الخراج مشكلة شائعة قد يصاب بها أي شخص، وهي عبارة عن عدوى موضعية تأخذ شكل كيس موضعي، وتؤدي هذه العدوى الموضعية الى تكون القيح (الصديد) الذي ينتج من الاصطدام الحاصل بين الجرثومة المسببة وكريات الدم البيض، وهذا القيح قد يبقى في مكانه أو قد ينفجر لتنتشر مخلفاته الى أماكن أخرى. ويمكن الخراج أن يتشكل في أي موقع في الجسم، غير أن أهم المناطق التي يحصل فيها هي الأنسجة تحت الجلد، والأنسجة الرخوة والدهنية، والثدي عند النساء، وجذور الأسنان. ولا تسلم الأعضاء الداخلية من حدوث الخراجات. واذا كان الخراج سطحياً تكون المظاهر على شكل تورم موضعي صلب، واحمرار، وألم، مع سخونة في المنطقة المصابة، ويتم تشخيص الخراج السطحي بسهولة. أما في حال كان في منطقة عميقة كالرئة والكبد والمستقيم فيشكو المصاب من الحمى والقشعريرة والتعرق الليلي والتعب والإنهاك، والتشخيص هنا يتطلب فحوصاً مكثفة مثل التصوير بالأمواج فوق الصوتية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، إضافة الى عدد من الفحوص المخبرية. وفي ما يأتي لمحة عن أهم الخراجات: خراج اللثة: وفي هذا النوع من الخراج يتكوم القيح داخل اللثة. المريض المصاب به غالباً ما يستيقظ من نومه ليكتشف فجأة أن وجنته متورمة، ولثته حمراء، ويعاني من الألم النابض الذي يزداد حدة مع مرور الوقت. والصورة السريرية المذكورة أعلاه قد تحصل لأي شخص، ولا فائدة من الانتظار من دون عمل أي شيء، لأن خراج اللثة ملحاح لا يغادر صاحبه اذا لم يتم تفجيره، وطبعاً يجب الحذر من القيام بهذه الخطوة بدافع ذاتي، لأن هذا السلوك قد يساهم في توسيع دائرة الالتهاب وزيارة الطين بلة. إن أهم شيء يجب عمله هو مراجعة طبيب الأسنان الذي يعمل على إفراغ القيح لتسريع الشفاء من الخراج ووصف المضاد الحيوي المناسب. قد يفكر البعض بتناول مضاد حيوي ظناً منه أن هذا قد يكفي، ولكن هيهات أن يكون الأمر كذلك، اذ لا يلبث الخراج ان يعود مجدداً بعد التوقف عن العلاج. ان ترك الخراج بلا علاج يفتح الباب أمام ظهور بعض الاختلاطات الخطرة، مثل الكيسة السنية، والتهاب العظم والنقي، وجلطة الجيب الوريدي، والتهاب الجيب الفكي، وخناق لودفيغ الذي ينتشر فيه الالتهاب الى أرضية الفم مسبباً تورماً وألماً عنيفاً تحت اللسان والعنق، وقد يشكو المصاب من ضيق في التنفس. خراج الجلد والنسيج تحت الجلد: وتمكن رؤية هذا النوع من الخراج في أي بقعة من الجلد، إلا أن أكثر المناطق التي تصاب به هي المشعرة منها ومناطق الاحتكاك، مثل الألية والإبط وفروة الرأس، وتكون الآفة على شكل تورم أحمر ملتهب يتحول الى حويصلة ومن ثم الى بثرة، ومع زيادة تجمع الصديد لا يسعه سوى الخروج من خلال فتحة الى سطح الجلد. وسبب الخراج الجلدي هو العدوى الجرثومية، وما يساعد على الإصابة به بعض العوامل التي تضعف المنظومة المناعية في الجسم مثل نقص التغذية، والداء السكري، وبعض أمراض الدم. يتم علاج الخراج بشقه جراحياً لإفراغه من القيح ولتبديد الألم، ويصف الطبيب المضادات الحيوية موضعياً للقضاء على الميكروبة المسببة ومنع انتشار الالتهاب الى مناطق أخرى، وقد يتطلب الأمر أخذ عينة من مكان الخراج من أجل كشف هوية الجرثومة المسببة. خراج الثدي: وهناك نوعان منه: الأول خراج الثدي الرضاعي، والخراج المحاذي