من مقتلة الغوطتين رجوعاً بالذاكرة المريرة إلى مدينة حلبجة الكرديّة، تباد شعوب بأسلحة دفعت من دمائها كي...تشتريها أصلاً! قبل رُبع قرن، لم يتورّع نظام ديكتاتوري قاده صدام حسين، عن قصف مدنيين بسلاح كيماوي للدمار الشامل هو «غاز الخَردَل»، بدعوى أن هناك في صفوفه من رفع سلاحاً ضد ظلمٍ شامل! وعلميّاً، يشير مصطلح «غاز الخَردَل» Mustard Gas إلى خليط من المواد الكيماوية الاصطناعية ك»سُلفات الخَردَل». وهذه بعض مواصفاته: يتميّز هذا الغاز بأنه نقي، عديم اللون والرائحة. وعندما يمتزج بالمواد الكيماوية الأخرى، يصبح بنيّ اللون، ويكتسب رائحة تشبه رائحة الثوم. يمكن للجسم أن يتشرّب هذه المادة بطرق كثيرة، تشمل الاستنشاق واللمس وابتلاع الطعام أو الشراب الملوث ب «غاز الخَردَل». يتّصف «غاز الخَردَل» بقدرته على التأثير بقوة في أنسجة الجسم، مع إحداث التهابات شديدة فيها. ويمكن أن يسبّب حروقاً وبُثوراً جلديّة خلال أيام قليلة، كما يؤثّر في التنفّس. ويزداد ضرره على الجلد في الأيام الحارة والرطبة وفي المناطق المدارية. كما يسبّب حروقاً في العينين، وتوَرّماً في الأجفان، مع تكرار ترمّش الجفون. ويؤدي استنشاق هذا الغاز إلى السعال والتهاب الرئتين وتخرّشهما، كما يُسبّب مرضاً رئوياً يستمر لمدة طويلة. وربما يودي إلى الموت. ويزداد احتمال الإصابة بالسرطان بعد التعرّض ولو مرّة لهذا الغاز. يؤدي التسمّم الطويل الأمد بغاز الخَردَل إلى الوفاة بسبب الضرر الذي يلحقه بالرئتين وضيق التنفس المزمن. وربما تحدث الوفاة بعد أسبوع من التعرّض للغاز بسبب مضاعفاته الرئوية وتلوث الدم بمكوّناته. ربما تأخر ظهور تأثير التعرُّض للغاز لبضع ساعات. لعل الأعراض الأكثر أهمية التي تلي التعرض للغاز فورياً هي الغثيان، التقيؤ، والتجشّؤ مع الشعور بالغثيان، تخرّش العينين وهطول الدموع. في حال التعرّض لكميات كبيرة منه، تظهر أعراض أكثر قوة مثل التشنّجات التي تشمل عضلات الجسم (تُشبه الإصابة بنوبة صرع)، ويلي هذا دخول المريض في سبات عميق ربما ينتهي إلى الموت خلال الساعة التي تلي دخول الغاز إلى الجسم. بعد 2 – 6 ساعات من التعرُّض للغاز، تلاحظ أعراض مثل الغثيان، والإنهاك، والصداع، والتهاب العيون مع آلام شديدة فيها، وكثرة الدموع، وتورم الأجفان، وعدم تحمّل الضوء، واحمرار الوجه والعنق، وآلام في الحلق، وتسارع النبض وغيرها. بعد فترة تتراوح بين 6 و24 ساعة، تزداد شدّة الأعراض السابقة، وتترافق مع التهابات في الجلد، وتشكّل البثور في المناطق الدافئة من البدن مثل باطن الفخذين. وبعد 24 ساعة من التعرّض للغاز، تزداد حال المريض سوءاً، وتزداد البثور حجماً. ثم تبدأ نوبات السعال مع طرح بلغم كثيف، وحكّة شديدة في الجلد.