اتفق مديرو 27 مصرفاً مركزياًً من الدول الصناعية الكبرى في بنك التسويات الدولية في بازل (شمال سويسرا)، على الإجراءات الواجب اتباعها لمراقبة أداء المصارف، حرصاً على عدم انهيارها لدى حصول أزمات مال مثل التي يعاني منها العالم حالياً. وتتضمن الإجراءات وضع تصور لاحتمالات الأزمات الاقتصادية والمالية المتوقعة، بناء على المعطيات المتوافرة عن حجم السيولة النقدية وتدفق رؤوس الأموال والاستثمارات ومؤشرات التداول في أسواق المال العالمية. جاء التوافق ثمرة الاجتماعات التي عقدها وزراء مال مجموعة العشرين نهاية الأسبوع الماضي في لندن، وأسفرت عن توصيات في شأن المكافآت المصرفية ورفضٍ للتدخل الحكومي في شؤون المصارف تاركين الأمر إلى السلطات النقدية المتمثلة بالمصارف المركزية، وإلى بنك التسويات الدولية، في اتجاه نحو التشدد في معايير «بازل - 2» بلوغاً إلى «بازل – 3». وتوافق حكام المصارف المركزية للدول الكبرى، على ضرورة دفع المؤسسات المصرفية إلى زيادة مستوى رأس المال الاحتياطي لديها لتصبح أكثر صلابة في مواجهة الأزمات والأخطار الناجمة عن تقلبات السوق. ويؤخذ على الاتفاق الذي أعلن عنه مساء الأحد الماضي، أنه لم يحدد جدولاً زمنياً لتنفيذه في حين تؤكد مصادر مطلعة ل «الحياة» أن الباقة المتكاملة لكل التوصيات والقرارات ذات الصلة ستكون جاهزة للتطبيق من بداية 2010، لكن المصارف ستطبقها خلال السنة المقبلة تدريجاً بحسب كفاءة المصارف. ويتوقع، بحسب خبراء استطلعت «الحياة» آراءهم، أن يضم الاتفاق معايير دولية جديدة لنظام مراقبة أداء المصارف، تواجه بها المصارف تداعيات الأزمة المالية، يمكن أن توصف بأنها «تطبيق للدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية». ويتوقع أيضاً أن تتضمن تلك الإجراءات، ويحتمل أن تصبح إجبارية، التزام المصارف بالشفافية التامة في تعاملاتها الاستثمارية وصفقاتها. ويؤكد رئيس لجنة بازل نوت فيللينك أن الإجراءات الجديدة «ستدعم ضمان حصول المصارف على رأس مال أعلى من خلال الأصول وليس من الاستثمارات الخارجية، وتدعم أيضاً حركة السيولة النقدية لضمان مرونة التعاملات، ما يقلل نسبة الديون». وبحسب رأي المحللين، ينتظر أن تؤدي تلك الإجراءات إلى التخلص التدريجي من مؤسسات المال الضعيفة أو تلك التي تعتمد على مزاولة أنشطتها في الظل من طريق الوساطة. كما تقلل من فرص المعاملات المالية ذات معدلات الأخطار العالية أو غير المضمونة لأن الخسائر ستلتهم تدريجاً فائض احتياط المصرف، ما يهدد استمراره في السوق. ويحتمل أن تتغير خريطة المصارف في العالم بناء على تلك الإجراءات الصارمة، التي من الواضح أن يخضع تطبيقها لرقابة بنك التسويات الدولية، بحيث لن يكون البقاء في سوق مؤسسات المال والمصارف إلا للأقوى والأكثر ملاءةً وقدرة على مواجهة الأزمات.