للحلمة. والنوع الأول يحدث نتيجة تسرب الجراثيم الى الحليب المتجمع في إحدى القنوات اللبنية الناقلة له بسبب انسدادها، ويمكن أن يحدث مثل هذا النوع في أي منطقة من ثدي المرضع، وفي البداية يحدث التهاب جرثومي فتعاني المريضة من احمرار وسخونة وألم موضعي. وقد تظهر بعض العوارض البدنية مثل الصداع والحمى والغثيان والتقيؤ، وفي حال التأخر في علاج الالتهاب المذكور، فإنه يتطور الى خراج الثدي الذي يبدو على هيئة تورم صلب مؤلم. أما النوع الثاني، أي الخراج المحاذي للحلمة، فينتج من عدوى جرثومية ثانوية للإفرازات المتجمعة في إحدى قنوات اللبن المتوسعة أو في إحدى كيسات الثدي، وعادة ما يحصل هذا الأمر في جوار الحلمة لدى النساء في أواسط العمر. يتم علاج خراج الثدي في البداية بإعطاء المضادات الحيوية، واذا لم يتراجع الالتهاب يتم شق جراحي بسيط فوق المنطقة الملتهبة لإخراج القيح المتكوم. - خراج الرئة: يطاول الخراج الرئة اليمنى أكثر من اليسرى لأسباب تشريحية بحتة، وقد يكون الخراج يتيماً أو بالجملة. وهناك أسباب تقود الى تشكل الخراج في قلب النسيج الرئوي لعل من أكثرها شيوعاً استنشاق التقيؤات، أو العدوى الميكروبية من طريق المجاري التنفسية العلوية، ولكن توجد أسباب ثانوية للخراجة الرئوية من بينها: الإصابة بالجلطة الرئوية. الرضوض المباشرة على الرئة. التهابات الرئة خصوصاً داء السل الرئوي. انسداد الشعب الرئوية بأجسام أجنبية أو بورم ما في الرئة. التدخين ونقص التغذية. ويفصح خراج الرئة عن وجوده بعوارض وعلامات مثل السعال والبلغم ذي الرائحة الكريهة وألم الصدر والحمى ووجع الرأس والتعب والهزال وفقدان الوزن. ويقوم تشخيص خراجة الرئة بناء على الفحص السريري، والفحص الشعاعي، وبعض التحاليل المخبرية، وأحياناً قد يتطلب الأمر إجراء التنظير القصبي. يتم علاج خراجة الرئة بالتدخل الطبي المحافظ الذي يعتمد على وصف المضادات الحيوية ودعم المصاب بالتغذية المناسبة، واذا لم تتراجع الخراجة، فلا مفر من الاستعانة بمبضع الجراح خوفاً من حصول التسمم وربما الوفاة. خراج الكبد: ان خراج الكبد الجرثومي غالباً ما ينتج من ميكروبة مهاجرة من بؤرة التهابية في الأمعاء أو إثر التهاب القنوات الصفراوية والتضيقات الحاصلة فيها، أو عقب الإصابة بتجرثم الدم. والكهول هم من بين أكثر المصابين به. وفي نصف الحالات يكون الخراج وحيداً، وفي النصف الباقي تظهر خراجات متعددة. ويتموضع الخراج في الجزء الأيمن من الكبد عادة. وتكون البداية في خراج الكبد مخاتلة خفية في معظم الحالات، وتتجلى المظاهر السريرية بالألم في الربع العلوي الأيمن من البطن، والحمى، والتعرق، والنحول، والإعياء الشديد، وقد يظهر اليرقان (ابو صفير). يتم تشخيص الخراج الكبدي بالتحريات المخبرية والشعاعية، وبعد تأكيد التشخيص يتم إفراغ الصديد بالمنظار ومن ثم يباشر بإعطاء المضادات الحيوية المناسبة بعد اتمام عملية الزرع للكشف عن الميكروبة المسببة. الخراجات حول الشرج: تتطور هذه الخراجات بين المصرة الشرجية الداخلية والمصرة الشرجية الخارجية، وتحصل عادة إثر عدوى الغدد الشرجية بالميكروبات المتعايشة في القولون، ويعاني المصاب من وجع عنيف حول الشرج، والحمى والنزف القيحي. أما علاج الخراج حول الشرج فهو جراحي صرف. [email protected]