نفت الحكومة السودانية أمس تقريراً عن تصرفها في عائدات موارد النفط بطريقة غير عادلة مما حرم إقليمجنوب السودان الذي يتمتع بحكم ذاتي من مئات الملايين من الدولارات. وقال مسؤول رئاسي ل «الحياة» إن منظمة «غلوبال ويتنس» على خطأ في إعلانها أن التباين في حصيلة عائدات النفط يعني أن جنوب السودان لا يُعطى حقه من عائدات النفط، مؤكداً أن مسؤولي الجنوب يشاركون في مؤسسات إنتاج النفط وتصديره وتحصيل عائداته، لافتاً إلى أن رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت يشغل منصب نائب رئيس مفوضية النفط كما أن للجنوبيين وزير دولة في وزارة الطاقة وآخر في وزارة المال. واعتبر تقرير المنظمة مضللاً ويثير غباراً في شأن اقتسام الثروة، كما أن المعلومات التي استقتها غير صحيحة و «لا يُستبعد أن يكون وراءه (التقرير) جهات لها أجندة خاصة». لكن وزير شؤون مجلس الوزراء السابق الأمين العام ل «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب باقان اموم أيّد تقر المنظمة واتهم شركاء الحركة في حزب المؤتمر الوطني بإدارة النفط بعيداً عنهم وبلا شفافية، موضحاً أن حركته نبّهت إلى ذلك غير مرّة ولكن الحزب الحاكم «ينفرد بالقرار». «غلوبال ويتنس» وكان ناشطون (رويترز) قالوا أمس الإثنين إنهم وجدوا تناقضات خطيرة في تقارير عن عائدات السودان من النفط قد تعني أن الحكومة السودانية تقتطع مئات الملايين من الدولارات من جنوبها الذي تمزّقه الحرب. وقد يثير ما توصلت اليه مؤسسة «غلوبال ويتنس» التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها عاصفة سياسية في السودان حيث ما زالت العلاقات بين شماله المسلم وجنوبه الذي تقطنه غالبية مسيحية متوترة منذ انتهاء حربهما الأهلية التي استمرت 20 عاماً في 2005. واتفق الجانبان بموجب اتفاق السلام عام 2005 على اقتسام ثروة البلاد النفطية مع حصول الجنوب على نصف العائدات الرسمية من النفط الذي يتم استخراجه من أراضيه. وقالت «غلوبال ويتنس» إنها وجدت أن عائدات بعض حقول النفط التي نشرتها وزارة المال السودانية وهي من بين الأرقام التي استخدمت لحساب نصيب الجنوب من هذه العائدات كانت أقل من عائدات الحقول نفسها والتي نشرتها شركة البترول الوطنية الصينية التي تديرها. ولم يتسن الاتصال بأحد من وزارتي المال أو الطاقة السودانيتين للتعليق في شكل فوري على ذلك. وقالت «غلوبال ويتنس»، وهي جماعة تشن حملات على الصراع والفساد المتصلين بالموارد الطبيعية، إن هذه الدراسة «تثير تساؤلات خطيرة في شأن ما إذا كان يتم اقتسام العائدات بشكل عادل. وجود عدم تطابق بهذا الحجم يمثّل مبالغ مالية ضخمة محتملة». وأبلغت روزي شاربي الناشطة في «غلوبال ويتنس» وكالة «رويترز» في رسالة عبر البريد الالكتروني ان حجم التناقض اختلف من حقل إلى آخر ومن سنة إلى أخرى «ولكنه تقريباً عشرة في المئة». وقال بيان الجماعة إن نقصاً بلغ في مجمله عشرة في المئة منذ 2005 يعني ان «الحكومة الجنوبية سيكون لها أكثر من 600 مليون دولار». وقالت شاربي ل «رويترز» إن هذه النتائج لا تعني بالضرورة أن حكومة الخرطوم تأخذ أموالاً بطريق التحايل من الجنوب. وأضافت: «ربما تكون شركة النفط هي التي تبلغ في الأرقام على الرغم من أن الارقام تأتي من تقريرها السنوي الذي هو نشرة رسمية لشركة حجمها بلايين الدولارات». ويضخ السودان حالياً 500 الف برميل من النفط يومياً معظمه اكتشف في الجنوب. وتأتي هذه النتائج في وقت حساس للسودان الذي يشهد انتخابات عامة في نيسان (ابريل)2010 واستفتاء على استقلال الجنوب في 2011. وأي عودة للصراع سيكون لها تأثير مفجع على السودان والمنطقة المحيطة به. وتشارك «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، المتمردة سابقاً في الجنوب، في الحكومة الائتلافية التي شكلت في الخرطوم بموجب اتفاق السلام. ولكن الحركة اتهمت شريكها الشمالي في الائتلاف وهو حزب المؤتمر الوطني بالتلاعب في الاحصاءات النفطية ولا سيما في المناطق الحدودية المتنازعة. «الحاجة إلى الشفافية» وقال تقرير «غلوبال ويتنس» وعنوانه «تأجيج عدم الثقة - الحاجة إلى الشفافية في صناعة النفط السودانية» إن باحثين وجدوا تناقضاً بنسبة تسعة في المئة بين تقديرات الحكومة وتقديرات الشركة للانتاج في 2007 من حقول 1 و2 و4 السودانية والتي تديرها شركة النيل الأكبر للبترول والتي تقودها شركة البترول الوطنية الصينية. وقالت «غلوبال ويتنس» انه في عام 2005 كان هناك اختلاف بنسبة 26 في المئة بين تقارير الحكومة وشركة البترول الوطنية الصينية لحقول 1 و2 و4 بالاشتراك مع حقل 6 الذي تديره ايضاً الشركة الصينية. ووجدت الدراسة تناقضاً بنسبة 14 في المئة لاحصاءات 2007 من حقلي 3 و7 اللذين تديرهما شركة «بترودار» التي تهيمن عليها شركة البترول الوطنية الصينية. وقالت إنها لم تجد تضارباً ملموساً لحقول النفط في شمال السودان والتي لا يتعين على الخرطوم أن تدفع عائدات منها للجنوب. وقالت «غلوبال ويتنس» إن هناك انعداماً للشفافية في الطريقة التي تخصم بها الحكومة الوطنية السودانية الأموال من عائدات الجنوب لرسوم خطوط الانابيب وتكاليف التسويق.