنة والمتواصلة، وأن وسائل قمع السلطات حركة المعارضة تبعث الغضب في أوساط ايرانيين كثر، ولا تخمد التوترات. والانتفاضة الأخيرة هي أكثر الانتفاضات دراماتيكية بإيران، منذ نشوء الجمهورية الإسلامية، في 1979. وبعد الانتخابات، أدى التلفزيون الرسمي دوراً كبيراً في قمع المعترضين على نتائج الانتخابات، ووصفهم بال»المشاغبين». وبث التلفزيون الإيراني صور متظاهرين، ودعا المشاهدين الى الإبلاغ عنهم، وكشف أمكنة تخفيهم. وخص التلفزيون الرسمي ساعات طويلة لعرض مشاهد من محاكمة الإصلاحيين، وتعليقات تتهم المعترفين المزعومين بالتواطؤ مع الولاياتالمتحدة على إعداد «ثورة مخملية». وجلي أن عروض محاكمات المعارضين لم تبلغ الهدف المرجو منها. فهي لم تضعف التأييد الشعبي لمير حسين موسوي. وقوضت انباء عن وقوع حوادث اغتصاب وتعذيب في السجون الإيرانية صدقية النظام، وبعثت القلق في أوساط رجال الدين والمحافظين المقربين من الرئيس أحمدي نجاد. ونشرت المعلومات هذه وسائل الإعلام الإصلاحية. ولكن التلفزيون الرسمي تجاهلها، وواصل بث الكلام الرسمي، وتكرار معزوفة أن مشاركة 85 في المئة من الإيرانيين في الاقتراع هي خير دليل على تأييد الشعب النظام الإسلامي. ويرى شمس ما شاء الله الواعظين، وهو متحدث اعلامي باسم «جمعية الدفاع عن حرية الصحافة»، أن الإيرانيين فقدوا ثقتهم في الإذاعة والتلفزيون الإيرانيين جراء تبريرهما سياسات النظام. وشن المدونون الإيرانيون حملة تدعو مواطنيهم الى مقاطعة السلع التي تبث اعلانات الترويج لها على شاشة التلفزيون الرسمي. ويقول رجل أعمال كبير أنه سحب رزمة اعلانات ترويجية من التلفزيون الرسمي هذا الشهر ليقطع عائدات كبيرة يجنيها من بث الإعلانات. فهو يخشى أن يقاطع المشاهدون سلعه إذا روج لها على التلفزيون الرسمي. وطالب محمد رضا شاجريان، وهو مغن تقليدي ذائع الصيت، التلفزيون الرسمي بالامتناع عن بث أغانيه الوطنية للاحتفاء بفوز الرئيس أحمدي نجاد. * مراسلة، عن «فايننشل تايمز» البريطانية، 2/9/2009، إعداد منال نحاس